العدد 4140 - الإثنين 06 يناير 2014م الموافق 04 ربيع الاول 1435هـ

تغليب الانتماءات الفرعية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

بينما كان العالم العربي منشغلاً بثورات وانتفاضات واحتجاجات الربيع العربي في 2011، كانت إحدى دوله، وهي السودان، تنفصل إلى قسمين... ففي (9 يوليو/ تموز2011) تأسست جمهورية جنوب السودان، التي تكوَّنت من نحو ثلث مساحة السودان سابقاً، وشملت نحو 8 ملايين نسمة من مجموع 40 مليوناً تقريباً.

تأسست الجمهورية الجديدة بعد استفتاءٍ شعبيٍّ لسكان جنوب السودان، وصوَّت قرابة 99 في المئة منهم لصالح إقامة دولة جديدة منفصلة عن السودان، وذلك لأن الاختلاف بين الجنوب والشمال كان يشمل الديانة والثقافة، إذ إن أكثرية الجنوبيين أرواحيون (معتقدات محلية) أو مسيحيون، كما أن لديهم أكثر من 60 لغة محلية، وتعتبر اللغة الإنجليزية اللغة الرسمية بدلاً من العربية، والموقع الجغرافي أقرب إلى أوغندا وكينيا منه إلى العالم العربي، وغيرها من الفروقات التي أقنعت سكان الجنوب بأنهم أمَّة منفصلة عن الشمال.

سارت أمور التأسيس على ما يرام، وذلك لأن الجنوب لديه ثالث أكبر احتياطي للنفط في تلك المنطقة الإفريقية، وهناك الكثير مما تحتاج إليه الدولة الجديدة لتشييد بنيتها التحتية التي لا تكاد تكون موجودة من الأساس.

لكنَّ السياسة تعني الاختلاف، والسياسة الناجحة تعني القدرة على إدارة ذلك الاختلاف بطريقة سلمية ومن خلال إطار وطني جامع.

انتبه رئيس جنوب السودان سلفا كير إلى أنّ الانتخابات المقبلة قرُبت (في العام 2015)، وأنَّ شعبية نائبه السابق رياك مشار في ازدياد، وأن الرئاسة المستقبلية ربما ستكون له، فسارع إلى عزله قبل عدة شهور، وعزل أيضاً كل المحيطين بمشار، وذلك ضمن الاستعدادات للانتخابات المقبلة.

لكن جنوب السودان لايزال بلداً قائماً على «انتماءات فرعية» أساساً، وعزلُ نائب الرئيس ربما كان لسببٍ سياسيٍّ، إلا أنّ رياك مشار ينتمي أيضاً إلى ثاني أكبر قبيلة في الجنوب (قبيلة النوير)، بينما ينتمي الرئيس سلفا كير إلى قبيلة الدينكا. كما أن الجيش ليست لديه عقيدة وطنية جامعة، ولذلك سرعان ما تحوَّل الخلاف السياسي إلى خلاف بين القبائل، بعد أن لجأ كل طرف إلى تحريك الانتماءات الفرعية التي أثبتت أنها أقوى من الانتماء إلى الوطن.

جنوب السودان يعاني من مشكلة تغليب الانتماءات الفرعية (مثل القبلية والعرقية والطائفية والمناطقية) على الانتماء إلى الوطن، ولعل جنوب السودان ليس الوحيد المبتلى بمثل هذه الآفة التي تفتِّتُ المجتمعات وتحوِّل الدولة الوطنية إلى كيانات قبلية وطائفية وعرقية تتنازع على أساس انتماءات قديمة لا تستطيع أن تواكب متطلبات الدولة الحديثة المستقلة ذات السيادة الوطنية على أراضيها.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4140 - الإثنين 06 يناير 2014م الموافق 04 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 5:45 ص

      الولاء للقبيلة فوق الولاء للوطن.

      هذه هي المشكلة، اذا كان ولاء القائد لقبيلته وليس لوطنة، فتبدأ الامتيازات والإقصاء للاطراف الاخرى وهذه شر البلية

    • زائر 2 | 11:20 م

      لعل حسن تقبل البشير لانفصال الجنوب

      وتعامله الاخوى ابناء الجنوب ساعد فى وجود هاذا الدور للبشير وفعلا اين سيذهب الجنوب لو انفصل سيطير وهذا درس فى احترام الناس وتقدير ظروفهم

    • زائر 1 | 10:21 م

      كلنا في الهم واحد

      من يرأس الدولة هو المسؤول في اي مكان يا يعمر يا يدمر ولكم بحكمة مانديلا في جنوب افريقيا

اقرأ ايضاً