رأت الباحثة والكاتبة البحرينية منى فضل، أن مفهوم اللامركزية غير مطبق في أغلب مدارس البحرين الحكومية، على رغم أن هذا المفهوم أُعلن تطبيقه قبل سنوات عدة، بعد تدشين مشروع إصلاح التعليم، ومدارس المستقبل.
وأوضحت فضل، في أطروحة دكتوراه قدمتها بجامعة القديس يوسف في العاصمة اللبنانية بيروت، تحت عنوان «المُمَارسات الإداريّة لـمُدِيرِي المدَارِس الثانويّةِ الحكُومِيِّة ومُدِيراتها في إِطارِ الّلامَرْكزيّة وتأثيرها في النمط الإداريّ للمدرسة في البحرين»، أوضحت أن مديري ومديرات ومعلمي ومعلمات المدارس في البحرين، بحاجة إلى إدراك أهمية مفهوم لامركزيّة الإدارة المدرسيّة، كونه اتجاهاً عالمياً، يهدف إلى إصلاح التعلِّيم، ويؤدّي إلى تغيِّرٍ في إدارة المدرسة».
وأشارت إلى أن ذلك «يتطلّب تمثل المفهوم فعلياً من المديرين، إذ تبين من خلال الدراسة أن المعلمين يتفقون مع المديرين والمديرات حول أَنَّ بعض الممارسات الإداريّة للمديرين تتمّ في إطار نمط إداريّ بيروقراطيّ، ذي طابع إداري تسلّطيّ قد تتحمّل وزارة التربية والتعليم جزءاً من المسئوليّة تجاهه، إلاَّ أَنَّ مدير المدرسة يتحمّل أيضاً جزءاً آخر منه، كما يعكس أيضاً درجةً من درجات التفويض الإداريّ الممنوحة لمدير المدرسة فيما يتعلّق بممارسة مدير المدرسة للتخطيّط، وهذا يتطلّب من وزارة التربية والتعليم إعادة النظر في تعريف مفهوم لامركزيّة الإدارة المدرسيّة، فضلاً عن إدراك المعلّمين والمعلّمات لمفهوم لامركزيّة المدرسة وأهميته في ترسيخ الممارسات الإداريّة لمدير المدرسة عبر تعزيز العلاقة بينهم وبين المدير، وبالتجاوب مع المفاهيم الحداثية وما تتطلّبه من سِعَة الاطّلاع والوعي إلى أهمية التدريب المستمرّ».
واعتبرت أن هناك «تعارضاً بين معنى الّلامَرْكزيّة المراد تحقيقه من قبل وزارة التربية والتعليم، والممارس فعليِّاً من قبل المديرين في المدارس، الأمر الذي ولّد إشكاليّة تتمثّل في الممارسات الإداريّة لمديري المدارس الثانويّة الحكوميّة ومديراتها بنمطها الإداريّ في البحرين».
وقالت: «من خلال اطّلاعنا على واقع المدارس الثانويّة الحكوميّة، والتواصل مع الكثير من مديريها ومديراتها، وأعضائها في الهيئة التعليميّة والإداريّة، لمسنا ثمة التباساً وتذمراً حول التغيرات التي حدثت على ممارسات مديري المدارس، والنمط الإداريّ الذي يتبعونه كأسلوب في عملهم الوظيفيّ».
وأضافت «وجدنا بعض الإخفاقات والقصور في عمل الإدارة المدرسيّة وقيادتها، من خلال تقارير مراجعة الهيئة الوطنيّة للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب، وهي برأيي تمثّل صعوبات تعترض تطبيق لامَرْكزيّة الإدارة المدرسيّة، وتؤثرّ سلبًا عليها ممّا ينعكس على فاعليّة العمليّة التعليميّة ومخرجاتها».
وبيّنت فضل في أطروحتها، أن في مقابل ما حدث من تطوير وتحديث باعتماد مفهوم لامَركزيّة الإدارة المدرسيّة بحسب الوزارة، «أرى وجود إشكاليّة، تستدعي البحث بإجراء تشخيص للواقع الإداريّ في المدارس الثانويّة الحكوميّة بالبحرين، ومحاولة التعرّف على طبيعة تطبيق النهج الّلامَرْكزيّ في السياسة التعليميّة للوزارة، والصعوبات التي تعترضه في مجال الإدارة المدرسيّة».
واقترحت أن يتم ذلك من خلال الكشف عن مستوى الممَارسات الإداريّة لمديري هذه المدارس ومديراتها في إطار الّلامَرْكزيّة المعتمدة من وزارة التربية والتعلّيم، بالإضافة إلى أنَّها تتطلّب التحقُّق فيما إذا كان لهذه الممارسات تأثير في النمط الإداريّ للمدرسة، كما أَنَّه ومع مراجعة الدراسات السابقة وعلى رغم تعدّد ما تناول منها الإدارة المدرسيّة وتنوعها في النظام التعليميّ المحلي، إلا أنَّها لم تتطرَّق بالتحليل - حسب علمي - بصورة مباشرة إلى دراسة الممارسات الإداريّة لمديري المدرسة ومديراتها وتأثير نمطها الإداريّ في إطار تطبيق اللامركزيَّة بمعناها التفويضي للسلطة المعتمد في وزارة التربية والتعليم، ممّا شكِّل مسوِّغاً لدراستها على مستوى الإدارة المدرسيّة في مدارس البحرين الثانويّة الحكوميّة».
وفي حديثها عن نتائج الدراسة التي قامت بها، أفادت الباحثة والكاتبة البحرينية أن «نتائج الدراسة الميدانيّة لفئة المديرين، تشير إلى أن مدير المدرسة يتجنب توجيه الهيئة التعليميّة والإداريّة إلاَّ إذا طلب منه التباحث معهم حول نقاط الضعف والإخفاق لديهم، كما إن المدير يفرض التعلّيمات والأنظمة على الهيئة التعليميّة والإداريّة، والامتناع عن قبول أيّ ملاحظات بعد اتخاذ القرار».
ورأت أن «مشكلات الهيئة التعليميّة والإداريّة واحتياجاتهم تمثل مرتبة تالية في اهتمامات مدير المدرسة، إلى جانب وجود صعوبة في فهم الأدلة الإرشادية المتعلقة بتنظّيم العمل داخل المدرسة وعدم وضوحها، إذ يقوم مدير المدرسة بصياغة المنهج الدراسي إجرائياً بما يتناسب والأهداف التعليميّة والتربويّة للوزارة».
أمّا بالنسبة لنتائج الفئة الثانية من عيّنة الدراسة، من المعلّمين والمعلّمات، فذكرت فضل أن «النتائج تشير إلى أن مدير المدرسة يفرض التعليمات والأنظمة على الهيئة التعليميّة والإداريّة، كما يمتنع عن قبول أي ملاحظات بعد اتخاذ القرار، كما يقوم بصياغة المنهج الدراسيّ إجرائياً بما يتناسب والأهداف التعليميّة والتربويّة للوزارة».
وأضافت «النتائج تُظهر أن مدير المدرسة يتجنب توجيه الهيئة التعليميّة والإداريّة، إلاَّ إذ طُلب منه التباحث معهم حول نقاط الضعف والإخفاق لديهم، كما إن مشكلات الهيئة التعليميّة والإداريّة واحتياجاتهم تمثل مرتبة تالية في اهتمامات مدير المدرسة، وأن مدير المدرسة يتقيّد بتطبيق الأنظمة والقوانين حرفياً أثناء تنفيذه العمل».
وفي سياق حديثها عن دراستها وأطروحتها، نوّهت فضل إلى أن دراستها كانت على نفقتها الخاصة، وهو الأمر الذي جعلها «متحررة» في كتابة الأطروحة، على حد وصفها، مؤكدة أن «التعليم لا يتوقف، ولا يمكن أن يقرن بعمر أو فترة زمنية محددة».
وقالت: «توصلت إلى العديد من النتائج في هذه الرسالة، وإذا لم يؤخذ بها فهي استكمال لجهد أشخاص آخرين كتبوا في هذا المجال، ومرجع لمن يرغب في البحث والكتابة عن مفهوم اللامركزية في التعليم، وأنا أقدم هذه الأطروحة للمجتمع، ولذلك سأحرص على إعادة كتابة الأطروحة بطريقة تتناسب وجميع أفراد المجتمع».
ووصفت الأطروحة التي قدمتها بأنها كانت «حلماً»، عجَزتْ عن تحقيقه في الوقت المناسب. وقالت: «لم أكن على عجل لأخذ شهادة الدكتوراه، واعتبرت مشواري في الدراسة بمثابة رحلة طويلة وممتعة، تخللتها قراءات ومراجعات كثيرة...، وحتى على مستوى السلوك الشخصي، تغيرت طريقة تعاملي مع أبنائي، ورسخت عندي المنهجية العلمية، ودارستي كانت تعطي أبنائي نوعاً من الدافع لمواصلة التعليم إلى الجامعة وما بعد الجامعة».
وأكدت أنه «لا توجد حدود وسقف للعلم، أو حدود لتحقيق الطموح والأحلام، والإنسان قد يمر بظروف، وقد يوقف عن عمله، ويوقف عنه الدعم، ويوضع في زاوية أنه فاشل، إلا أن إصراره وعزيمته تجعله يواصل المشوار الذي بدأه حتى يتحقق الحلم الذي رسمه له».
وتطلعت فضل إلى أن تكون هناك مؤسسات بحثية تحتضن الطاقات البحرينية، وخصوصاً الشباب والباحثين والكتاب، فالبحث العلمي لا يتوقف، وفي كل يوم هناك قضايا في المجتمع يمكن النظر إليها، ودراستها والبحث عنها».
وشددت على عزمها مواصلة مشوار البحث العلمي، والكتابة، مشيرة في هذا السياق إلى أنها تعمل على الانتهاء من كتاب دراسة جديدة، فيما لم تفصح عن نوع الدراسة وموعد نشرها.
العدد 4120 - الثلثاء 17 ديسمبر 2013م الموافق 14 صفر 1435هـ
لجان الوزارة تأمر وتنهي في المدارس
للأسف لجان الوزارة من تحسين وغيرها هي من يضع تحركات الإدارة في المدارس ويوجهها، مع أن الإدارة هي التي في موقع التطبيق وبإمكانها وضع الكثير من الحلول والخطط لما يواجه المدرسة من معوقات وما يتناسب مع توجهاتها ورؤيتها، ولكن هذه اللجان تأتي بفرض ما تراه مناسب من تنظير.