استدعى أحد المديرين ذات يوم ثلاثة مدرسين وأخبرهم أنهم اختيروا لتدريس أفضل 30 طالباً يتميزون بالنبوغ والذكاء توزعوا في ثلاثة صفوف، وأوصاهم ألا يخبرونهم عن هذا الأمر.
وبالفعل في نهاية العام الدراسي تبين أن نتائج هذه الصفوف الثلاثة كانت الأعلى في المدرسة بل وارتفع تحصيل المدرسة بشكل عام بنسبة 30 في المئة عن العام الذي سبقه، وحصلت المدرسة على أفضل النتائج في المنطقة، وحين سأل المدير الأساتذة عن التجربة أجابوه بأنهم لم يواجهوا أية صعوبة لأن الطلبة كانوا متفوقين وعلى درجة عالية من الذكاء، لكنه فاجأهم قائلاً: «لم يكن هؤلاء الطلبة كما ذكرت لكم بداية العام، بل تم اختيارهم بشكل عشوائي، كما تم اختياركم أنتم أيضاً بشكل عشوائي، لكنني أردت أن أوهمكم بمعلوماتٍ يمكنكم من خلالها توقع الأفضل لنهاية العام والعمل على تحقيق هذا التوقع وبالفعل هذا ما حصل».
كثيرٌ مما نواجهه في حياتنا هو نتاج طبيعي لما نفكر به ونتوقعه، وهو خلاصة رؤيتنا لأنفسنا وللعالم من حولنا، والأهم من ذلك هو نتيجة لحسن ظننا بالله فقد قال عز وجل في حديث قدسي: «أنا عند ظن عبدي بي»، ومتى ما أقنعنا أنفسنا بأن لنا في هذه الدنيا نصيباً وافراً من الحظ، وسعينا في أعمالنا ونحن موقنون بهذا الحظ سنجده واقعاً ينعكس على جل حياتنا بالخير.
وهو ما يجب أن نربي أطفالنا على الإيمان به من خلال زرع الثقة بالله وبأنفسهم وبوالديهم وبالعالم من حولهم بدواخلهم، ومن خلال تعزيزنا لهذه الثقة عن طريق ممارساتنا تجاههم، فما التقريع والتوبيخ والمقارنة بينهم وبين من فاقهم في تحصيله الدراسي أو الاجتماعي إلا وسيلة لكسر هذه الثقة بدواخلهم، وبالتالي كسر طموحهم وأحلامهم والانحدار بهم نحو هاوية الفشل. وما تشجيعهم والاعتماد عليهم في الأمور التي يمكنهم القيام بها إلا وسيلة لتعزيز هذه الثقة وبالتالي رفع مستوى التوقع لديهم والذي سيقود في النهاية إلى رفع مستوى عطاءاتهم ونجاحاتهم.
ولأن القوى الباطنية للعقل لا تعرف معنى النفي بحسب كثير من الدراسات، فإنه من المهم ألا نستخدم أسلوب المقارنة والنفي لأطفالنا عند محاولة زرع التفاؤل والثقة في أنفسهم، بل وجب علينا اعتماد أسلوب التحفيز المباشر الذي يفهمه العقل الباطن ويترجمه إلى واقع كأن نبتعد عن أسلوب مخاطبة أحدهم بقولنا: «أنت لا تريد أن تكون فاشلاً» ونستبدله بقول: «أنت تريد أن تكون ناجحاً».
إن نجاح أطفالنا وإيمانهم بأنفسهم وبقدراتهم يعتمد بشكل أساسي على طريقة تعاملنا معهم، وعلى ممارساتنا نحن، ولهذا لابد أن يكون كل واحد منا خير مثال لهم وخير معلم وخير مربٍ، ولنثق بأنفسنا وبأطفالنا ليكون عامنا هذا أجمل من الأعوام السابقة.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4137 - الجمعة 03 يناير 2014م الموافق 01 ربيع الاول 1435هـ
روعة
وماخاب من تمسك بالله