أكد رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن البحرين تجاوزت مرحلة الخطر، وخرجت من التجربة أكثر قوة، على رغم إشارته إلى أن «الأمور ليست وردية»، بسبب وقوع عدد من الاعتداءات في المنامة: «تعاملت معها الشرطة بالحزم والحسم اللازمين»، لافتاً إلى أن المملكة تستخدم الغاز المسيل للدموع، وهو «أفضل من استخدام الذخيرة الحية، مع جماعات تستخدم أسلوب حرب العصابات» على حد قوله.

وذكر أن صورة البحرين في وسائل الإعلام ليست واقعية. مبيناً أنه «ومنذ بداية الأزمة التي تفجرت خلال العام 2011، تعرضنا لحملة مجحفة، في الصحف ووسائل الإعلام، إلى درجة أن قناتين فضائيتين، قدمتا اعتذارين إلينا بعد نشرهما معلومات غير صحيحة. كنا من البداية نواجه حملة غير عادلة وغير طبيعية، لم تكن تنقل الواقع. كانت بعض الأجهزة الإعلامية تنقل أنباء عن حدوث قصف بطائرات الأباتشي لمواقع المحتجين، ونحن لا نملك حتى طائرة أباتشي واحدة».

وبين أن وسائل إعلام تنقل عن أخرى من دون أن تتأكد من المعلومات، مشيراً إلى أن هناك مراسلين في البحرين نعرفهم بالاسم، لا ينقلون الواقع بل يعبِّرون عن اتجاهاتهم السياسية، ينقلون الصورة التي تتناسب مع رؤاهم السياسية، فانتشرت أخبار غير دقيقة، موضحاً أن الوكالات التي يعمل فيها هؤلاء لا تتعب نفسها حتى في التدقيق في المعلومات التي تنشرها.

وقال الحسن: «كنا وما زلنا نلتزم بالشفافية، ونحاول تصحيح المفاهيم. نعرف أنه ومع مرور الوقت ستتضح الحقيقة»، مبيناً أن «بعض الجهات حاولت أن تستغل موجة الربيع، بدفع الأوضاع في البحرين معها. في البداية كانت هناك مطالبات معيشية محدودة، وظائف وقضايا صغيرة مطلبية وغيره، لكن مع انتشار موجة الربيع لاحظنا تغير الخطاب للمطالبة بإسقاط النظام وإنشاء جمهورية إسلامية، وبدأت الأمور تخرج عن المطالب الاعتيادية».

واستغرب رئيس الأمن العام أن تحدث هذه الدعوات في ظل وجود إصلاحات حقيقية، وفي ظل وجود برلمان منتخب، تحظى فيه المعارضة بنصيب الأسد (18 مقعداً من 40)، وفي ظل وجود حريات عامة، وصحافة حرة ورأي ورأي آخر، مبيناً «كنا نسمح بالمظاهرات وفي إحدى السنوات، كان عدد المسيرات القانونية التي خرجت أكثر من 400 مسيرة». لافتاً إلى أنه «وعلى رغم توافر أجواء الديمقراطية، فإن بعض الجهات ظلت تنادي بإسقاط النظام. وحاولت أن تركب موجة الربيع العربي، لجر البحرين إلى دائرة العنف والصراع».

وقال الحسن: «سعينا كما سعت القيادة العليا إلى امتصاص الغضب، بعدة خطوات من بينها التواصل والحوار مع فئات الشعب. لكن كان بائناً أن هناك أهدافاً خفية، غير ما يقال وما يخطط له. جرت السيطرة على دوار استراتيجي في موقع حساس في وسط المدينة، كما جرت السيطرة على مستشفى، بهدف تعطيل الحياة وضرب الاقتصاد. كانت هناك دعوات لضرب الاقتصاد... وطرق وأساليب بشأن شل الدولة. أصبح الموضوع خارج نطاق المظاهرات السلمية العادية».

وأكد «نحن الآن أكثر اطمئنانا... الشكاوى من رجال الشرطة تغيرت كثيرا. على رغم وجود بعض المخالفات على الأرض... وهي تحدث نتيجة التعامل مع آلاف المعاملات اليومية، فتقع أخطاء... هذا شيء عادي فنحن بشر. نخطئ... لكن الآن لدينا القدرة على المعالجة واكتشاف الأخطاء. فإذا كانت أخطاء في تطبيق القانون نتعامل معها وفق القانون، أما إذا كانت ناتجة عن قلة التدريب، فنقوم بإخضاع المخالفين إلى مزيد من التدريب».

وعن الأوضاع الآن، قال الحسن: «بكل الفخر نحن ثاني أفضل دولة في العالم، يعيش فيها الأجانب في سلام بحسب تقارير دولية موثقة. مستوى التوتر والجريمة انخفض بدرجة كبيرة... وتراجعت الجرائم الإرهابية عن 2011 إلى درجة عالية. صحيح تقع حاليّاً أحداث متفرقة، لكنها تضاءلت كثيراً. ضبطنا خلايا نائمة أخيراً، تعمل من أجل زعزعة استقرار البلاد، وضبطنا وثائق تؤكد طبيعتها الإجرامية، وتأكد لدينا أن هذه العناصر كانت تتدرب في الخارج. ولدينا أدلة على ذلك، وتم تفكيك عدد من الخلايا. ونركز الآن على مكافحة هذه الآفة».

لكنه استدرك، لا نقول: «إن الأمور الآن باتت وردية. فلاتزال هناك اعتداءات تحدث لعناصر الشرطة، ومحاولات لقطع الطرق العامة. وعلى رغم ذلك لم نتراجع عن خطوات الإصلاح. وخلال هذا العام ومن يناير/ كانون الثاني حتى نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي سمحنا بنحو 77 مسيرة، بواقع مسيرة كل 4 أيام.

وعما إذا تستورد البحرين الغاز المسيل للدموع بكميات كبيرة، قال الحسن: «أليس أفضل من استخدام الذخيرة الحية، مع جماعات تستخدم أسلوب حرب العصابات. بطبيعتنا في البحرين قيادة وشعباً، لا نميل إلى العنف، فهو دخيل على مجتمعاتنا، لذلك نحاول دائماً ضبط النفس حتى لا يقع قتلى. هناك مؤتمر للحوار الوطني يهدف إلى وضع قواعد للعبة السياسية. نحن بدورنا نريد أن نمهد الأجواء لإنجاح هذا الحوار».

وعما إذا هناك جهات خارجية تعمل على زعزعة الأمن، كما ذُكر سابقاً، قال رئيس الأمن العام: «تأكد لدينا أن جماعة حزب الله اللبنانية وكتائب حزب الله في العراق، تدعم عناصر في الداخل لزعزعة الأمن في بلادنا. ولدينا أدلة ووثائق على هذه الأشياء. لا نتحدث عن اعترافات فقط، بل عن أدلة، مثل معلومات داخل أجهزة كومبيوتر جرت مصادرتها، ورصد مكالمات تليفونية، ومبالغ وتحويلات مالية وأرصدة كلها تؤكد هذه المعلومات»، لكنه نفى اتهام إيران كحكومة بذلك... مستدركاً بأن هناك جهات داخلها متورطة.

وعن تعثر الاتفاقية الأمنية الخليجية، قال: «نحن دول مستهدفة؛ لأننا في منطقة استراتيجية تتقاطع فيها المصالح الإقليمية والدولية، وتتمتع بثروات طائلة. وأمن هذه المنطقة يأتي في المقدمة، لذلك فإننا نعقد اجتماعات ولقاءات مستمرة، لتبادل المعلومات والتنسيق. وفي داخل مجلس التعاون الخليجي، توجد مئات اللجان، وللأجهزة الأمنية نصيب كبير فيها.