صدرت أول طبعة من كتاب «مسيرة طويلة للحرية» كأول كتاب معتمد لمذكرات نيلسون مانديلا العام 1994، عن دار «لتل براون أند كومباني» البريطانية الشهيرة. وحتى 1996 أُعيدت طباعته أكثر من 17 مرة، وقد أبلغني أحد المسئولين في دار كتب «فويلز» أنه أعيدت طباعة الكتاب من دور نشر مختلفة مئات المرات منذ ذلك الحين.
وبحكم شهرة مانديلا فقد صدرت قبل تلك المذكرات المعتمدة عدة كتب، إلا أنها لم تكن بشمولية ودقة وصور كتاب «المسيرة».
قرأت الكتاب مرتين باللغة الإنجليزية في إطار تحضيري لكتابة مذكرات د.أحمد الخطيب، للاطلاع على منهجه في كتابة المذكرات، وأقرأه هذه الأيام للمرة الثالثة للاستمتاع، كما اطلعت على ترجمتين عربيتين للكتاب، إحداهما كانت ركيكة هزيلة، مع أن الكتاب واضح اللغة سهل التعبير، في حين كانت الأخرى لا بأس بها. الإشكالية أن الترجمة الثانية لم يكن عليها اسم مترجم ولا حتى دار نشر، وكأنها منشور سري.
يقول مانديلا في مقدمة الكتاب: «كما سيكتشف قراء هذا الكتاب، أن لي تاريخاً طويلاً، حيث بدأت كتابته سراً سنة 1974 أثناء سجني في جزيرة روبن. وبدون الجهد المتفاني لرفيقَي القديمين، والتر سيسولو وأحمد كاثرادا، اللذين حفزا ذكرياتي، فإني أشك أن مخطوطة الكتاب كان يمكن أن تكتمل»، ولعل ذكر مانديلا لسيسولو وكاثرادا يلقي شيئاً من الضوء على طبيعة النضال ضد العنصرية في جنوب إفريقيا، فالشخصيتان، لمَن تابع ذلك البلد، كانتا من أعمدة النضال، الذي لم يكن مانديلا فيه إلا رأس الحربة الظاهر، ولم يقتصر عليه فقط.
بالطبع كانت لمانديلا ميزاته الذاتية، إلا أنه وحده لم يكن صانعاً لظاهرة النضال، بل كانت ظاهرة اجتماعية، بها مبدعون كثر، وهو ذاته يؤكد ذلك داخل الكتاب وخارجه.
من المصادفات أن الكتاب تحوّل إلى فيلم انتهى العمل فيه مؤخراً، أي فقط قبل وفاته بأشهر قليلة، ومن المصادفات أيضاً أنه قبيل العرض الخاص الأول للفيلم/ الكتاب في لندن، بدار عرض أوديون، ليستر سكوير، وبحضور الأمير وليام وزوجته كيت ميدلتون، وابنتي مانديلا زيندزي وزيناني، أصرّت ابنتاه على عدم التأثير سلباً على مسار العرض، وأعلن المخرج وفاة مانديلا، من على المسرح فكان عرض الفيلم/ الكتاب تاريخياً بذاته.
إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"العدد 4116 - الجمعة 13 ديسمبر 2013م الموافق 10 صفر 1435هـ