لكل شيء قيمته، سواء القيمة المعنوية أو المادية، وذلك تبعاً لنوعية السؤال ومكانه وتفكير المتلقي ومن قام بالسؤال والموجه إليه السؤال، وفي الكثير تكون للشيء قيمته المادية والمعنوية معاً، وإن اختلفت النسب بينهما.
ولأن المواطن البحريني يستشعر بكل حساسية ما يجري من حوله من مخالفات تصل قيمتها إلى مئات الملايين من الدنانير، بل إلى المليارات فهو يتلقى الأمور المتعلقة بالموازنة العامة التي يتم وضع بعبع الدين العام أمامها وخلفها إذا ما تم الحديث عن زيادة أو علاوة للمواطن، لذلك تلقى السؤال الذي وجهه النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو، في جلسة المجلس السابقة عن قرض بقيمة مليار دينار في العام 2011 في الوقت الذي كان فيه العجز يبلغ 30 مليون دينار، وتساءل «أين صرف هذا القرض؟»، والفرق بين الرقمين هو 970 مليون دينار.
إذا السؤال يساوي 970 مليون دينار فقط، يعني «المبلغ ما يسوى يا جماعة لا تعبون روحكم واجد».
أما تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الأخير فكانت قيمته المادية تبلغ بحسب عضو جمعية التجمع القومي الديمقراطي غازي زبر، «395 مليون دينار بحريني أي بزيادة 180 في المئة عن التقرير السابق، وهذا يعني زيادة في وتيرة هدر المال العام».
وهذه المبالغ ما تم التوصل إليها، أما ما وراء البحار التي لم يستطع الغواصون الوصول إليها، فلا يعلمها إلا الله. و«مثل ما أنتم شايفين» فالمبلغ أقل من المليار موضع سؤال فخرو فإذا لم يحصل الرأي العام على إجابة لسؤال المليار فمن باب أولى أن لا يحصل على جواب لسؤال عن الـ 395 مليون دينار، ليكون الفساد بدون مفسدين.
ومع القيمة المالية، لا نذهب بعيداً فقضية «ألبا-ألكوا» لا زالت باقية، وهي التي وصلت فيها الخسائر إلى أكثر من مليارين بحسب نواب، ولأن المبلغ قليل «وما يكفي إلى زيادة رواتب البحرينيين» لم تتم محاسبة أحد عليه، أما معنوياً فالمواطن البحريني يواصل صموده أمام الرياح المليارية من كل حدب وصوب.
ومن الأسئلة والتقارير والمحاكم إلى لجان التحقيق، إذ أن القيمة السوقية للجنة التحقيق البرلمانية في أملاك الدولة العامة الخاصة تساوي 15 مليار دينار، وهي قيمة الأراضي التي أكدت اللجنة بوثائقها أنه تم التعدي عليها، فضلاً عن 100 كيلو متر مربع أخرى كانت تحوم حولها الشكوك، ومن أجل ألّا يرتفع ضغط المواطن لن نذهب لذكر قيمتها السوقية.
يضاف إليها مليارات الدنانير قيمة الرمال، كما صرحت بذلك لجنة التحقيق البرلمانية في الدفان، والتي وجدت أن قيمة الرمال في مشروعين فقط بلغت مليار و800 مليون دينار.
«يعني يا جماعة كلها كم مليار بس، تقريباً بحساب أولي وبدون تدقيق 20 مليار دينار، يعني مبلغ ما يسوى يا جماعة، ليش تقولون في فساد، وليش المواطن البحريني كل محتج ويبغي زيادة، ما تشوفون العجز الإكتواري يلاحق المليارات»، ألا ترون الدين العام يلاحق مليارات الأراضي والرمال؟
والحديث هنا لم يشمل شركات الاستثمار التي لا تدخل شيئاً في الموازنة، ولا مئات الملايين من الدنانير التي تدفع لدعم الغاز في الشركات، ولا ملايين المشروعات التي لا تنفذها الوزارات. وهذا من أجل ألّا يرتفع ضغط المواطن البحريني.
إقرأ أيضا لـ "مالك عبدالله"العدد 4130 - الجمعة 27 ديسمبر 2013م الموافق 24 صفر 1435هـ