العدد 4124 - السبت 21 ديسمبر 2013م الموافق 18 صفر 1435هـ

سوريا ـ العشرات من الهجمات الحكومية على حلب

نيويورك – الأمم المتحدة 

تحديث: 12 مايو 2017

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم(22ديسمبر/كانون الأول2013) إن العشرات من الغارات الجوية التي شنتها قوات الحكومة على محافظة حلب في الشهر الماضي، وأسفرت عن مقتل المئات من المدنيين وبينهم أطفال، كانت غير مشروعة.

بعد شهور من تعادل الكفتين بين القوات الحكومية والمعارضة في حلب، وثقت هيومن رايتس ووتش اشتداداً للهجمات الحكومية بدءاً من 23 نوفمبر/تشرين الثاني، وقد شهدت أيام 15-18 ديسمبر/كانون الأول أعنف الغارات الجوية على حلب حتى تاريخه.

وأصابت الهجمات مناطق سكنية وتجارية، فتسببت في أحيان كثيرة في مقتل العشرات من المدنيين، إما بإخطاء الأهداف العسكرية المحتملة أو بدلائل لا تذكر على وجود أهداف عسكرية مقصودة في محيط الهجمات.

وأجرت هيومن رايتس ووتش عن طريق الهاتف مقابلات مع ضحايا وشهود ونشطاء محليين ومشتغلين في القطاع الطبي، وتحققت من أقوالهم بتحليل مقاطع فيديو وصور فوتوغرافية منشورة على الإنترنت.

كما زار أحد مستشاري هيومن رايتس ووتش ثلاثة من مواقع الهجمات وأجرى مقابلات مع ثمانية من الضحايا والشهود.

وقال أوليه سولفانغ، وهو باحث أول في ملف حالات الطوارئ في هيومن رايتس ووتش: "لقد عملت القوات الحكومية على نشر الدمار في حلب خلال الشهر الماضي، فإما أن تكون القوات الجوية السورية عديمة الكفاءة لدرجة إجرامية، أو أنها لا تكترث بقتل العشرات من المدنيين ـ

أو أنها تتعمد استهداف المناطق المدنية".

قامت الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي تتخذ من لندن مقراً لها، والتي حققت في الوفيات الواقعة بين 15 و18 ديسمبر/كانون الأول، بتوثيق وفاة 232 مدنياً، توفي أغلبيتهم الساحقة جراء الغارات الجوية.

كما قامت مجموعة رصد أخرى من داخل سوريا تعمل على جمع معلومات عن الوفيات أثناء النزاع، وهي مركز توثيق الانتهاكات، بجمع أسماء 206 أشخاص قتلوا في غارات جوية بين 15 و18 ديسمبر/كانون الأول، بينهم مقاتلان.

وثق مركز توثيق الانتهاكات مقتل 433 شخصاً في غارات جوية في سائر محافظة حلب بين 22 نوفمبر/تشرين الثاني و18 ديسمبر/كانون الأول، وكان ثمانية فقط من هؤلاء من مقاتلي المعارضة.

وتشير أبحاث أجرتها هيومن رايتس ووتش أيضاً إلى أن هجمات قوات المعارضة، التي أدت إلى مقتل مدنيين في الجزء الخاضع لسيطرة الحكومة من مدينة حلب في نفس التوقيت، كانت على ما يبدو عشوائية عديمة التمييز، وبالتالي غير مشروعة.

ويبدو أن هذه الغارات الجوية الأخيرة قد اتبعت نفس النمط الذي اتبعته غارات كانت هيومن رايتس ووتش قد وثقتها في تقريرها لشهر أبريل/نيسان، "موت من السماء".

خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن القوات الحكومية استخدمت وسائل وأساليب حربية لا يمكنها، في الظروف السائدة، التمييز بين المدنيين والمحاربين، مما يجعل الهجمات عشوائية عديمة التمييز وبالتالي غير مشروعة.

بدت قوات الحكومة في بعض الحالات وكأنها تتعمد استهداف المدنيين والأعيان المدنية، أو كأنها لم تستهدف أعياناً عسكرية ظاهرة.

أصابت معظم الهجمات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش في الشهر الماضي ما لا يقل عن 16 حياً سكنياً في الجزء الخاضع لسيطرة المعارضة من مدينة حلب، وبلدة الباب التي تبعد 40 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي.

كانت الباب في قبضة المعارضة منذ يوليو/تموز 2012، وكثيراُ ما تأتي منها إمدادات المقاتلين لمواجهة القوات الحكومية في حلب.

وسقطت بعض الهجمات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش على مقربة نسبية من أهداف عسكرية محتملة، فعلى سبيل المثال، في 12 نوفمبر/تشرين الثاني، سقطت قنبلة أدت إلى مقتل 12 مدنياً في حلب على مسافة نحو 100 متر من بناية يحتلها مقاتلون للمعارضة.

إلا أن سكان محليين من حلب والباب قالوا إن هجمات الشهر الماضي لم تصب أو تعطب أياً من قواعد المعارضة أو نقاط تفتيشها المعروفة في المدينتين.

وقال سكان محليون ممن شهدوا الهجمات أو وصلوا إلى مسرحها بعدها بقليل، قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لم يروا مقاتلين معارضين مسلحين ضمن الجرحى والقتلى.

وقال طبيب يعمل بمستشفى ميداني في حلب، استقبل أكثر من 100 مصاب في 15 ديسمبر/كانون الأول، لـ هيومن رايتس ووتش إن عدداً قليلاً من مقاتلي المعارضة كانوا بين المصابين، لكن الـ30 الذين توفوا في المستشفى في ذلك اليوم لم يكن بينهم أحد منهم.

وقال الطبيب إن مقاتلي المعارضة جرحوا عند سقوط قنابل على بناية سكنية يعيش فيها أقارب لهم بينما كانوا يستريحون في بيوتهم، وليس أثناء القتال.

وزعم الشهود وبعض التقارير الإعلامية أن الكثير من القنابل التي أصابت حلب والباب في الشهر الماضي كانت عبارة عن براميل للنفط مملوءة بالمتفجرات والمواد المساعدة على التشظي، مثل المعادن الخردة أو المسامير، والتي يطلق عليها عادة القنابل البرميلية، وقد تم إلقاؤها من مروحيات.

ويبدو أن صورة فوتوغرافية منشورة على صفحة "فيسبوك" الخاصة بقناة "حلب اليوم"، ويظهر بها برميل نفط مهشم يُزعم أن مروحية أسقطته على حلب في 16 ديسمبر/كانون الأول، تؤيد المزاعم التي تفيد باستخدام القنابل البرميلية، كما كانت هيومن رايتس ووتش قد وثقت استخدام القوات الجوية السورية لمثل تلك الأسلحة في الماضي.

إلا أن غياب الأدلة القاطعة المستمدة من مقاطع الفيديو وغياب بقايا الأسلحة في مواقع الهجمات كانا يعنيان عدم تمكن هيومن رايتس ووتش من الخلوص إلى استنتاج بشأن نوعية الأسلحة المستخدمة في الهجمات الأخيرة.

وتبين المقابلات، والصور ومقاطع الفيديو المأخوذة في أعقاب الهجمات، أن العديد من الهجمات قد أدت إلى تلفيات كبيرة، ودمرت في بعض الأحيان بناية أو عدة أبنية بالكامل. وتعتقد هيومن رايتس ووتش أنه لا يجوز للقادة العسكريين، كسياسة عامة، إصدار أوامر باستخدام أسلحة انفجارية يمتد أثرها على مساحات واسعة في المناطق المأهولة، بسبب الضرر المتوقع للمدنيين.

ويبدو أيضاً أن قوات المعارضة قد خالفت القانون الدولي إبان الاشتداد الأخير للقتال، عن طريق إطلاق صواريخ وقذائف هاون على نحو عشوائي على مناطق مدنية في الجزء الخاضع لسيطرة الحكومة من حلب.

فعلى سبيل المثال، في 4 ديسمبر/كانون الأول، أطلقت قوات المعارضة ما لا يقل عن 10 صواريخ أرض-أرض على العديد من تلك المناطق السكنية، فقتلت 19 مدنياً على الأقل، بحسب مقابلة مع أحد سكان المنطقة، وصور ومقاطع فيديو راجعتها هيومن رايتس ووتش.

تقرر بدء مباحثات السلام في مفاوضات "جنيف 2" السياسية بين الحكومة وبعض فصائل المعارضة في مونترو بسويسرا، يوم 22 يناير/كانون الثاني 2014.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على مجلس الأمن الأممي إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وفرض حظر للتسلح على الحكومة، وتبني جزاءات بحق مسؤولي الحكومة المتورطين في انتهاكات.

وقال أوليه سولفانغ: "فيما كان انتباه العالم ينصب على مباحثات السلام المحتملة، كانت الحكومة السورية تهاجم المناطق المدنية بقوة نيران كبيرة. وحتى بينما يحاول الدبلوماسيون التوصل إلى حل سياسي، ينبغي للعالم ألا يسكت على قتل المدنيين دون وجه حق".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً