في 11 ديسمبر/ كانون الأول 2012 وفي يوم الثلثاء في جلسة مجلس النواب، وقف النائب حسن الدوسري ليصرخ في تلك الجلسة ويعلنها مدوية «حوار المنامة»... «حوار فاشل»، لأنه من وجهة نظره في ذلك الوقت تجاهل «ممثلي الشعب» للمرة الثانية ولم يدعُهم لحضوره.

ولأن منظمي «حوار المنامة» 2013 أيضاً لم يدعُ «ممثلي الشعب» لحضور المنتدى التاسع، فلا أعتقد أن النائب الدوسري قد غير رأيه، من وصف للمنتدى بـ «الفشل».

فشل «حوار المنامة» من منظور نائب برلماني بحريني، مرتبط بدعوته لحضوره هذا المنتدى، وفي حال عدم حضوره، فهو «فاشل»، لأن في حضور «ممثلي الشعب» ستكون هناك القيمة النوعية والمضافة والمذاق المختلف الذي سيغير من نكهة المنتدى الأمني الذي تحضره قيادات سياسية وعسكرية عالمية، لما يكتنزه النواب البحرينيون من حكمة، فطنة، وعي، وقراءة سياسية عميقة لمجريات ومتغيرات الساحة السياسية الدولية فضلاً عن الإقليمية.

النواب عادة ما يهاجمون وينتقدون ويسقطون أية دعوة ومحفل لا يعطيهم قيمة، ووزناً، ولا يعترف بوجودهم، ولا يقدر لهم مكانة.

صمت النواب، ولم يعودوا للحديث عن «فشل حوار المنامة»، وخصوصاً أن الدوسري وزملاءه كالعادة لم يدعوا إلى «حوار المنامة» 2012 وما قبله. لماذا لم يهاجم الدوسري أو غيره من النواب «حوار المنامة» الأخير، ولماذا هاجمه في 2012؟ هنا يكمن السؤال.

«حوار المنامة» الأخير، لم يتطرق بشكل مباشر لما يحدث في البحرين، لم يكن فيه ما «ينكد عليهم» يشعرهم بالخوف من «الاستبعاد» و «التهميش» أو ما يسمونه بـ «الإقصاء»، لم تكن فيه دعوة لحوار جاد وحقيقي يخرج البلد مما هو فيه.

في العام 2012، وبعد أن استمع/ فهم العالم دعوة سمو ولي العهد للحوار من خلال منتدى «حوار المنامة»، على أنها دعوة واضحة للمعارضة إلى الخروج من الأزمة الخانقة، شُنّ هجومٌ كبيرٌ جداً على سموه، وعلى القائمين على منتدى حوار المنامة.

مجلس الشورى أول المهاجمين عن طريق عضو مجلس الشورى محمد المسلم، ولحقه سريعاً مجلس النواب، بالإضافة إلى ما قاله النائب حسن الدوسري، فقد أكد النائب عبدالحكيم الشمري رفضه الشديد لـ «ما يتردد عن حوار مقبل هو أمر مرفوض، والوطن ليس مرتهناً لجماعات تريد إخضاع الوطن لضغوط دولية، وكان هناك حواران، وقاطعت بعض الجهات هذا الحوار، وهي التي يجب أن تتحمل المسئولية ومجلس النواب يجب ألا يستبعد عن أي حوار كان وطنياً أو سياسياً».

بعد إرهاصات دعوة ولي العهد في 2012 للحوار، وما واكبها في ذلك الوقت، وتحرك السلطة السريع بعد «ارتباكها» لتفادي تلك الدعوة وإيجاد دعوة جديدة رسمية لاحقاً بـ «استكمال حوار التوافق الوطني» في الشق السياسي، كاد النواب أن يصفوا تلك الدعوة الجديدة «المحورة» والتي «فهمت غلط» لـ «حوار السلطة» بالفاشلة أيضاً، لعدم دعوتهم له أيضاً!

في 23 يناير/ كانون الثاني 2013 (قبل انعقاد جلسات الحوار بـ 17 يوماً) سارع رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني لـ «الهجوم» وانتقاد وزير العدل لعدم دعوته لـ «أعضاء السلطة التشريعية المنتخبة» في جولة الحوار الجديدة، على اعتبارهم ممثلي الشعب. ولم يتحدث الظهراني عن كونهم «مستقلين».

من هنا تتضح لنا صورة أسباب تفسير «المستقلين» على طاولة الحوار بممثلين عن السلطة التشريعية، ونفهم أنهم لم يكونوا موجودين على طاولة الحوار حتى قبل 17 يوماً من انعقاده، وإنما أقحموا فيه لاحقاً بتفسير غير منطقي لدعوة عاهل البلاد للحوار وتوصيف «المستقلين».

في «حوار المنامة» المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الأجنبي هو من يحدد المدعوين للمنتدى، ولذلك لم يجد وجود نواب السلطة التشريعية في البحرين ذا قيمة يمكن أن تضيف للمنتدى شيئاً تستحق دعوتهم.

في الحوار السياسي، الذي ترعاه السلطة حالياً، وجهت الدعوة للنواب والشوريين للمشاركة ليس لكونهم «مستقلين»، فكل يعلم بآلية اختيار الممثلين الثمانية، بل لقدرتهم على التعطيل.

النواب أو بعضهم يرون أن «حوار المنامة»... «حوار فاشل» لعدم وجودهم فيه، فيما ترى فئة كبيرة من الشعب أيضاً أن وجودهم وغيرهم من الموالين على طاولة الحوار الحالية أساس «فشله» لعدم امتلاكهم رؤية حقيقية لإخراج البلاد من أزمتها الحالية، سوى رغبتهم في القول إننا موجودون.