من دروس التاريخ التي تتكرّر دائماً، أن الأنظمة الدكتاتورية والعنصرية، تولّد معارضيها، كما يولّد الجسم المضادات الحيوية لمقاومة الفيروسات والجراثيم التي تفتك بالجسد.
ومن أغرب التجارب وأغناها جنوب إفريقيا، التي يحتفي العالم اليوم بتشييع زعيمها التاريخي الذي نجح في إخراجها من تحت عباءة نظام عنصري متخلّف، إلى واحة الديمقراطية والحرية والمساواة بين الأعراق.
من طبيعة البشر في كل القارات، رفض الظلم والتمييز والتفرقة بين الناس، وإذا وجدتم أفراداً أو فئات تنحاز إلى الظلم والتمييز، فلأجل مكاسب آنيةٍ سرعان ما يثبت خطأ حساباتها.
مما يستوقف المرء كثيراً في تجربة جنوب إفريقياً، أن تأثيراتها لم تقتصر على حدودها الجغرافية في ذلك الركن القصي من العالم، وإنّما امتدت تأثيراتها إلى قارة آسياً شرقاً، والقارة الأميركية غرباً، حتى تركت آثارها عميقاً على تاريخ أقوى دولة في العالم (أميركا)، وثاني أكبر الدول سكاناً (الهند). ولو كانت بريطانيا (العظمى) تدرك قبل مئة وخمسين عاماً ما سيؤدي إليه نظام جنوب إفريقيا من ثورات وحراكات، لقامت بتفكيكه مبكراً قبل أن ينتشر السرطان وتسقط جوهرة التاج البريطاني.
البداية كانت مع غاندي، الشاب الهندي المغمور الذي عاد من بريطانيا بعدما درس القانون، ولكنه فشل كمحامٍ في أول مرافعةٍ له أمام المحكمة، فاضطر إلى الهجرة إلى جنوب إفريقيا للعمل محامياً مع شركة يملكها هنود مسلمون. هناك اكتشف السياسة العنصرية التي يمارسها البيض ضد الأغلبية السوداء، وناله ما ينال أبناء جلدته من تمييزٍ وتعامل عنصري باعتبارهم ملوّنين. وهكذا دخل في الدفاع عن الهنود أمام المحاكم التي تعمل بقوانين الفصل العنصري.
بعد سنوات من البقاء في جنوب إفريقيا، والانخراط في النضال الشعبي، عاد إلى بلاده، ليخطو خطواته الأولى بالانضمام إلى حزب المؤتمر الهندي، أكبر الأحزاب الهندية الساعية إلى التحرّر من الاستعمار البريطاني، وكان غاندي مجرد محامٍ مهاجر في الثلاثينات من عمره، يتلمّس طريقه في دهاليز العمل السياسي بين قادة كبار.
في النصف الأول من القرن العشرين، قامت مئات الحركات التحررية ضد الاستعمار البريطاني والفرنسي والهولندي والاسباني والبرتغالي والبلجيكي، في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية. أكثر هذه الثورات كانت مسلّحة، وانتهت إلى تغيير الواقع وخروج المستعمرين. في موازاة ذلك تميّزت حركة غاندي بتبنيها فلسفة «اللاعنف»، أو المقاومة السلمية. كان متشرّباً بتعاليم الفكر الديني (الهندوسي)، وملتزماً بالأكل النباتي وتحريم أكل لحم الحيوان. وكان يدرك واقع الهند وتنوّعها الديني والعرقي، وما يمكن أن يقوده تبني العنف والعمل المسلح من نتائج مدمرة. (تحقّق ذلك فيما شهدته القارة الهندية من مذابح بالملايين بعد التقسيم وانفصال الباكستان).
غاندي لم يخترع طريقة «اللاعنف»، وإنّما استمدها من جذورها الأصيلة التي اكتشفها من خلال دراسته لمختلف الأديان في العالم كما يقول. هذه العقيدة المشتركة بين البشر، التي ترفض الظلم والتمييز والتفرقة بين البشر، هي التي بنى عليها مارتن لوثركنغ، حركته لتخليص السود والبيض معاً من لوثة النظام العنصري في بلاده في منتصف القرن العشرين، ومن بعده جاء مانديلا لتخليص جنوب إفريقيا (بلد المنشأ) من سوءات هذا النظام الذي كان يغرد خارج التاريخ مع نهاية القرن.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4117 - السبت 14 ديسمبر 2013م الموافق 11 صفر 1435هـ
اكبر درس
المجد والخلود للأحرار.
كم انت جميل يا قاسم
كم هي مقالاتك جميلة يا قاسم ، بارك الله فيك ، وجعل درب الخير ممشاك ، اتمنى من الانظمة الدكتاتورية بأخذ العبر من نظام جنوب افريقيا .
لكن!!!!
هذه العقيدة المشتركة بين البشر، التي ترفض الظلم والتمييز والتفرقة بين البشر، هي التي بنى عليها مارتن لوثركنغ، حركته لتخليص السود والبيض معاً من لوثة النظام العنصري في بلاده في منتصف القرن العشرين، لكن هناك ناس ما يريدون يتحررون فماذا ستعمل معهم؟
تؤذن في خرابة يا سيد
والله فيه جماعة ما يفهمون وما يريدون يفهمون ان الكرامة البشرية مطلوبة لكل البشر. مستعدين يعيسون عبيد وما يريدون يتنفسون حرية. وتحصلهم يكتبون جماعتكم وجماعتنا وربعنا ووربعكم . هذا هو مستواهم الفكري ولذلك يؤيدون مانيلا ويسجنون الف مانديلا.
الفرق هو ان هؤلاء ينشرون
الفرق هو ان هؤلاء كانوا ينشرون ثقافة الحب فنجحوا .. اما ربعك فهم ينشرون ثقافة السحق و الثأر و الانتقام
رمتني بدائها وانسلت
صج قلة حياء. من الذي يدعو للثأر والانتقام؟ أليس من رفع المشانق ودعا لشنق الأابرياء المطالبني بحقوقهم؟ ومن الذي قدم وثيقة المنامة لرفض العنف؟ ومن الذي دعا للحرية والديمقراطية؟ بس اللي اختشوا ماتوا يا رقم 7
إلى متى هذا الاستغباء؟
هل تعلم ان مانديلا سجن في الاساس بتهمة قيادة حركة معارضة مسلحة ضد الحكم العنصري ((يا رقم 7))) وحكم عليه بالمؤبد؟ وهل تعلم انه كان يناضل من اجل كرامة الانسان وحريته التي تستكثرها على الناس هنا وتتهمهم انت وامثالك بأنهم خونة وعملاء؟ وهل تعلم ان مانديلا كان يتهم بانه ارهابي وخائن أيضاً؟ السيد يريد إثارة تفكيركم ولكن طبع الله على قلوبهم فهم لا يبصرون.
وهل ذهب السيد الرئيس علي مهب الريح
أستاذي الكريم لقد كتبت وأسهبت كثيرا عن حياة الرئيس منديلا ومع أحترامي الكبير لهذه الشخصيه ولكن في هناك في عالمنا المعاصر أشخاص ضحوا بأنفسهم وحياتهم في سبيل رفعة وكرامة وحرية شعوبهم وللأسف لا كاتبي التاريخ المعاصر أنصفهم ولا نحن قمنا بواجبنا أتجاههم وأقصد في هذا المقام السيد الرئيس على باغوفيتش الذى قبع في سجون مدة 34 سنه يعني أكثر من مدة سجن منديلا ومن ثم أصبح أول رئيس للبوسنه والهرسك ، فنرجوا من شخصك الكريم التعرض بالكتابه عن هذه الشخصيه التى لم تنال حظها من الكتابه والرعايه والأهتمام
ولدينا في البحرين قرابة 3000 مانديلا بعضهم صبية ونساء وشيوخ وشباب وكهول
نعم لدينا في البحرين اكثر من 3000 مانديلا ويلحق بهم من خلفهم ومن معهم وكلنا معهم وندعمهم نطالب بحقوقنا في وطننا وبلدنا مهما حاول البعض ممارسة التمييز العنصري علينا فلن يخذلنا
انتهت الحقبة فى انحاء الدنيا
سوي ببلدين شرق اوسطيتين اسمهما أ و ب ما تزالا تناطح عنصريتها وبغضها لجنس من بني البشر فدوام الحال من المحال فاتعظوا قبل ان تندموا
الدكتاتورية طريقها قصير
لان جل الشعوب تعشق الحرية والكرامة والمساواة والعدل
الآلهة
ما يفيد هم يعتبرون أنفسهم آلهة خالدون ولا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم
شكرا شكرا
ولكن نسيت ان النظام العنصري البائد في جنوب افريقيا ينحدر ابتداء من جذور اوربية غير مسلمة ، لذلك تطهر.