البروفيسور فيصل عبداللطيف الناصر

(رئيس قسم طب الأسرة والمجتمع بجامعة الخليج العربي)

الخرف من العلل المخيفة التي تُرهب الناس، فالكل يتمنى ويدعو الله ألاّ يُصاب بهذا الداء الذي يحطُّ من قدر الإنسان ومكانته وإمكاناته.

فالخرف هو انحدار في وظائف الدماغ العامة ناتج عن فقدان أبدي في الخلايا العصبية. وعندما تموت الخلايا الدماغية فإنها لا تُعوَّض كخلايا الأعضاء الأخرى. فالإنسان يولد ولديه ما يقارب من 5000 مليون خلية دماغية تتحكم في جميع أنشطة الإنسان الجسمية والذهنية، وخلال فترة حياته فإن نسبة الهلاك الطبيعي لها نحو 50 في المئة، إلا أنها لا تؤثر على نشاطاته الذهنية الطبيعية.

أنواع الخرف:

• الخرف المرضي:

هو الذي يحدث بسبب إصابة المخ بأمراض مختلفة من أهمها تصلّب الشرايين الذي يؤدي إلى نقص تروية الدماغ متسبباً في ضمور أجزاء منه. وتكثر هذه الحالة في الذكور عنه في الإناث، وعادة ما تبدأ بعد سن السبعين، وأحياناً قد تبدأ مبكراً جداً (مع سن الأربعين).

والأعراض تبدأ بشكوى المصاب من فقدان الذاكرة وفقدان الاستيعاب الذهني والقدرات الذكائية، مع احتفاظ المريض بإدراكه، ما يؤدي إلى احتمال إصابته بالاكتئاب لعدم قدرته على ممارسة أعماله اليومية الطبيعية. وفي بعض الأحيان يشكو من ألم في الرأس، دوخة، طنين الإذن، اضطراب في الأعصاب أو شكاوى متعددة ليس لها مصدر مرضي.

• خرف الشيخوخة:

إن هذا النوع من الخرف يأتي مع كبر السن، إلا أن للوراثة دوراً أساساً في ظهوره؛ فتزداد احتمالات حدوثه أربع مرات إذا ما كان أحد أفراد العائلة مصاباً بالمرض ذاته.

ويعاني المصابون به بضمور في المخ ونقص في حجم وعدد الخلايا العصبية. ويحدث المرض بصورة تدريجية وعلى سنوات عديدة. وأول شكوى المريض هو فقدان الذاكرة ويعقبه نقص في القدرات الذهنية، ومن الممكن أن يصاب بالهلوسة، ولكن في سن متقدمة جداً، عندئذٍ لا يعي المريض مشكلته ولكن يكتشفها أهله أو جيرانه الذين يلاحظون فقدانه للذاكرة والتشويش في التركيز وعدم القدرة على الاعتناء بالنفس.

ويختلف هذا النوع من الخرف عن الخرف المرضي الذي يحدث فجأة وفي وقت قصير متسبباً بضرر نوعي أو دائم للمصاب، فهنا يدرك المريض حالته المرضية، كما يكون محتفظاً بالشخصية. وعادة ما تُصاحب هذا النوع أمراض أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم. بينما خرف الشيخوخة يحدث بصورة بطيئة جداً وبالتدريج ولا تتأثر الحالة النفسية للمريض.

• خرف ما قبل الشيخوخة الذي يسمى «Alzheimer»:

في هذه الحالة يتم فقدان الخلايا العصبية بسرعة كبيرة أكثر من المعدل الطبيعي؛ وذلك لأسباب مجهولة. فيقلُّ حجم المخ بشكل ملحوظ. والخرف هنا عام، إلا أن المصاب على دراية بحالته، وأول شكوى للمصاب هي النسيان المتزايد. فبالتالي انه مرض يؤدّي إلى الوفاة في غضون عامين إلى عشرة أعوام.

عندما يصاب الإنسان بالخرف يتدهور أداؤه الجسمي ونشاطه الذهني، وبالتالي يتحوّل من الإنسان الفعّال المشارك إلى آخر يكون عالة على أهله والمجتمع. لذا وللوقاية من احتمالات الإصابة بالخرف لابدّ من الاعتناء بالصحة والغذاء الجيد والمحافظة على الوزن المناسب.

إلا أن من أهم عوامل الوقاية هو الاستمرار في ممارسه الأنشطة الذهنية التي تحافظ على حيوية الدماغ والابتعاد عن الضغوط النفسية وعن الممارسات غير الصحية كالتدخين وشرب الكحول والخمول.