أطلقت شابة بحرينية صفحة إلكترونية عبر تطبيق «انستغرام» جاءت تحت عنوان «الوحدة الإسلامية» إحساساً منها بالضرورة الملحة لتفعيل هذا الشعار في الوقت الذي باتت تتلاشى فيه قيم المحبة والتسامح التي يدعو لها الدين الإسلامي.

والمشروع عبارة عن شخصيتين كارتونيتين أحدهما شيعي (سيد محمد) والآخر سني (محمد)، حيث تشير الشابة التي فضلت عدم الكشف عن اسمها إلى أن سبب هذه التسمية يرجع إلى أن الطائفتين كلتاهما تتخذان من رسول الله (محمد) قدوة لهما، وبهذا الخصوص كان لنا هذا اللقاء معها.

من أين جاءت فكرة المشروع؟

- تولدت فكرة المشروع نتيجة لما وجدته من تبادل كبير للشتائم بين أبناء الطائفتين عبر مواقع التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص، فوجدت أن قيم المحبة والتسامح التي يدعو لها الدين الإسلامي الذي ينتمي له أبناء هاتين الطائفتين في تلاش قبالة التطرف، وهذا ما دفعني إلى تدشين هذا المشروع، كبادرة إيجابية تحاول أن تحتوي وتعالج جزءا من المشكلة.

ما هي الرسالة التي تحاولين إيصالها من خلال هذا المشروع؟

- أحاول أن أبرز الصورة الناصعة عن الدين الذي شوهته صور الدم والألفاظ النابية وكل الأمور السلبية التي تتناقض مع الاسلام الصادرة عن بعض المتطرفين المحسوبين على الإسلام، فلابد أن يكون هناك تحرك من كل شخص بالقدر والإمكانات التي تناسبه، فأنا أحاول من خلال هذا المشروع أن أقول انه لا يوجد اثنان في هذه الحياة متفقين في كل شيء، وأن المطلوب منا هو أن نعرف كيف نختلف وكيف نتعايش مع الاختلاف.

كيف تقرئين بعض التعليقات التي تحاول أن تحسبكم على طائفة معينة؟

- الدعوة للوحدة ليست مخصوصة بطائفة دون أخرى، إذا كان هناك خلل فلا يعني ذلك أن نمتنع عن إصلاحه خوفا من أن نحسب على طائفة معينة، مهما كانت نظرتهم إلا أنني أحاول تجنب التطرق لهذا الموضوع قدر المستطاع، ليس من المهم أن أكون من هذه الطائفة أو تلك، بل المهم أن الرسالة التي أعمل على إيصالها تؤخذ لمصلحة الإسلام وليست لمصلحة طائفة معينة.

ما السبب الذي يمنعك من التصريح باسمك؟

- لديّ هدف أريد أن أحققه، فليس مهماً معرفة الشخص الذي يقف وراء هذا العمل، إذ يمكن أن أتهم بمحاولتي لتحقيق أغراض تخدم طائفتي، في حين أن هدفي هو هدف وحدوي.

ماذا تقصدين بالاسلام المعتدل؟

- الإسلام في الأساس هو دين اعتدال، فهناك علماء من الطائفتين يعملون على إقصاء الآخر، بينما هناك علماء آخرون يأخذون بالفكر الوسطي، الفكر الذي يسمع للطرف الآخر ويبحث عن الحقيقة، ويحاول بالمنطق أن يؤثر على الآخر، وإن لم يستطع ان يبقى الآخر حرا في اختيار مذهبه.

هل يمكنك أن تتحدثين عن الدلالات المتضمنة للشخصيتين المحوريتين؟

- اختياري لاسم محمد قائم على أساس أن الطائفتين قدوتهما رسول الله محمد (ص)، بدأت برسم الشخصية الشيعية (سيد محمد)، ولهذا أردت أن تكون الشخصية الثانية مختلفة عن الأولى من حيث اللون والشكل والمذهب وغيرها، ما يساعد على إيصال المفهوم الذي أريد إيصاله.

ما مدى حاجة المجتمع اليوم لإشاعة روح الوحدة؟

- موضوع التطرف قديم، ولكن بعد (الربيع العربي) وخصوصا فيما يتعلق بالقضية السورية أصبحت هناك حاجة ملحة لمثل هذه المشاريع الداعية للوحدة الإسلامية، ومن هنا أدعو الشباب الى أن يوظفوا إمكاناتهم حتى وإن كانت متواضعة في رأب هذا الصدع.

في رأيك ما هي أبرز أسباب الفرقة بين المسلمين؟

- المشكلة التي نعاني منها تتمثل في تحويل القضايا السياسية إلى قضايا مذهبية، حتى لو لم تكن هناك علاقة بالموضوع، فيقوم العلماء المتطرفون من الطائفتين باستغلال الجانب الديني لدفع أبناء طائفتهم للصراع مع الآخر، وكذلك يلعب الجهل دوره في خلق حالة الانقسام، بحيث ترى أن أكثر الناس الذين يهاجمون أبناء المذهب الآخر هم في الأساس ليس لهم إلمام بالدين، فلا يكلفون أنفسهم عناء البحث عن الحقيقة، بل على العكس من ذلك، يصرفون كل جهدهم في سبيل تعزيز وتثبيت فكرتهم الخاطئة.

كيف يمكن أن يساهم هذا المشروع في تدعيم فكرة الوحدة الإسلامية؟

- إن الدور الأساسي الذي أقوم به عبر هذا المشروع هو الدور التوعوي، ففي هذه الفترة أحاول أن أكوِّن قاعدة قوية من المشتركات بين المذهبين، وبعد أن تأخذ الصفحة قدرا من الانتشار، سأقوم بطرح القضايا الخلافية وبيان كيف ننظر لها بمنظار الوحدة الإسلامية، فأنا عبر هاتين الشخصيتين أحاول أن أقدم نموذجا للتعايش بين المسلمين.

ما هي الأسباب التي تجعلك مؤمنة بإمكانية التأثير الإيجابي في ظل هذا الاستقطاب الطائفي الذي يشهده عالمنا الإسلامي؟

- أي مشروع جديد لابد أن يكون له طرف معارض، ولكن إذا ما أردت الاستمرار في هذا المشروع لابد لك أن تتجنب الكلام السلبي، فأنت عندما يكون لك هدف معين وتشعر بأنك قادر على تحقيقه فلا تتوقف عنده، وخصوصا إذا كان الهدف إيجابيا، أنا أريد أن أقول للمتطرفين انظروا ماذا يقول القرآن وماذا جاء في السنة، فما تفعلونه مخالف للدين نفسه، ولكنك ستلاحظ أن هذه الفئات تحاول دائما افتعال المشاكل عبر التعليقات، وهذا يجعلني أؤمن أكثر بضرورة الاستمرار، فلو استفاد من بين المئة خمسة أشخاص فهذا شيء جيد ويدفعني للاستمرار.