تهتم الصحف السعودية بين فترةٍ وأخرى، بنشر تقارير خبرية وتحقيقات عن حركة المسافرين عبر الجسر الرابط بين السعودية والبحرين، وآخرها ما نشرته «الحياة» الأربعاء الماضي، تحت عنوان «جسر الملك فهد يجتاز رأس السنة من دون طوابير».

تقول الصحافية التي أجرت التحقيق، ان الجسر اجتاز «عنق الزجاجة» بنجاح، فلم تسجل كبائنه في الجانبين السعودي والبحريني، الزحام المعتاد في اليوم الأخير من السنة الميلادية، مع توجه الكثير من السعوديين إلى البحرين، لقضاء عطلة رأس السنة هناك، إلا أن الجسر كان «شبه خالٍ» حتى السابعة من مساء الثلثاء، إذ كانت حركة العبور «أقل من اعتيادية»، على خلاف الوضع في منفذ البطحاء على الحدود السعودية – الإماراتية.

العاملون بالجسر توقّعوا عبور 50 ألف مسافر، إلا أن الحد الأعلى من السيارات المتوقفة عند كل كبينة، لم يتجاوز أصابع اليدين، في أكثر الأوقات زحاماً. وسجل الشبان «العزاب» الغالبية العظمى من المسافرين، (قدرت نسبتهم بـ 70 في المئة).

الصحافية ذكرت أن البعض عزا انخفاض عدد المسافرين إلى ما أعلنت عنه وزارة الداخلية البحرينية، عن ضبط 4 عمليات أمنية، ذات طابع «إرهابي»، بينها إبطال مفعول سيارة مفخخة، وضبط مستودع متفجرات وذخائر، ومحاولات تهريب مطلوبين أمنياً إلى خارج البلاد، بينهم سعودي، ومحاولة تهريب أسلحة إيرانية وسورية للبحرين. ورصدت الصحافية المفارقة بنقلها تصريح رئيس الأمن العام البحريني بأن هدف الإعلان «إيصال رسالة تطمين إلى الرأي العام، بأن مملكة البحرين لا تعاني من أية اضطرابات».

المواطنون في السعودية، كما في البحرين، يشكون دائماً من الزحام، خصوصاً في المواسم والعطلات، وهي قضية لم ينجح الطرفان في إيجاد حلٍّ لها رغم مرور أكثر من ربع قرن على افتتاح الجسر، ما يفترض اكتساب خبرة متراكمة تكفي لتجاوز هذه الشكاوى نهائياً. وتزداد المعاناة من الجانب البحريني في مواسم الحج والعمرة لعشرات الآلاف من ضيوف الرحمن، الذين يُفترض أن توفر لهم أعلى درجات تسهيل العبور.

تقرير «الحياة»، أوضح نشوب جدال بين «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» (نزاهة)، وجوازات الجسر التي تشكك في الشكاوى الدائمة بشأن الزحام، وقالت «نزاهة» بحياء وخفر: «كل من يشكك في الزحام أن يسأل عيّنةً من المواطنين عن الوقوف في الطوابير بالساعات». لقد وجهت ضربةً خفيفةً، سريعةً، وذكيةً للجهات الرسمية، وطالبتها بمراعاة مصالح المواطنين وأوقاتهم وظروفهم، وإنجاز خدماتهم دون تأخير. وهو مطلبٌ مُلِحٌّ يُجمِع عليه كل من يعبرون الجسر، بحرينيين وسعوديين، عرباً وأجانب، مقيمين ووافدين.

قبل شهرين، نشرت الصحف خبراً عن فتح كبائن جديدة، كان يؤمل أن تسهم إلى حدٍ كبيرٍ في الحد من ظاهرة الزحام. وهو أمرٌ صحيحٌ من الناحية النظرية، إلا أنه ثبت عدم صحته من الناحية العملية، بدليل تقرير «الحياة» الأخير. فجزءٌ كبيرٌ من المشكلة يعود للجانب الإداري، وهو أمرٌ متعلّقٌ بالأداء البشري المسكوت عنه. فكثيراً ما يتسبّب بعض آحاد الموظفين في تجمع طوابير السيارات، وتعطيل مئات الأشخاص لأوقات طويلة، بسبب تلكؤهم في العمل، أو خروجهم جماعياً لأداء الصلاة في الوقت نفسه، وأحياناً لخلاف أو مشادةٍ مع أحد السواق)، فتُشلّ الحركة بالكامل.

وهناك الوقت الضائع يومياً عند تبديل طواقم العمل، فالفريق الذي انتهت نوبته، يلملم أوراقه قبل نصف ساعة، والجديد يحتاج إلى نصف ساعة أخرى ليستلم مهمته ويشرب الشاي ويعتدل مزاجه.

اعملوا على إصلاح وتطوير الأداء البشري، وتحسين معاملة الموظّفين للمسافرين، وستكتشفون أن جزءًا كبيراً من المشكلة قد أخذ طريقه إلى الحل.