اكتشف العلم الحديث شيئاً مهماً جداً عند الإنسان إذا ما قام به بصورة منتظمة بأن له تأثيراً واضحاً جداً على الصحه البدنية عامة، بما فيها تقوية مناعة الجسم لمقاومة الأمراض والشعور الدائم للانتعاش والسعادة، وهو شيء بسيطٌ ويمارسه الأطفال بعفوية ولكنه يصعب على الكبار لكثرة الجدية في حياتهم والتزمت خاصةً مع تقدم العمر، ألا وهو الضحك بكل أنواعه. ليس ذلك فحسب بل إن الضحك يساعد على الشفاء واسترداد العافية بسرعة قياسية، كما ينطوي على موجاتٍ كيميائية ويغيّر معها موجات المخ ويرفع من نسبة الذكاء.
ويقال إن الإنسان الدائم الضحك والغشمرة، لا يصاب بأزمات قلبية ولا يمكن أن ينتحر، وإنه بعد الضحك يلج الأنسان أتوماتيكياً إلى عالم الصمت العميق بما يشبه التأمل، وكلما ازداد الضحك عمقاً ازداد عمق الصمت والذي يُصفي الذهن والجسد من الشوائب الحياتية اليومية والماضية، وبالتالي يمدّنا برؤية جديدة للحياة ويجعلها أكثر تألقاً وإبداعاً.
ويضاف إلى الضحك الفرح العفوي والذي يعبر به الإنسان عن أحاسيسه بالانطلاقة الحرة لتشكيل عالم جديد يضطر فيه الإنسان للتوقف كليةً وتتلاشى من حولنا كل حدود الحياة والتقسيمات إلى درجة يصعب معها التفريق بين الجسد والوجود بحيث تتداخل الحدود مع بعضها البعض.
الضحك يدفع بالطاقة إلى التدفق من الأعماق فخلال الضحك والفرح يتوقف التفكير الخانق وننتقل الى حالة من التأمل العميق، لأنه يستحيل ممارسة الشيئين في آنٍ واحد.
وهما عمليتان متناقضتان تماماً فأما التفكير أو الضحك وبذا ندخل في حالة اللاعقل والتي تريح الإنسان ولو للحظات من التفكير في الآلآم والأوجاع التي يعانيها في الحياة، ولمعظم الوقت، وإننا في بلداننا محاطون بكثيرٍ من الناس الجديين، وإن كنت سعيداً سيسألونك عن سبب سعادتك لكنهم لا يكترثون إذا ما كنت حزيناً، لأن الحزن هو الأمر الطبيعي، فالمتداول أن الجميع حزين، ويعرفون عنه كل شيء، وشاطرون جداً في تصعيده في كل الوقت.
والناس عندما يلاقون بعضهم يبدأ أول نقاش في اختيار أسوأ الأخبار والتي تجلب أكبر قدر من الحزن والنكد والألم ولا نعرف سبب ذلك، هل هو التعود أو النشأة في بيوتٍ يملؤها الحزن وأيضاً دون أسبابٍ، والحزن والغضب لمجرد الحزن.
الجميع يعلم أن انتشار الأحاسيس كالمرض المعدي، فالفرح مُعدٍ والحزن أيضاً مُعدٍ كالمثل (من جاور السعيد يُسعد) وإذا ما أصابتهم نوبةً من الضحك المتواصل يتضايقون ويستغفرون وبقولهم (اللهم اجعله خير) ويستغربون إذا ما وجدوا أحدهم يضحك، ويتسارعون إلى سؤاله عن سبب ضحكه، ويشككون ويقولون إنه لابد أن هنالك خللٌ في الأمر، أو أن يكون مصاباً بعقله لأن المصابين هم دائمو الضحك، ومن هم في المستشفيات لعلاج الحالات النفسية وغير مستقرين في تعبيراتهم... ولكنهم إن وجدوك حزيناً فلا أحد يهتم بسؤالك لأن الحزن شيء طبيعي لدى الجميع، بل إن للحزن درجات وتتبعها صنوفٌ من الكآبة والحزن والغم والأمراض جمعاء، ولاجديد في الأمر.
في الاتحاد السوفياتي (سابقاٍ) أجروا تحليلات للدم بعد الضحك، ووجدوا أنه تتغير تركيبة الدم وتنشط خلايا الدماغ وتُنظَم ضربات القلب لدرجة أنه توجد أجنحة خاصة في المستشفيات لمساعدة المرضى على الدعابة والضحك وببرامج منظمة لأهميته في الشفاء حيث يفشل الدواء، وينجح في تنقية القلب والجسد من تأثيرات الأدوية وسمومها، كما كانت هناك برامج في المدارس أيضاً لتخفيف الضغوط المدرسيه عن الطلاب
وهنالك بعض الحركاتٍ التي تجلب الضحك حيث تقوم بها بعض الثقافات وتدخل ضمن حركات اليوغا المعروفة، واختتم مقالتي بأنه كان هنالك بعض المبشرين يدربون متطوعين للحديث عن الجنة والنار وقالوا لهم بأنه يجب عليهم أن يصفوا الجنة بوجهٍ ضاحكٍ بشوش ومشرق وكلماتٍ معسولة، وعندما تساءل المتطوعون عن طريقة وصف النار أجابوهم كونوا على طبيعتكم وهذا كافٍ ولا حاجة للتصنع لأنكم تبدون كمن يعيش في جهنم. كم منا يا ترى يبدأ يومه أو يختتمه ضاحكاً، وكم منا يعيش مكتئباً كل يومه وكأنه يعيش في جهنم.
وهل هي الحقيقة في تعاملاتنا يا تُرى، ارصدوا عدد المرات التي تضحكون أو تنكتون فيها في اليوم الواحد كي تعرفوا في أية ناحية تعيشون.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4131 - السبت 28 ديسمبر 2013م الموافق 25 صفر 1435هـ
مريح وفرح
ليت الناس يتعظون وليتنا نبقى اطفالاً كلم خفيفعلى القلب
جميل وخفيف
مقاله جميله وودوده عل الناس تتعظ من كلامك المحبوب دكتوره الذي محن في اشد الحاجه اليه