في اللقاء الذي جمع مجلس إدارة جمعية الصحفيين الجديد، بسمو رئيس الوزراء أمس (الأربعاء) كان يؤكد بإلحاح ضرورة أن يتعاون الوزراء مع الصحافة، وأن يعيروا لهذه السلطة أهمية بالغة وأن يعتبروها شريكا حقيقيا في العمل.
لم يكن هذا التوجيه الذي أشار إليه سمو رئيس الوزراء في معرض حديثه مع الصحافيين هو الأول من نوعه، فهو كثير التأكيد والحرص على تكرار هذا التوجيه، وما يدعو إلى الكثير من الأسف أن كثيرا من المسئولين في السلطة التنفيذية مازالوا يصمّون أسماعهم، ويغمضون أبصارهم، ويربطون ألسنتهم، ولا يديرون للصحافة أدنى اهتمام، فهم عنها صم عمي بكم فهم لا يرجعون!
إذا كانت التوجيهات العليا لا تحرك ساكنا لدى أصحاب السعادة وما دونهم من مسئولين تنفيذيين في عدد ليس باليسير من الجهات الحكومية، فأي توجيهات إذا يمكن أن تحرك هذا الساكن؟!
المشكلة الأزلية أن كثيرا من المتربعين على عروش وزاراتنا العتيدة، يعتقدون أنهم يجلسون على مملكة خاصة بهم، وينسون أو يتناسون أنهم إنما موظفون لا غير، وأن المعلومة ليست شيئا مما يملكون وإنما هي حق يجب ألا يتحفظوا عليه في صناديقهم التجورية الخاصة بهم، وأن الناس من حقهم أن يطّلعوا على صغائر الأمور فضلا عن كبائرها، وإلا يجب ألا نتحدث بعد اليوم عن الشفافية قبل أن نستبدل هؤلاء المسئولين بآخرين، آخرين لا ينسون ما داموا يتنفسون هواء المسئولية بأن المعلومة حق عام لا خاص.
لعل جزءا كبيرا من المشكلة أن أحدا من المسئولين صغارا أو كبارا لم يُوبَّخْ علانية بسبب إدارة ظهره للصحافة ولا أبالغ عندما أقول إن الصحافيين هم أكثر الناس عرضة إلى إغلاق سماعات الهواتف في وجوههم من قبل بعض المسئولين الصلفين من دون أدنى حياء أو استرجاع.
الصحافيون بحاجة ماسة إلى أن يشق توجيه سمو رئيس الوزراء له طريقا مشرعا في دهاليز الوزارات التي هي قلاع حصينة منيعة توصد أبوابها العملاقة في وجه الصحافة، ولست أدّعي عندما أقول إن هذا الأسلوب لا يستخدمه إلا الخائفون من الفضائح، لذلك هم يعتبرون الشفافية ضربا من ضروب الهراء، لأنهم لا يجيدون التعاطي معها.
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 2463 - الخميس 04 يونيو 2009م الموافق 10 جمادى الآخرة 1430هـ