التعاون البيئي مقوم رئيس في منهجية استراتيجية العمل البيئي لدول مجلس التعاون الخليجي، وأمكن بفعله إحداث تحوّل نوعي في منظومة الانجاز البيئي، وذلك ما يمكن تبينه في قول رئيس المجلس الأعلى للبيئة في البحرين الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة المنشور في «الوسط» (العدد 4107 الخميس 5 ديسمبر 2013) الذي يؤكد فيه على «ان التعاون البيئي بين دول مجلس التعاون حقق بعد مضي ثلاثة من العقود الكثير من الانجازات»، ويشير إلى أنه «مع تصاعد أهمية القضايا البيئية في العالم، نحتاج إلى رفع أهمية العمل للتصدي للأخطار التي تواجه البيئة وتهدد الموارد الطبيعية».
قضايا البيئة مسألة محورية في خطط عمل المجلس ومنذ بدايات نشاطاته أدرجت ضمن أولويات استراتيجيات عمله التنموي وصار لها حضورها المميز في أجندة اجتماعات الوزراء المسئولين عن شؤون البيئة المختصة بالتحضير لقمم قادة دول المجلس، وهي في حاجة إلى جهود مؤسسة ومتواصلة للحد من المخاطر البيئية. وذلك ما يؤكد على ضروراته رئيس المجلس الأعلى للبيئة حيث يشير إلى «أننا اليوم في أمسّ الحاجة لرصد ومراقبة بيئتنا وبخاصة إنشاء شبكة إنذار مبكر لرصد مستوى الاشعاع في الهواء والماء، كما نحن في أمس الحاجة للبدء وبصورة عاجلة لتفعيل المركز الخليجي للرصد البيئي ومركز إدارة حالات الطوارئ في دول مجلس التعاون».
الاجتماع السابع عشر للوزراء المسئولين عن شئون البيئة بدول مجلس التعاون يشكل أحد التوجهات المنهجية للتحضير للقمة الرابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لدول المجلس ويمثل مقوماً رئيساً في استراتيجية التعاون البيئي الخليجي، ووفق الرؤية الاستراتيجية للبيئة لدول المجلس جرى تبني جملة من المخرجات تشكل إضافةً مهمة لجهود العمل المتواتر لبناء خطة عمل مؤسسة يمكن أن تسهم في إحداث تطور نوعي في منهجيات العمل البيئي وبما يفضي إلى تحقيق جودة المنجز في الأهداف المرصودة لصون النظم البيئية في دول المجلس.
القرارات الاستراتيجية التي جرى تبنيها متنوعة في بعدها الاستراتيجي، ومن الطبيعي أن تسهم في تقدم العمل وجودة الانجاز في المجال البيئي والتنموي، وترتكز في منظومة بنودها على نهج التوجه لبناء منهج متداخل الأبعاد للتعاون الدولي والإقليمي، والاستفادة من الخبرات العالمية لتطوير قدرات آلية العمل البيئي الخليجي.
الاستفادة من الخبرات العالمية خطوة مهمة للارتقاء بمنظومة العمل البيئي الخليجي، ويتمثل ذلك في القرارات المختصة بالموافقة على التعاون مع مبادرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا لإنجاز المشاريع البيئية والمقترح تنفيذها خلال الفترة 2014-2017، ودراسة التقارير والمعلومات الخاصة ببرنامج مكافحة العواصف الترابية الذي يقوده برنامج الأمم المتحدة للبيئة والتنسيق مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية WMO، والتعاون مع البنك الدولي بشأن مشروع الدراسة الخاصة ببرنامج العمل والشراكة البيئية لمنطقة الخليج، إلى جانب التعاون مع جمهورية تركيا في المجال الفني، وتشمل الاطلاع على الإجراءات المتبعة في كل من دول المجلس وجمهورية تركيا في مجال أنظمة تقييم المخاطر، والاستجابة للوقاية من التلوث الناجم عن السفن، وتبادل الخبرات في هذا المجال. والتعاون أيضاً مع المملكة المغربية في مجال البيئة والطاقات المتجددة والموارد الطبيعية، وإقامة ورشة عمل في النصف الأول من العام 2015، لتبادل المعلومات والخبرات حول إعداد تقارير حالة البيئة، وتقارير البلاغات الوطنية المتعلقة بتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ وبروتوكول «كيوتو»، وكذلك إقامة ورشة عمل في النصف الثاني من العام 2014، لتبادل المعلومات والخبرات حول المردود البيئي والمؤشرات البيئية.
توثيق العمل البيئي الخليجي ضمن منظومة التعاون بين دول المجلس والمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية «روبمي»، توجه عملي في استراتيجية القرار البيئي لدول المجلس، ووفق ذلك جرى الدعوة إلى ضرورة الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لإدارة مياه توازن السفن (BWM) نظراً لخطورة تأثيرها على المياه الإقليمية في المنطقة، والدعوة في سياق ذلك إلى استمرار التنسيق بين الأمانة العامة، والمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية/ مركز المساعدات المتبادلة للطوارئ البحرية (ميماك) في مجال تبادل المعلومات بشأن التسرب الإشعاعي، والسلامة الإشعاعية والإنذار المبكر، والتعاون في تنفيذ برامج المبادرة الخليجية الخضراء، فيما يخص برنامج الطوارئ لمكافحة التلوث البيئي، وبناء القدرات في مجال الطوارئ ومكافحة التلوث البيئي، ومعالجة ظاهرة المد الأحمر في الخليج العربي.
بناء القدرات الوطنية محط اهتمام القرار البيئي أيضاً لدول المجلس، وفي سياق ذلك النهج تقرذر إقامة ورشة العمل الخاصة بإعداد البلاغات الوطنية في دول المجلس في مملكة البحرين، وتنظيم ورشة عمل في دولة قطر بِشأن مشروعات آلية التنمية النظيفة (CDM)، ومناقشة وضع منهجية مشاريع اصطياد وتخزين الكربون (CCS)، ووضع الجهات الحكومية المعنية (DNAs).
القرارات التي جرى اتخاذها تتميز بأهميتها الاستراتيجية، بيد أنها غير قادرة بمفردها على المساهمة في تعضيد قدرات فاعلية المنجز للتعاون البيئي، وتحسين حالة البيئة، فإن ذلك بحاجة إلى تفعيل منظومة القواعد القانونية الوطنية والإقليمية والدولية في الشأن البيئي.
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 4122 - الخميس 19 ديسمبر 2013م الموافق 16 صفر 1435هـ