العدد 4123 - الجمعة 20 ديسمبر 2013م الموافق 17 صفر 1435هـ

«عمر»: خباز عاشق... مقاتل... ثم... جاسوس

أول الأفلام التي تستعرض حالة الإحباط هذه، هو فيلم «عمر» لهاني أبو أسعد. هذا الفيلم هو الثامن على قائمة أفلام المخرج الروائية، وهو ثاني فيلم له يفتتح مهرجان دبي، وذلك بعد «الجنة الآن» الذي افتتح الدورة الثانية.

الفيلم انتاج فلسطيني اماراتي، معظم موازنته جاءت من فلسطين فيما جاء المتبقي من مبادرة إنجاز لدعم مشاريع الأفلام، إحدى مبادرات مهرجان دبي. حقق نجاحات عالمية كبرى أهمها فوزه بجائزة لجنة التحكيم في مسابقة «نظرة ما» في الدورة الأخيرة من مهرجان كان السينمائي، إضافة إلى ترشحه لأوسكار أفضل فيلم أجنبي.

يناقش أبوأسعد، الذي وضع سيناريو الفيلم، أوضاع فلسطينيي الداخل الذين تنهشهم قسوة الاحتلال من جهة ومرارة الشك وانعدام الثقة فيما بينهم من جهة أخرى. تحديداً، يناقش ما يدفع فلسطينيي الداخل إلى التعاون مع الاحتلال، وهل يتعاونون فعلاً معه أم يصفُّون حساباتهم؟.

يستعرض ذلك من خلال قصة «عمر» الشاب الشفاف، الذي يعمل خبازاً في الضفة الغربية، يحب ناديا التي تعيش على الجانب الآخر من جدار الفصل العنصري في الضفة. يجعله حبه هذا ماهراً في تسلق الجدار يوميّاً والهروب من جنود المراقبة الرابضين بمحاذاته، ومن رصاصاتهم الطائشة بل واستهتارهم. كل ذلك من أجل لقاء بالحبيبة لا تتجاوز مدته دقائق معدودة، يتم خلسة، بعيداً عن عين شقيقها طارق وهو صديق عمر، وحتى عن فضول وتلصص وغيرة صديقه الآخر أمجد.

يتفق معها على الزواج. يعتقد أنه يمكن أن يحب ويعيش حياة بسيطة آمنة في فلسطين، لكنه يكتشف بعد ذلك أن كل ذلك محض خيال. لا حياة للحب في فلسطين. المحتل يرفض أن يعطيه تلك الرفاهية، والفلسطينيون أنفسهم يرفضون أن يمنحوا حبه الأمان والثقة.

يتورط في هجوم على الجيش الإسرائيلي فيعتقل، فيتحول من خباز عاشق إلى مقاتل من أجل الحرية، ثم إلى متعاون متورط مع الشرطة الإسرائيلية، يشي بأصدقائه، ولعلهم يشون به.

تشك ناديا فيه، ويشك هو في مشاعرها، يتهمه أمجد بالخيانة، فقط ليظفر بقلب ناديا، ويكتشف فيما بعد أنه وقع في اختبار صعب لإنسانيته ولرجولته. يفشل في جزء منه، لكنه ينجح في آخر. لعله نجاح مطعم بفشل ومرارة لن تزول.

تمزقه خيانة ناديا، كما غدر أمجد، وشك طارق وأعضاء التنظيم الذي ينتمي إليه، ثم يحاصره المحتل فيجد نفسه مجبراً على التعاون مع العدو بطريقة لعلها تخدش وطنيته، لكنها تقوي إنسانيته. عمر يبدو كبلاده ممزقاً بين قسوة المحتل وجبروته، وخيانة أبنائه وتقاتلهم.

الفيلم الذي يتنافس ضمن جائزة المهر للأفلام الروائية الطويلة، يواجهك بواقع جديد يختلف عن ذلك الذي صوره أبوأسعد نفسه قبل ثمانية أعوام في فيلمه «الجنة الآن». هناك صور ما يدفع الشباب لارتداء أحزمة ناسفة، لكنه اليوم يتحدث عما يمزقهم، يشتتهم ويضيع أهدافهم، ويجعلهم غير قادرين على تحديد مسارهم. إنه الاحتلال، وانقسام الشارع، وتشتت الفلسطينين أنفسهم.

الفيلم تمثيل آدم بكري، ليم لوباني، وليد زعيتر، إياد حوراني، سمر بشارات. انتاج وليد زعيتر وتصوير ايهاب عسل.

العدد 4123 - الجمعة 20 ديسمبر 2013م الموافق 17 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً