«السياسة ليس لها دين»، هكذا توصل صاحبنا في لحظة حاسمة بانت أمامه لحظة النقلة التاريخية، ما بين صفوف المعارضة الشقية المغبونة، وصفوف السلطة حيث القوة والمال. وهي نقلة لم تحدث في غمضة عين، بل كانت بناءً تراكمياً وتحولات في الفكر والممارسة، مع قدر كبير من التمويه، والابتسامة المصطنعة لتضليل الحلفاء المؤقتين، وإغراء حلفاء المستقبل.
هذا الانتقال من صفوف المعارضة والتي لعب فيها صاحبنا دوراً تاريخياً، ليست مقتصرةً على شخصه بل طالت شريحة كاملة من المتحولين، الذين أفنوا عقوداً في النضال، وبعضهم دخل السجن وعانى من التعذيب، وبعضهم عانى من النفي، وعانوا جميعاً من التهميش وحتى المنع من العمل في الدولة، لكنهم وجدوا أن الطريق طويلٌ وشائكٌ، وما لاح من وعود بفتح الباب أمام تداول للسلطة أو بالأحرى إمكانية أن تأخذ المعارضة نصيبها من السلطة، سواءً في البرلمان أو الحكومة، ضمن مصالحة تاريخية، تبيّن أنه سراب.
في المقابل فإن السلطة فتحت المجال لتمويه هؤلاء واستيعابهم، وخصوصاً من خلال خلق العديد من المؤسسات الوهمية، وتضخيم جهاز الدولة، إلى جانب المؤسسات التشريعية والتنفيذية والشركات العامة، في دولة تجاوز من يحملون مرتبة وزير الثمانين.
صاحبنا تربّى في صفوف المعارضة منذ أن كان طالباً جامعياً، وتدرج في التنظيم الحزبي، وتثقف بالأدبيات الثورية، وعاش حياةً شبه سرية، وناضل في الصفوف الطلابية، وحُرم من الجواز الأحمر لسنوات، وتخرّج وعاد، وهو يحلم بوظيفة مستقرة ولكن هيهات! فسجله عند الأجهزة أسود. لكنه ظل متمسكاً بالمبادئ، وهو شخص مرن، ولذا أقام جسوراً للتواصل مع الجميع، مع المعارضة، ومع السلطة.
هو كان صوت الاعتدال دائماً، لكن السلطة لا تقبل أنصاف المواقف، أما أن تكون معنا أو أنت ضدنا. وهكذا جاءت مرحلة الانفراج لتفتح أمام الرجل فرصة الانطلاق، مستفيداً من إمكانياته والتوافق عليه، وهكذا برز في جميع المجالات، المجتمع السياسي، المجتمع المدني، والمثقفين، الكتاب... إلخ.
ما أن يرتب لندوة إلا يكون على المنصة، ما أن تقام حلقة دراسية إلا وورقته في المقدمة، ما أن يكون هناك اجتماع جماهيري، إلا وهو خطيب، ما أن تشكل منظمة أهلية إلا وهو مؤسس. عمل بدهاء لإرضاء الجميع وإقناعهم بأنه شخص لا يستغنى عنه، ولذا وصل في النهاية إلى مقدمة الصف. وهنا توقّع أن تثمر هذه المسيرة الطويلة من النضال بنتيجة، فقد كان يتوقع حسب المعطيات أن البلد مقدم على تسوية تاريخية، ولكن تبين له أن هذا سراب، وأن كل ما يجرى همروجة على حد تعبير إخواننا اللبنانيين، أو مجرد حركات على حد تعبير إخوتنا المصريين: مجرد مجالس وانتخابات واحتفالات دون تغيير. ما العمل إذاً؟
انعطافة حادة ولكن متوقعة، وعنوانها التمسك بالمؤسسات الشرعية، التمسك بالقانون، لا سبيل للخروج على الشرعية، والإصلاح من الداخل. وتدريجياً انقلب صاحبنا على رفاقه وأصدقائه والجماهير التي وثقت به، ولكن عنده مبرراته: «لقد جربنا المعارضة يا أخي ولم نقدم للبلد شيئاً محسوساً، فلنجرّب السلطة، فبيدها كل شيء، وأنا كما تعرفونني».
وظف كل علاقاته، كل دهائه، كل معرفته، لصالح الطرف الآخر. نحن دولة مؤسسات، ومؤسسته دولاب في هذه الآلة الكبيرة التي تسحق الإنسان بوحشية وتمتص دمه. أضحى يشعر أنه يمتلك السلطة. نعم! تحته عشرات الموظفين، يستقبل الوفود ويودّع الوفود. يرأس اجتماع ويقوده دون اعتراض، وبتصرفه المال الوفير. والسلطة تفتح الباب للثروة حتى دون أن يسعى إليها. مكافآت، ورجال أعمال يسعون لشراكته في البزنس. وهكذا تبدلت حياته.
استبدل سيارته القديمة بالفاخرة، والبيت العادي بفيلا... كله تمام التمام. يُدعى لحفلات في مقدمة الصفوف لاحتفالات البهرجة والطنطنة. لكن هناك مشكلة، المشكلة هي الأصدقاء القدامى. المشكلة في المواطنين الذين وثقوا به. المشكلة فيمن عرفوه في مرحلة النضال في العديد من البلدان. كلهم يسأل ماذا غيّرك؟ عندما يسلم عليهم يردون بفتور ومجاملة لمجرد حفظ ماء وجهه.
يتجنبون الجلوس إلى جانبه، ويتجنبون الحديث معه. تداهمه الكوابيس أحياناً وهو عارٍ فوق قمة جبل لوحده، والرياح الباردة تعوي، فيتكوم في سريره ويصحو مذعوراً. أحياناً يحلم أنه يغرق ويصرخ والناس قريبة منه لكنها لا تبادر لإنقاذه. لكن الصدمة جاءته من حيث لا يحتسب. ففي تعديل مفاجئ أزيح من منصبه وركن على الرف... صحيح مع استمرار الامتيازات المالية، لكنه سيبقى مركوناً.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4135 - الأربعاء 01 يناير 2014م الموافق 28 صفر 1435هـ
الانسان النظيف نظيف وهو انسان يحترم مبادئه مهما كانت الظروف
فالانسان الذي يؤمن بمبادئ ثم في طرفة عين يتخلى عنها ويبيعها بحفنة نقود ومصالح مادية، هو انسان ليس جدير بالاحترام مهما حاول البعض تبرير ذلك.
رحم الله كل الشرفاء في العالم مهما كانت خلفياتهم العقائدية.
اشرف لكك
يشرف المرء ان يقف مع هموم وطنه وشعبه والسياسي الناضج هو من يحدد خياراته في مختلف المراحل واليوم لسنا في الستينات والسبعينات ، سلطة امن دولة واستعمار ، لدينا مشروع إصلاحي لبناء البحرين ووجودك اليوم وكتاباتك بحرية هي اكبر دليل على صدق المشروع وجميعنا معه ولا ينقصنا من يبيع ولائه للخارج
فقر المواضيع
الاخلاق الوطنية الصادقة والواعية تتطلب عدم الخوض في مثل هذه المواضيع لأنها توحي بشكل غير مباشر بالسلوك الكيدي ..خاصة وأن سلوك الإنسان الشخصي ومواقفه وتصرفاته وتصدعاته لا يمكن طرحها وتقيمها بهذا الشكل كقضية وطنية ..أن مساحة الرأي في الساحة الوطنية واسعة ومتداخلة وبعض الاوقات مربكة ..متمنياً الابتعاد عن مثل هذه المواضيع التي تضعف الموقف الوطني ولا تقومه ...وهناك العديد من المواضيع الأهم والأكثر إلحاحا من هذه المواضيع التافه ..مع التحية
الجواز الأحمر ؟؟
الا تملك انت ايضا الجواز الأحمر وتسافر تصرف ولم يسألك احد من اين؟؟ عندكم حساسية تاريخية من السلطة ، تضعون يدكم مع الشيطان ولا ترضون من العقلاء ان يقفوا مع بلدهم ؟ ماذا تريدون ؟ العمل السياسي يختلف تماماً عن التطرف السياسي
أنا عرفته هو
أنت فأنت الذي حصل على وظيغة حكومية مرموقة ( بم .. والب .. ) وإلا نسيت وكنت تجول وتصول وتغيب وتحضر وتسافر على كيف كيفك ففي ماذا تختلف أنت عن الآخرين على ما أعتقد فقط في المزايدات
معارضة تأكل نفسها بنفسها
مقالك فيه من الهمز واللمز الكثير، عار عليكم لديكم جماهير شتتموهم بين قيل وقال وساهمتم بعلم او بجهل في تعميق الخلافات كل انسان حر فيما يريد ولسنا اوصياء على احد وكل يحدد خياراته كما يشتهي " وكل يملء صحيفته كما يشاء"
الاجابة هو ؟؟؟؟؟؟؟
ليس شخصاً واحداً ياابا منصور اطال الله في عمرك وحفظك للبحرين والعالم العربي انت ملهمنا ولكن مع الأسف هناك اكثر من شخص جذبته اغراءات السلطة وتحول من المعارضة الى السلطة ومدافعاً شرساً عن النظام ونسى او تناسى واوهم نفسه ان كل الامور جيدة وهذه مسألة حرية رأي. عبث عبث ياابو منصور.
ليس شخصا واحدا
هناك العشرات ممن داسوا على كل القيم التى كانوا ينادون بها و على أصدقائهم و من ساعدوهم فى ضعفهم. الواقع كل منطقهم و صراخهم كان لهدف الوصول. وصلوا. اليوم يتبؤون المناصب و الثروات و قطعوا كل صلاتهم بما يذكرهم بالماضى. إبتعدوا عن كل أصحابهم و فرجانهم و الماضى برمته. خلقوا لنفسهم أصول جديدة و لقنوها لأصحاب الجدد و هم يعيشون فى خيال الحال و يتصورون الحياة باقية لهم مدى الدهر. لكن الناس لا ينسون حتى لو تظاهروا بالنسيان. لكن من يتعظ ؟؟؟؟؟
انا عرفته تبغي الجواب هو...............
هذا انا عرفته والجواب هو........لكنه لازال يأمل بالحظوة ولازال عنده امل بالرجوع لنفس مركزه اتحد موقف لم يحسب حسابه وجاءه الرد الصاعق بانه لايستوجب منه التفكير وحتى اتخاذ اي موقف مع الناس هو يحاول مع المعارضين بانه لازال على نفس مبادئه اما على الخط السابق فانه واقصد الحكومي فهو يتعرض لشتم ليل نهار ولم يستطع تحريك قضية واحد ضد الشتامين من عقرب الرمل وغيرهم لكن ارفع القبعة احتراما لذاك الوزير الذي وضع استقالته على الطاولة وأصر عليها ويكون هو اول وزير بحريني يقيل نفسة ولايقال