لم نعد نعرف ما الذي سيأتي به الغد بعد؟ لقد انقلبت الأمور رأساً على عقب، وبتنا نتوقع أي شيء وفي أي وقت، كمن يعيش على فوهة البركان، والبراكين التي حولنا كثيرة، ومنها السياسي والاجتماعي والثقافي، وكل هذه الأنواع منقلبة على رأسها.
وكما تتغير السياسات في البلدان والرؤساء، وتنتصر أحزاب، وتُخذل بعضها، وكل ذلك اعتماداً على مصادر القوة التي تدعم هذه أو تلك،
نرى بلاداً عظيمة مثل مصر بعدد شعبها الذي سيقارب المئة مليون نسمة، ومع الأسف، لا تجد حكيماً يحكمها، وهي تتأرجح ما بين حكم العسكر والإسلاميين، ويعقبها الانفصال الفظيع، والذي حدث بين الشعب الواحد وبطريقة غريبة، ولم يشهد لها التاريخ مثيلاً، والإثنان من دينٍ واحد، والأغرب من مذهبٍ واحد.
يتناحرون ويُكفِّرون، ويقاتلون بعضهم البعض، وكأننا في بداية نشر الدعوة الإسلامية، ولكن دون نبي واضح، أو حاكم عاقل يحكم هذا الشعب المسكين، والذي ضحى بالغالي والنفيس ليصل بعدها إلى طريقٍ مسدود، بما يثير الشفقة والحزن والاشمئزاز من المجرمين والعصابات من المرتزقة والعهد القديم، والتي باتت تحاول تدمير البلاد.
ولازال الآخرون في تونس وليبيا واليمن وسورية، الأكبر في نكبتها، يحاولون تثبيت الثورة، ولولا الأيدي الخفية الجبانة، والتي تلعب هنا وهناك، لما تخبّطت هذه الثورات لهذه الدرجة.
ولكنني أعتقد أنه لازال هنالك مُتسعٌ من الوقت لتكملة النضال، والمشوار طويل لوضع البلاد على الطريق المستقيم، ولكن مهما تأخر الوقت أو صعب المخاض، الذي تعانيه بلداننا، يكفينا التوعية السياسية والدروس التي أخذتها الشعوب للنضال والخوض في مثل هذه التجربة الفريدة.
وأنه باعتقادي لا يجوز أن تصل التفرقة بين أبناء الدين الواحد من أجل الوصول إلى الحكم بهذه الشدة والقسوة، والأحكام الجائرة وفي فترة زمنية قصيرة، لتجريم هذا أو ذاك، بأي حالٍ من الأحوال، وما يحدث اليوم لهو ضرب من الخيال الموجع.
ولكن يبدو أن هذا بات موضة العصر، والورقة الغالبة في نهاية الأمر، والموجة التي يلعب عليها الموتورون والمتمصلحون من ذات الشعب، ومن الدول الاستعمارية، والتي وإن خرجت من بلداننا العربية إلا أنها لم تخرج دون أن تترك لها ذيلاً لحيَّةٍ ذات سُمٍّ زعاف قاتل، وعناصر يجلسون على فوهة المدفع، وعلى استعدادٍ لأي أوامر تصدر من هذه الجهات للتخريب وهدم البلاد على العباد في سبيل الملايين من الثروات يقبضونها بأيادٍ ملطخةٍ بدم الأبرياء والشهداء من كلا الطرفين، والتي تفوق الخيال، وبمشاعر وقلوبٍ من حجر في القتل والنهب والتهجير. ولقد أدرك المستعمر القديم أن عمليات الاستعمار للدول قد انتهت وولّى عهدها، وعادت بصورةٍ أكثر ضراوة، وهي عمليات التفرقة بين الشعوب واستغلال أهم الأركان الدينية والعرقية في حياتهم، وإنها الطريقة المثلى لابتزاز ثرواتنا والسيطرة على منابعها.
ليس هذا فحسب، بل الأحسن والأكثر مردوداً، ولسنواتٍ قادمة، هو ضربهم مع بعضهم البعض كي يتقاتلوا ويستنزفوا ثرواتهم بأيديهم، ويؤجلوا بهذه التناحرات كل أنواع التقدم والإنتاج والنمو في المجالات الإنسانية كافة من الاختراعات والأمور المعيشية الأخرى، وجعلهم أسواقاً نشطة لبيع كل الأسلحة الفتاكة اللازمة لمحاربة بعضهم البعض، ولاستهلاك منتوجاتهم لتركيعهم أبد الدهر للولاء المادي والاستهلاكي الرخيص، وعلى حساب شعوبنا، ولمصالحهم الخاصة، وتشغيل مصانعهم والأيدي العاملة، ودون أن ينتبه القادة إلى استنزاف هذه الشعوب المغلوبة على أمرها، وتشييد أعتى الجيوش لمحاربتهم، ومن المشاركة في النهوض والكفاح من أجل حياةٍ وحريةٍ أفضل.
ويخجل الإنسان حينما يرى أنه لا يوجد من يُنبِّه أو ينتبه إلى تلك الحلقة المفقودة في هذه المعمعة الإنسانية، والتي ضاع فيها الجاهلون، مثلما ضاع فيها المثقفون والإعلاميون؛ لتحذير الشعوب من اللعبة الكبيرة، والتي تُستعمل للفتك بالثروات.
إن الدول العربية مع الأسف الشديد، وبعد كل هذه الثروات والثورات، لا زالت نائمة في العسل، والبعض يأخذ طرَفاً مع هذا وذاك، وكل ذلك للمساهمة في إفشال الحراك وثورات الربيع العربي، والذي كان بمثابة بارقة الأمل الوحيدة، التي كادت أن تُحيي المنطقة وتساعد في بدء نهضتها المتأزمة والغائبة عن الحضارة العالمية اليقظة بكل مواصفاتها.
ولكن بالرغم من هذا وذاك، وحراكها الذي لازال يحبو، فإن قيام أبنائنا بالمحاولة للتغيير، كان مثار إعجاب العالم، والذي أثبت ولأول مرة، أن هنالك شعباً ثائراً يريد أن ينتصر على الطغيان، ولن يرضى بالذل والخنوع، ولقد أصبحت ثورته هذه تُدرَّس في الجامعات العالمية كنوعٍ مبتكر من الثورات السلمية، والتي تمكّنت بإصرارها من الإطاحة بأعتى الزعماء في العالم.
إنها هي البداية الحقيقية للحراك الإنساني المميز، والذي به يأتي ذلك اليوم الذي سينتصر فيه الحق على الباطل والظلم، ومهما طال أمد الزمان ومهما توجع الإنسان، فالطبيعة الحقة لن تخذل من يُضحّي من أجل الوصول إلى الهدف الحق من العزة والكرامة، والعيش بالقوانين العصرية الحديثة.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4138 - السبت 04 يناير 2014م الموافق 02 ربيع الاول 1435هـ
القاده والخذلان
القاده هم السبب في تأخر هذه الامه بسبب عدم فهم ادوارهم واعتقادهم ان الُملك دائم وهو لهم ليتمتعوا به اين سيذهبون من حساب الله والضمير حينما يُسؤلون كيف وماذا اعطيتم
القول الحق
متى سيأتي اليوم الذي ننتظره وتتفتح الاذهان للاخطر القادمه لهذه الامه ورؤساؤها الله كريم مقال جميل وكله اهداف حقيقيه ومتوازنه
مقال جميل
لعل القاده العرب يعوون يوماً في كيفية تسيير الامور الحياتيه في بلدانهم لا ن الثروه ستنضب يوماً ولن يتبقى سوى الهواء كي ينهلوا منه
النتيجة:
تتكرر مشاكل الإنسان جيلا بعد جيل. تتكر نفس القضايا على الإنسان مرة بعد أخرى و لا يتعظ. يقرأ التاريخ ولايتعظ. يتصورنفسه خالداوبمأمن من كل ما حصل للآخرين. جهل مطبق و فكر مغلق و أنانية ليس لها حدود. إن التغييريأتى بتغيير طريقة التفكير. الإنسان لم يصل بعدالى فكرة التغيير. ستبتلى مصر بدكتاتور جديد و سينتخب مرة بعد أخرى كرئيس و تكون له شلة خاصة و بعد ثلاثين عاما سيبدأ المشوار من جديد. فقط إدرسوا الإنقلابات فى أى بلد من بلدان العالم أو ما تسمى بالإنتخابات فى البلدان التى تدعى الديموقراطية. تكرارالمكرر.