انعقد لقاء مفتوح ما بين وزارة الثقافة القائمة على مشروع طريق اللؤلؤ وأهالي المنطقة أصحاب البيوت التراثية الذين تقاسموا المشروع مع الوزارة، وذلك مساء يوم امس السبت (28 ديسمبر/ كانون الاول 2013م) في عمارة فخرو، بمشاركة وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، الوكيل المساعد للسياحة الشيخ خالد بن حمود آل خليفة، علاء حبشي مستشار الترميم بوزارة الثقافة، إلى جانب رئيس مركز شرطة المحرق العقيد فواز حسن الحسن.
وأشارت الوزيرة في بداية اللقاء إلى أنها تأمل مساندة الأهالي، وخصوصا أن المشروع يتوجه لهم، قائلة: «نحتاج إلى صبر وروية. العمران الذي يسعى طريق اللؤلؤ لحفظه هو حفظٌ لأسماء عائلات عاشت هنا. لدينا العديد من تلك الإنسانيات التي نسعى إلى توثيقها والحفاظ على ذاكرتها، والعمران هو وسيلة الثقافة لفعل ذلك».
وعلقت: «العديد من البيوت التراثية كانت تصنف كأوكار وخرائب للهدم، ونعرف أن فعل الهدم سهلٌ، لكننا نراهن على جمالياتها واستعادتها كهوية وصنيع حضاري لبحريننا، وبالفعل هنالك العديد من النماذج التي استطعنا حمايتها من الضياع». وأعربت خلال حديثها عن أسفها للإشارة إلى هذه البيوت التاريخية بتسمية «آيلة للسقوط»، مردفة: «ليست هنالك بيوت آيلة للسقوط، بل بيوت فقد أهاليها الاهتمام بها».
وأوضحت أن من الضروري تحقيق تكامل ما بين مختلف الجهات والأدوار من أجل إنجاز المشروع، مؤكدة أن ذلك لا يخلي مسئولية الجهات الأخرى المعنية، فكل أدوار البلدية ووزارة الإسكان ووزارة الأشغال وغيرها من الجهات المعنية تبقى قائمة باعتبار هذه المشاريع تكاملا ما بين مختلف المؤسسات والجهات، وقد قدمت وزارة الثقافة في كل مراحل مشاريعها عددا من التقارير والدراسات، كما عقدت العديد من الاجتماعات واللقاءات مع مختلف الأطراف من أجل إنجاز المشروع على الوجه الأكمل.
وقد وعدت وزيرة الثقافة الاهالي بتقديم مطبوعة تعريفية بالمشروع باللغتين العربية والإنجليزية لشرح التفاصيل والمعلومات اللازمة كافة، والتي سيتم توزيعها على نطاق واسع. كما شكل اللقاء فرصة للاستماع إلى اقتراحات واستفسارات الجمهور، الذين أعربوا عن سعادتهم بمعرفة أن البيوت التراثية المرممة تستهدف استرجاع السكان الأصليين، وأن الأعمال الترميمية لن تقصي الأهالي عن مواقع طفولتهم وذكريات عائلتهم، إذ أكدت الشيخة مي: «العمران وسيلتنا لتحسين الحياة ضمن المدينة، فدورنا يساند الحياة في تفاصيل هذا المكان التراثي، ويرغب فعليا في استدعاء الإنسان المحلي وإبقائه هنا». ونفت أية مخاوف في استبدال التركيبة الإنسانية ضمن مشروع طريق اللؤلؤ، مبينة أنه فيما يتجه الناس حاليا إلى المدن الحديثة ويهجرون مدن الآباء والأجداد، تأتي الثقافة لتعيدهم.
وخلال حديثها، دعت وزيرة الثقافة كل الحضور للتعرف على مشروع طريق اللؤلؤ عن قرب، وذلك من خلال زيارة مكوناته، بدءا من مركز معلومات قلعة بوماهر الذي افتُتح مؤخرا برعاية ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، مشيرة إلى أن القوارب ستعبر البحر من مرفأ متحف البحرين الوطني حتى القلعة.
من جهته، أشار مستشار الترميم بوزارة الثقافة علاء حبشي إلى أن المشروع يتبع خطة متكاملة تُصنف من خلالها البيوت طبقا لأهميتها وعمرها التاريخي، وأوضح أن بعض البيوت تراثية وأخرى تقع ضمن المرحلة الانتقالية ما بين البناء التراثي والبناء الحديث، لذا فإن طريق اللؤلؤ يستكمل في مرحلته الأولى كل ما هو تراثي قبل الانتقال للتصنيف الآخر.
وردا على استفسار بعض الأهالي بشأن مشكلة مواقف السيارات، أوضح حبشي أنه قد تم تخطيط المواقف كجزء من المشروع لاستيعاب أكبر عدد ممكن من السيارات، مبينا أن المشروع أيضا يتيح فرصة للمشاة ويحافظ على طبيعة المكان الداخلية وتركيب النسيج.
وعبر الأهالي عن اعتزازهم بالمشروع، مبدين رغبتهم في العيش ضمنه، واستعدادهم للعودة من مناطق إقامتهم الحالية فور استكمال عمليات الترميم، وقد شجعتهم وزيرة الثقافة قائلة: (عودوا إلى أمكنتكم. أنتم أبناء المدينة، ونريدكم أن تعودوا).
إلى جانب ذلك، أبدى رئيس مركز شرطة المحرق العقيد فواز الحسن استعداد المركز إلى تفعيل شراكة حقيقية مع وزارة الثقافة لضمان سير خطط المشروع، وخلق توعية بأهمية هذا الاتجاه العمراني الحفاظي، مشيرا إلى أن القوانين وحدها لا تكفي لضمان سلوكيات المجتمع، وإنما يجب غرس الثقافة وروح المواطنة لدى الأهالي، ليكونوا بدورهم شركاء حقيقيين لدعم المشاريع التراثية والحضارية.
يذكر أن طريق اللؤلؤ مشروع محلي عالمي يوثق على امتداده سيرة الإنسان البحريني القديم، ويستدعي تفاصيل حياة البحارة والغواصة وتجار اللؤلؤ. يتكون المشروع من عدة أجزاء متسلسلة ومتصلة فيما بينها سواء من خلال الامتداد العمراني والتراثي، البيئة أو حتى عبر الحكايات والقصص التي تستعيد تاريخ صيد اللؤلؤ في منطقة الخليج العربي والذي يعود إلى نحوالي 7 آلاف سنة.
ويبدأ طريق اللؤلؤ مساره بدءا من قلعة بوماهر التي تحرس مياه المحرق وتعيش على الخط الساحلي الأخير جنوب مدينة المحرق، وعبورا بالهيرات الثلاث التي تُعتبر أشهر وأغنى مصائد اللؤلؤ في الخليج العربي، بالإضافة إلى 16 مبنى أثريا داخل المدينة، تم إعادة توزيعها على 11 مجمعا مختلفا، ويستحضر كل واحد منها أحد فصول الحكاية، منذ حياة الغواص، تجارة اللؤلؤ، المجالس الشعبية، المنشآت الاجتماعية وغيرها من التفاصيل، التي تتصل جميعها فيما بينها بطريق يصل طوله إلى 3.5 كيلومترات. وقد تم إدراج هذا الموقع على قائمة التراث الإنساني العالمي لمنظمة اليونيسكو في يونيو/ حزيران 2012.
العدد 4131 - السبت 28 ديسمبر 2013م الموافق 25 صفر 1435هـ