قرَّرت المحكمة الكبرى الإدارية أمس الأحد (22 ديسمبر/ كانون الأول 2013)، تحديد جلسة (29 يناير/ كانون الثاني 2014) للفصل في القضية المرفوعة من قِبل وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة، والتي يُطالب فيها بحل المجلس الإسلامي العلمائي وتصفية أمواله، مع السماح للمحامين بتقديم مرافعاتهم خلال أسبوعين.
وحضر أمس المحامون سيدمحسن العلوي، ومحامٍ مناب عن جاسم سرحان، وزهراء مسعود، وعلي الشملاوي، وحسين عقيل الذي طلب أجلاً كافياً لتقديم مرافعة للدفاع، كما بين بأنه تم تبليغه بموعد الجلسة يوم الخميس الماضي، مطالبا بنسخة من قرص مرن كانت ممثلة الدولة قد قدمته كمستند، ولم يحصل عليه في الجلسات السابقة، وما قدم من مستندات ودفوعات من قبل الحاضرين في الجلسة السابقة التي لم يُبلغ بها، وفق تأكيداته.
فيما طالبت ممثلة قضايا الدولة حجز الدعوى للحكم مع السماح للحاضرين بتقديم دفاعهم.
وكان المحامون تقدموا بمذكراتهم الدفاعية، وذلك بعدما انضم المحامون الحاضرون مع ما قدمه المحامي الشملاوي الذي قال تقرر محكمة النقض المصرية، فخر القضاء العربي، أن كل ما كان ضمن السلطة التقديرية للقاضي فلا معقب عليه من المحاكم العليا مادام استخلاصه سائغاً وله أصل في الأوراق. ولما كان طرفا هذه الدعوى قد تجادلا بشأن وجوب نظرها بصفة مستعجلة، وبين عدم ضرورة ذلك، وفي الخلاصة قررت محكمتكم تحديد جلسة 12 يناير. ثم يُفاجأ الدفاع بتعجيل نظر الدعوى لجلسة 10 ديسمبر/ كانون الأول 2013، أي 32 يوماً وهنا يثور تساؤل عما هي ضرورة هذا التعجيل؟ سؤال حائر حول كون التعجيل سائغاً بالمفهوم المقرر في قضاء النقض المقارن، فالسبب الذي يمكن أن يستند إليه في التعجيل قد تمت مناقشته في الجلسة السابقة وقد رفضت المحكمة جميع المبررات التي ساقها المدعي لطلب جلسة قريبة. فما حدا مما بدأ؟
وأضاف الشملاوي «إننا نتمسك بما أبديناه سابقاً من دفع بعدم صفة المدعي في رفع هذه الدعوى؛ لأنه كوزير للعدل إنما يختص بمقاضاة الجمعيات السياسية وطلب حلها، وحتى تستقيم الخصومة فعليه كمدَّعٍ أن يُثبت تلك الصفة في جانب المجلس العلمائي الذي يُنكر الوزير المدعي وجوده ككيان فضلاً عن كونه جمعية سياسية؛ بدليل وصفه في صحيفة الدعوى (بما يُسمى) ويكون السير في الخصومة قبل إثبات صفة الجمعية السياسية، ووضعٌ للعربة أمام الحصان (خِلافاً لسيرة العقلاء)!».
وتابع «ينوه الدفاع إلى أن أي شخص سواء كان محامياً أم لم يكن لا يسمح له بالحضور ما لم يقدم ما يثبت صفته كأصيل أو كوكيل عن أحد طرفي الخصومة وهذا أمر مسلَّم به فضلاً عن كون القانون يستلزمه، ومع احترامنا لشخص الحاضرة عن المدعي، إلا أنها لم تقدم ما يُخولها بذلك الحضور؛ فيغدو حضورها غير قانوني، ولا يُرد على ذلك بأنها ضمن فريق يمثل الدولة في خصوماتها؛ لأننا لو سلمنا جدلاً بأن هيئة قضايا الدولة موجود ككيان، فلابد من أن تقدم الحاضرة ليس فقط ما يثبت أنها موظفة في ذلك الكيان بل عليها أن تثبت أن وظيفتها تعطيها بحسب القانون الحق في تمثيل جهاز قضايا الدولة أو أن تقدم تخويلاً ممن له صفة تمثل جهاز قضايا الدولة يخولها فيه الحضور عنه، وهذا ما لم تقدمه بل ولن تقدمه وذلك لسبب بسيط يتمثل في أن جهاز قضايا الدولة جهاز لم يُنشأ أو على أقل تقدير ليس له تنظيم قانوني حتى تاريخه، والقول بخلاف ذلك قول ينافي الواقع والقانون. وبالتالي فإن حضر من يدعي تمثيل ذلك الجهاز أو غاب سيّان؛ لأن حضوره لا يُعد وغيابه لا يُفتقد.
وأفاد الشملاوي أن اختصام المدعى عليه الأول بزعم أنه رئيس المجلس العلمائي فيه تكليف بمستحيل وهو باطل عقلاً؛ فالمجلس العلمائي عدم في نظر المدعي كما تنطق بذلك صحيفة الدعوى، فلو حضر المدعى عليه الأول شخصياً فإن المحكمة ستطلب منه تقديم ما يثبت صفته كرئيس لكونه مختصماً بتلك الصفة وليس بشخصه، وهذا تكليف بمستحيل فالمدعى عليه لا يزعم لنفسه بتلك الصفة ولا توجد أي جهة رسمية ستصدر له إثباتاً لتلك الصفة؟ فالجهات الرسمية تنكر وجود المجلس، والمدعى عليه الأول ينكر كون المجلس جمعية سياسية، كما ينكر صفته كرئيس ما يجعل حضوره شخصياً كطرف في الخصومة مستحيلاً. وإذا كان حضور المدعى عليه الأول شخصياً مستحيلاً فإن حضور المحامي عنه مستحيل من باب أولى؛ لأن ما تستحيل أصالة تستحيل وكالة؛ إذ إن أي محامٍ، وكما قدمنا، سيتحاج إلى توكيل من صاحب الشأن الصفة نفسها المختصم بها في الدعوى، ولما كانت تلك الصفة محل جدال ونزاع وبالتالي يغدو إصدار توكيل للمحامي تكليف بمستحيل آخر. وثم يتساءل الدفاع بأي صفة في الخصومة الماثلة سيقدم المدعى عليه دفاعه وهو لا يعلم صفته ومعلوم أن المادة 189 مرافعات جعلت البطلان جزاءً لتخلف بيان صفة الخصوم وغيابهم وحضورهم ووكلائِهم.
وانتهى الشملاوي بختام مرافعته الشفوية بأن هذه الدعوى مما لا يمكن ضم الدفوع فيها للموضوع؛ لأنه بالفصل في الدفوع تتحدد بوصلة التقاضي فيها ودون ذلك متاهة لا يُعرف منتهاها؛ ما يستوجب الفصل في الدفوع بانعدام صفة كلٍّ من المدعى عليهم والمدعي وعدم صلاحية الحاضرين عنه.
في المقابل، سلمت ممثلة جهاز قضايا الدولة المحكمة ووكلاء المدعى عليهم مستنداً عبارة عن أسماء المشكوى بحقهم كما جاء في توكيل المشكو ضدهم لمحاميهم، فيما اعترض المحامي جاسم سرحان وانضم معه الحاضرون بشأن أن قانون المرافعات يستوجب ذكر الاسم الثلاثي واللقب للمشكو ضده وليس كما هو بلائحة الادعاء اسمين فقط، كما جاء في المستند ذاته المقدم بجلسة الأمس لأحد المشكو ضدهم، مطالباً بتعديل ذلك في لائحة الدعوى.
ممثلة جهاز قضايا الدولة طلبت حجز الدعوى للحكم مع مرافعات، فيما طلب المحامون أجلاً للمرافعة، في الوقت الذي اتضح بأن المشكو في حقه الخامس لم يبلغ بتقديم الجلسة.
وتشير تفاصيل القضية المرفوعة من قِبل وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف بصفته إلى أنه و «دون سند من الدستور أو القانون، وبالمخالفة لهما، تأسس ما يُسمى المجلس الإسلامي العلمائي - وبصرف النظر عمّا يسبغون عليه من أوصاف من أن نشاطه نشاط ديني - وهذا الوصف لا يتفق وحقيقة المقصود من وجوده، وهو ممارسة النشاط السياسي بغطاء ديني طائفي في شكل مؤسسي (جمعية سياسية) بمسمى ديني (المجلس الإسلامي العلمائي) يباشر هذا المجلس بهذا الوصف نشاطه بمملكة البحرين».
وجاء في الدعوى المرفوعة: «إن المجلس يمارس نشاطاً سياسياً بغطاء ديني طائفي، وتصريحاته تهدد أمن وسلامة المملكة والسلم الأهلي، وتشجع روح العنصرية المذهبية بما يؤدي إلى تمزيق الوحدة الوطنية ويذكي نار الفتنة الطائفية، كما أن مبادئ المجلس وأهدافه وبرامجه ووسائله تتعارض مع الثوابت الوطنية التي يقوم عليها نظام الحكم».
العدد 4125 - الأحد 22 ديسمبر 2013م الموافق 19 صفر 1435هـ