يستذكر قارئ مقال الأخت مريم الشروقي في «الوسط» تحت عنوان «بين المال والشهرة والمبدأ» المناضل الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا، المتوفي قبل أيام، فهو كان رجل مبادئ ولا نعلم حتى الآن كم حجم الإرث الذي تركه لعائلته ولكن حسب الظاهر كان رجلاً عادياً بسيطاً في المعيشة ولكنه عظيم في المبدأ. الناس أصحاب المبادئ ليسوا كثيرين ليتولوا مناصب إدارية عامة لتمنعهم من الولوج في الفساد الإداري والمالي لأن المشكلة تحدث عندما يستشري الفساد ويصبح عادة وليس استثناء، فمثلاً الموظف الجديد يشاهد الموظفين القدامى الآخرين عند مغادرتهم المكتب بعد انتهاء الدوام حاملين معهم بعض الأدوات كالأقلام والقرطاسية للاستخدام الخاص بهم وهو الجديد يساير القديم. إذن المطلوب أن نحصل على شخصيات ذات مبادئ لتولي المناصب إلى جانب قوانين حاسمة صارمة تطبق على الجميع بالتساوي لكل من تسول له نفسه بالجنوح نحو الفساد المالي والإداري.
وإذا قارنا العالم الثالث بالعالم الأول الغربي في هذا المجال فالفرق شاسع، نعم ليس هناك مجتمع طاهر من الفساد مئة في المئة ولكن في العالم الغربي من يثبت فساده فإنه يخضع للقانون مهما كان مقامه وقد سمعت قصة من صديق قاطن في ألمانيا بأن الوزير الألماني لديه سيارتين للاستخدام للعمل الرسمي وأن وزيرة ألمانية سمحت لزوجها باستخدام إحدى هاتين السيارتين عصراً فتم تصويره ونشرت الصورة في الصحف ولم تمر أسابيع إلا واضطرت الوزيرة إلى تقديم استقالتها من منصبها.
إذن في العالم المتقدم إذا وظف أحدهم ولم يكن صاحب مبدأ فإن القانون المطبق على الجميع بالتساوي يمنعه من هكذا منحى. وإذا رجعنا إلى تاريخنا فإن عمر بن الخطاب الخليفة الثاني طبق القانون على ابن رجل له مكانة بين قومه لأن هذا الابن ظلم إنساناً آخر وقال عمر لأبيه «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً» وهذه القصة يعرفها الجميع وكان هذا الخليفة من الشديدين على كل صاحب منصب يمد يده للمال العام والقول المعروف «من أين لك هذا؟» منسوب إليه.
إذن المشكلة في العالم الثالث هو عدم تطبيق القانون بالتساوي على الجميع، وهنا يثار التساؤل: إلى أين نحن ماضون؟ فالعالم العربي والإسلامي لا يطبق ما يطبق اليوم في العالم الغربي المتقدم ولا يطبق ما طبقه الإسلام حسبما ما ورد عن الرسول الكريم قوله بما معناه لو سرقت فاطمة لقطعت يدها. إذن العالم الثالث في مسار ملوث بالفساد من قمة الرأس إلى أخمص القدمين والحاجة ملحة وضرورية لتنظيف وتطهير هذا المسار وإلا فإننا في طريق التخلف سائرون وعن طريق التنمية الحقيقية بعيدون.
عبدالعزيز علي حسين
قَال لِي بالحُب فيج أعشق وأعزج آنه
وأنَا من حبي مشيت على البحر وتربانه
سمعت حروفه وحبيته وغرقني بحنانه
وعفت كِل أهلي ونَاسي وظليت ولهانه
وصرت ميتة فيه بكل لحظة في أنفاسه
تعلقت فيه كأنه إكسجين عاش في ألحانه
كأني شفت الشهيق والزفير يسولف ويَانه
وشفت عينَه تلمعَ ورمشه تطَالع فيني عنقانه
وتشاهق بين عيوني وترسمك عشقانه
قال لي أحبج ولا أقدر أبد أعيفج قالها بلسانه
وبظل أحبج لو الموت بيننا يفارقنه
سمعته ينطق ذيك الحروف وأخذته حفظانه
وحطيت كل حرف في قلبي منه بألوانه
ابتعدت عن كِل من يقول يلعب عليج يا غاليه
ابتعدت عن إلي كان يقول عن اسمه خيانه
يغدر ويحب غيرج وعنده الحياة وناسة
وإنتي هَم ميتة عليه وفيه غرقانه
هذا الدليل وذاك الدليل اصحي يا إنسانه
لقيناه ألف مرة مع مليون فلانه
ترى الحُب تضحية ما هو لعب ومع السلامه
واجهي حبج له قبل لا يطعنج بلسانه
قبل لا يواجهج مع غيرج وهي فرحانه
الشماتة اسمها وإنتي تظلين فيه سرحانه
اصحي يا بنية وواجهي حبج قباله
وابعدي العاطفية عنج وواجهيه بكلماته
ولو قال لج أنا ما عندي غيرج يا إنسانه
قدمي له دليلج ترى منتي خسرانه
إسراء سيف
هذا هو ما يحتاجه المشاهد البحريني من التلفزيون، وهذا هو النوع من البرامج التلفزيونية الرائعة في هذه الأيام، والتي تصب وتحافظ على تراث البحرين القديم، بل وتستعاد الذكريات الجميلة لدى كل واحد منا عن الماضي الجميل، وتلك السنين في فترة طفولتنا، وتلك المناسبات الجميلة التي لن تتكرر، والحياة البسيطة التي أصبحت في ملف النسيان.
إن هذا البرنامج الرائع في إعداده مؤشر على الإخلاص في العمل، والإعداد الجيد من قبل الأستاذة الفاضلة فاطمة الصديقي، والتي تستحق التكريم من الدولة ومن كل المشاهدين، لأنها تعمل في يومها خارج المكتب وفي المناطق القديمة بحثاً عن حقائق وذكريات جميلة تزرع الابتسامة على وجوه المشاهدين والفرحة في قلوبهم.
وأنا شخصياً ألاحظ عن قرب ماذا تعمل هذه الأستاذة الفاضلة (أم محمد)، وتعمل بإخلاص مشهود في عملها الإنساني، مثبتة جدارتها عبر الالتقاء مع فئة من المواطنين للمشاركة في البرنامج، وهو عمل صعب، ليقدموا ما لديهم بطريقة عفوية من ذكريات جميلة، وعادات قديمة، ويتذكرون الأشياء الجميلة، ويجعلون المشاهد يستعيد ذكريات تلك الأيام السالفة المحبب استحضارها ذهنياً من قبل كل شخص...في طفولته، في شبابه مع أصدقاء طفولته.
إنه فعلاً عمل رائع بشهادة الكثير من المواطنين المتابعين له، فهو يستحق كل التقدير، ولا ننسى المخرج المبدع راشد الجميري فإنه لا يختلف عن الأستاذة فاطمة الصديقي في الإخلاص والأفكار الجميلة وفن التنسيق، وكذلك الأخ العزيز الأستاذ وليد الذوادي، صاحب الإشراف والإعداد العام، وأخيراً الأستاذة مقدمة البرنامج والحوار رقية محسن تلك الشابة المحترمة والمحترفة في التقديم وبكلامها وطريقة أداء الحوار مع المشاركين في البرنامج في الأستوديو.
وأنا أعجز عن وصفها كمقدمة برنامج رائع مثل برنامج «لمسيان» بزيها التقليدي الجميل، الذي ينتمي إلى عادات وتراث البحرين، والمعبر عن عبارة عن رسمة جميلة تتحدث عن الماضي. فجزاكم الله خيراً على هذا العمل الممتاز.
عزيزي القارىء إن كل ما ذكرته في هذا المقال هو عبارة عن كلمة تشجيع وإشادة بهذا العمل الرائع، فعليك يا أخي العزيز أن تشاهد ولو حلقة واحدة لتثبت لك صحة ما سطَّرته في هذه الزاوية.
وأخيراً هنيئاً لكم مشاهدي محطة تلفزيون البحرين على هذه الفئة الممتازة من المعدين للبرنامج وتحياتي لكافة طاقم هذا البرنامج وإلى الأمام.
صالح بن علي
إللي هجرني وراح ما ظن إله عوده
أنشدك يازمن لي بالعجل عوده
خلني أرتاح ويزهي الورد على عوده
وين أنا أرتاح وخلي عني ابعيد
فيني أبد مانشد، مازارني حتى ابعيد
مهما عني بعد، وين بروح ابعيد
والطير مهما ابتعد، حق عشه إله عوده
***
أشكي من الزمن
يا صاح أشكي من الزمن وأضرب على راسي
يا حسرتي ضل مركبي، أبحر الندم راسي
ويلاه بعد ويلاه من ذاب متراسي
ظليت أنحب وفكر، مليون ألف مره
ما لي حظ ابدنيتي ومعيشتي مره
والفرح يا شوق أبد ما مرني مره
آلام وآهات تشتعل دوخوا راسي
جميل صلاح
سبق أن عرفنا جريمة الرشوة بأنها إحدى الجرائم ذات الصلة بالوظيفة العامة وتدور في جوهرها حول الإخلال ببعض الواجبات التي يلتزم بها من يشغل هذه الوظيفة ولهذا فإن صفة الموظف العام تعد المرتكز الأساسي والشرط المفترض في جريمة الرشوة ومن ثم فإن الأمر يقتضى أن نوضح مدلول الموظف العام من الناحية الإدارية والجنائية.
الموظف العام في القانون الإداري هو الشخص الذي يعهد إليه على وجه قانوني أداء عمل في صورة من الاعتياد والانتظام في مرفق عام تديره الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة إدارة مباشرة، وهذا يعني أن الموظف العام له وضع قانوني داخل المنظومة الإدارية للدولة ويخضع لقوانينها وما تلزمه هذه القوانين به من قواعد، وبما لها من سلطة تأديبية إذا أخل الموظف بواجبات هذه الوظيفة، أما المفهوم الجنائي للموظف العام فينطلق أساساً من أهمية حماية الوظيفة العامة وضمان نزاهتها بما يؤدي إلى بعث ثقة جمهور الناس في عدالة الدولة وحيادها وشرعية أعمالها، فالموظف العام حين يؤدي أعمال وظيفته يعمل باسم الدولة ولحسابها ويمارس بعض اختصاصاتها، فإذا أخل بهذه الأعمال أو انحرف في ممارستها اهتزت ثقة الناس في الوظيفة العامة ومصداقيتها الأمر الذي يقتضي تجريم تصرفات الموظف العام التي تؤدي إلى الاجتراء على الثقة المتبادلة بين الدولة ممثلة في موظفيها وجمهور الناس الذين يتعاملون مع الموظف العام.
ومن ناحية أخرى فإن قانون العقوبات البحريني في تجريمه للرشوة هدف إلى حماية جمهور الناس من الموظف العام حين يستغل وظيفته وإذا كان لم يحدد حصرياً من هو الموظف العام غير أنه يمكن تحديد الموظف العام خلال الاسترشاد بأحكام القانون الإداري، فما ورد في المادة (186) من قانون العقوبات البحريني أن الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة كما جاء في نهاية المادة (189) أنه تقوم جريمة الرشوة لدى الموظف العام حتى لو كان العمل العام لا يدخل في اختصاص الموظف ولكنه زعم ذلك كذباً أو اعتقد خطأ.
وعليه يمكننا أن نحدد المقصود بالموظف العام والمكلف بخدمة عامة وهم على سبيل المثال المستخدمون في المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة تحت رقابتها، أعضاء المجالس النيابية العامة أو المحلية سواء كانوا منتخبين أو معينين، المحكمين أو الخبراء والحراس القضائيين، وفي العامة كل شخص مكلف بخدمة عامة.
ولا يعني قانون العقوبات بالدرجة الوظيفية للموظف العام أياً كانت ورتبته الوظيفية، فتقوم جريمة الرشوة طالما كان منخرطاً في العمل الحكومي معيناً من قبل الدولة أو مكلفاً بأداء خدمة وظيفية عامة للدولة، فجريمة الرشوة تطال أي موظف فاسد ومتى أخل بواجبات الوظيفة وحصل على منافع مادية أو معنوية من الأشخاص لقاء أداء مهمات وظيفته على خلاف القانون عن عمد، ولا يتغير من الأمر شيء حتى لو لم يدخل هذا العمل في مهمات وظيفته ولكنه زعم ذلك أو اعتقده خطأ.
وزارة الداخلية
العدد 4130 - الجمعة 27 ديسمبر 2013م الموافق 24 صفر 1435هـ