في الوقت الذي بدأ فيه الرئيس أوباما جولة من اللقاءات في البيت الأبيض مع زعماء «إسرائيل» والسلطة الفلسطينية والعالم العربي، باحثا عن موطئ قدم تسمح له باستخدام توجهات جديدة، فإن لديه حليفا هادئا إلى جانبه: الجمهور الأميركي.
وكما يُفترض عادة، يُظهر ثلث الأميركيين (33 في المئة) تعاطفا أكثر مع «إسرائيل» مما يظهرونه تجاه الفلسطينيين، وهي نسبة أعلى بكثير من الـ 12 في المئة الذين يظهرون تعاطفا مع الفلسطينيين، حسب استطلاع أجرته WorldPublicOpinion.org في أبريل/ نيسان.
مع ذلك، تعرب الغالبية (51 في المئة) عن معدلات متساوية من التعاطف مع كل من الطرفين، وهو عدد ارتفع بعشر نقاط منذ العام 2002.
إضافة إلى ذلك، يعتقد ثلاثة أرباع الأميركيين (75 في المئة) أنه يتوجب على «إسرائيل» ألا تبني المستوطنات في المناطق الفلسطينية، وقد ارتفعت هذه النسبة بواقع 23 نقطة منذ آخر مرة طُرح فيها هذا السؤال العام 2002.
يُضاف إلى ذلك أنه حتى هؤلاء الذين يتعاطفون بصورة أكبر مع «إسرائيل» يشعرون أنه يتوجب عليها ألا تبني المستوطنات في الضفة الغربية، بغالبية واضحة تبلغ 64 في المئة، وينطبق هذا على هؤلاء الذين يتعاطفون بصورة مماثلة مع «إسرائيل» والفلسطينيين (80 في المئة)، وهؤلاء الذين يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين (96 في المئة).
ويضم إجماع الجمهور الأميركي لصالح موقف الحكومة الأميركية المطوّل هذا ضد توسيع الاستيطان 65 في المئة من الجمهوريين كذلك.
إلا أن هناك الآن خزّانا آخر أكثر إثارة للدهشة من الدعم الشعبي المحتمل لتوجهات جديدة: شعوب الدول العربية.
وجد استطلاع أجراه مركز أنور السادات للسلام والتنمية بجامعة ميريلاند هذا الربيع بإدارة الأستاذ شبلي تلحمي عبر ست دول عربية، وجد دلائل واضحة بأن الرئيس أوباما يحوز الآن على إصغاء الجماهير العربية في مصر والأردن والسعودية ولبنان والمغرب ودولة الإمارات العربية المتحدة. وينظر 45 في المئة من سكان هذه الدول إلى الرئيس الجديد نظرة إيجابية، رغم أن معظمهم مستمرون بالنظر إلى الولايات المتحدة نظرة سلبية بشكل عام.
وتقول غالبية متواضعة (51 في المئة) بأنها تشعر بالأمل إلى حد ما «بعد بضعة أسابيع من إدارة الرئيس أوباما... فيما يتعلق بسياسته في الشرق الأوسط». وبعكس الماضي القريب، ينظر العديد من العرب بانفتاح إلى احتمالات أن تتصرف الولايات المتحدة بأساليب تؤدي إلى تحسين الوضع في المنطقة.
ويأتي هذا الانفتاح نحو توجهات جديدة في الرأي العام في الولايات المتحدة والدول العربية جزئيا من الشعور بأن الإدارة الجديدة قد تثبت استعدادها لممارسة ضغط موزّع بعدالة على الأطراف كافة للتوصل إلى تسوية للنزاع. وإذا فعلت ذلك، لا يمكن لأحد أن يتوقع من حكومات أخرى أن تحب ذلك دائما. إلا أن الرأي العام يميل بشكل إيجابي نحو دعم ما قد يحاول الرئيس أوباما عمله مستقبلا.
ولكن ماذا عن الجمهور الإسرائيلي؟
لدى الإسرائيليين حكومة تحالف جديدة تضم تمثيلا لمجموعة واسعة وإن كانت خرقاء من الآراء ووجهات النظر. كيف سيتفاعل الإسرائيليون في الشهور المقبلة مع رئيس أميركي من الواضح أنه مرتاح وهو يخاطب جماهير خارج الولايات المتحدة مباشرة؟
يتلوّن إحساس أي شعب بهويته دائما وبشكل جزئي بما يعتقد أنه يهدده. تشكّل إيران وبرنامجها النووي حاليا التهديد الذي تضعه قيادة «إسرائيل» في المقدمة. ولكن إذا كانت القيادة الإسرائيلية على حق بأن إيران هي التهديد المهيمن، فلماذا تستمر في اعتبار التوسع الاستيطاني قضية مركزية لدرجة أنها لا تستطيع تغيير سياستها؟
قال أوباما بعد لقائه نتنياهو: «لقد رأينا التقدم يتوقف... وقد اقترحت على رئيس الوزراء أن أمامه فرصة تاريخية لتحقيق تحرك جاد في هذه القضية أثناء فترة حكمه، وهذا يعني أنه يتوجب على جميع الأطراف ذات العلاقة أن تأخذ على محمل الجد الالتزامات التي وافقت عليها مسبقا... لا يوجد أي مبرر لعدم قيامنا باستغلال هذه الفرصة وهذه اللحظة». ثم قام الرئيس بعد ذلك بمدح «مهارات نتنياهو السياسية وكذلك رؤيته التاريخية»، وقال إنه «سوف يستغل المناسبة».
يبدو أن الرئيس الأميركي ينوي وبشكل كامل تحديد طبيعة هذه «المناسبة».
*مدير البحوث في WorldPublicOpinion.org، وهو مشروع يديره برنامج المواقف السياسية العالمية بجامعة ميريلاند، والمقال يُنشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 2463 - الخميس 04 يونيو 2009م الموافق 10 جمادى الآخرة 1430هـ