في حياتي تعاملت مع الشرطة في العديد من البلدان والمواقف، وتبين لي أن الشرطي ليس سيئاً بطبعه، لكنه يتصرف حسب التربية والتدريب الذي يؤهله ليكون شرطياً، وحسب النظام السياسي، وطبيعة المجتمع الذي يعمل فيه.
أول تعامل مباشر لي مع الشرطة في مركز شرطة الخميس حيث اعتقلت في الستينيات، وكان الشرطي المكلف بأخذ إفادتي شرطياً يمنياً، وقد هدّدني لفظياً على الأقل.
في إحدى المرات كنت برفقة الصديق عبدالجليل النعيمي في بروكسل، وكنا نبحث عن منزل المرحوم المناضل البحريني المنفي في بلجيكا مدان، ولم نهتدِ للمنزل، ومرت سيارة ملونة، فأشرنا على سائقها وتوقف، وشرحنا له ما نحن فيه من حيرة، فما كان منه إلا أن طمأننا وأبرز لنا بطاقة بأنه شرطي، وتطوّع بإيصالنا إلى العنوان المطلوب، وأعطانا عنوان استعلامات الشرطة للمستقبل.
في إحدى المرات كنت في باريس أبحث عن السفارة اليونانية للحصول على فيزا قبل إدخال نظام «الشينجن»، فذهبت إلى شرطي وسألته: أين السفارة اليونانية؟ فرفع يده بالتحية قائلاً: صباح الخير أيها المواطن (Bonjour Cition) وهو تقليد متّبع منذ نجاح الثورة الفرنسية في 1732، ثم رافقني حتى السفارة اليونانية.
وفي إحدى المرات ذهبت مساء الأحد إلى محطة قطار جنيف (كورنوفان) بحثاً عن طعام، لأن معظم المطاعم مقفلة، ورأيت مكتباً أنيقاً مفتوحاً فدخلته، وسألت الشخص الجالس وراء الطاولة: أين يمكن أن أجد مطعماً شرقياً مفتوحاً؟ فعرّف نفسه بأنه شرطي، وأن هذا مركز شرطة. فقلت له: «آسف»، لكنه ردّ بقوله: لا مشكلة. وأخذ يبحث في الدليل السياحي لجنيف ليهديني إلى مطعم مناسب، وقال: «من الصعب عليك الوصول إليه إلا بالتاكسي، وسيارات التاكسي اليوم قليلة». وتطوّع بإيصالي إلى المطعم.
وفي آخر زيارة لي إلى جنيف، ذهبت إلى مكان للغسيل الذاتي للملابس، فإذا بمخمورٍ يشرب الراح، ومسجّل الكاسيت على آخره، وكان يتحرّش بكل من يدخل، فذهبت إلى مركز الشرطة القريب ورافقتهم إلى المحل. تصوّروا ماذا عملوا: لم يضربوه ولم ينهروه! أخرجوه بكل لطف خارج المكان وأخذوه إلى حديقة قريبة.
هذا عندهم... فما عندنا؟
من صفعة الشرطية لمحمد بوعزيزي في تونس، إلى تعذيب خالد سعيد في الإسكندرية حتى الموت، إلى صفعة الشرطي للمواطن البحريني التي انتشر تسجيلها بالفيديو... وهذا هو الأهون، لأن هناك آلاف القصص حول قيام الشرطة العربية باغتصاب الرجال والنساء والأولاد، وممارسة التعذيب حتى الموت، وسحل النساء وتعريتهن في الشارع، والكثير الكثير.
ليس مفيداً تثقيف الشرطة إذا ما حدث تغيير كامل أو جذري في النظام السياسي لأي بلد عربي. المطلوب حلّ الشرطة، وتأهيل شباب وشابات جدد من أبناء الشعب خصوصاً الذين تأصلوا وعانوا من عسف الشرطة. قد يقول قائل، سيكون هناك فراغ مؤقت لحفظ الأمن... لكن من التجربة، ثبت أنه عندما تتنحى الشرطة العربية من الفضاء العام لسبب ما، مثل الانتفاضات والاعتصامات، كما حدث في عدد من الساحات العربية، يتطوّع الناس لحفظ الأمن والنظام وتنظيم السير، وتنعدم الجرائم تقريباً. هل أنا أحلم؟
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4139 - الأحد 05 يناير 2014م الموافق 03 ربيع الاول 1435هـ
الشرطه عندنا
الشرطه عندنا مدربه على الخوف من المواطن و الشك فيه و النظر اليه انه متهم
خبرك عتيق
خبرك عتيق يا استاذ منصور . صار عندنا تطور في الشرطه ما يحصل الا في بلد واحد اسمه البحرين . لان الاعتقال الى المحاكمه يشترك فيها جنسيات مختلفه فيعتقلك يماني ويقتادك الى السيارة الذي يسوقها سوري ويحقق معك اردني ثم ياخذونك الى السجن لتتلقى وجبات التعذيب على يد باكستاني ثم الى القاضي.. ليحكم عليك
بلاش تأليب المواجع يا أبو منصور
المقارنة ليست فس شرطتهم وشرطتنا، بل يمكن سحبها على كل شيئ تقريبا، وزرائهم ووزرائنا، وحكوماتهم وحكوماتنا، وصحافتهم وصحافتنا، ومواصلاتهم ومواصلاتنا، وبلدياتهم وبلدياتنا، ودستورهم ودستورنا، وقانونهم وقانوننا، فلا توجد مقارنة البتة.
وعودا على بدء، هي العقيدة الأمنية المزروعة في عناصر الشرطة عندهم وعندنا، هناك العقيدة أن الشرطة في خدمة ولخدمة الشعب وهنا الشرطة في خدمة ولخدمة الحكم ضد الشعب.
تحياتي لك
الشرطة في العالم العربي لسلب الامن وليست لحفظه
كلمة الامن التي اوجعت رأسنا بها الانظمة العربية يقصد بها امن الانظمة اي امن المتسلطين بالقوة على رقاب الناس ولا تعني بالمرة امن المواطن الذي غالبا ما يكون هدفا لسلب امنه وامن اهله اذا فتح فاه مطالبا بحقه
فعلا أنت تحلم
استمع الى خطباء المساجد والذين يرتقب منهم نشر المحبة والفضيلة والتسامح بين الناس كيف هو سلوكهم فماذا تنتظر من الشرطي ؟
آه ياقلبي
عورني قلبي حرام عليك ياليتني ما قريت المقال
الجواب
جواب على سؤالك .. نعم تحلم
وزير خارجية خليجي
يحضرني ما قاله وزير خارجية عربي
تمكنا من ازالة جدار الحاجز بيننا والناس وصصرنا نشاهدهم عبر الزجاج ونسعى الى كسره.؟؟؟
الخوف و عدمه
فى أى مجتمع ينتشر فيه أجواء الخوف ينشغل العقل فى الإلتفاف على الوضع و البقاء سالما معافا بعيدا عن المشاكل و التحايل على الأمور لحصول ما يريده . فى أجواء الحرية ينطلق العقل ليبدع و يطور. هكذا يتطورون و غيرهم يتأخرون.