تميزت ندوة «الحسين... منهج وثورة» التي نظمها المركز التعليمي بمأتم الحاج حسن العالي، مساء أمس الأول الخميس (12 ديسمبر/ كانون الأول 2013)، بنقاش معمق في الأبعاد الدينية والسياسية والإعلامية للنهضة الحسينية، فيما توافقت الكثير من الآراء على نقد الممارسات العاشورائية الدخيلة المشوهة بأسلوب هادئ، والدعوة إلى بذل الجهود لإبراز المظاهر والفعاليات الحضارية المتميزة المصاحبة لموسم عاشوراء.
وتحدث في الندوة التي أدارها عقيل عبدالرسول الأصمخ كل من النائب السابق سيدجميل كاظم، ونائب رئيس المجلس العلمائي الشيخ محمود العالي ورئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري، وانتظمت على هيئة محاور رئيسية يطرح فيها مدير الندوة سؤالاً على المتحدثين، وكان المدخل مع الشيخ محمود العالي بسؤال يتعلق بالأمراض الاجتماعية والتصدعات الدينية التي عانى منها المجتمع الإسلامي في ذلك الوقت، وكيف استطاع الإمام الحسين (ع) كشفها ومعالجتها، وفي معرض إجابته تطرق الشيخ العالي إلى الشعار الذي انطلق منه سيد الشهداء (ع) معلناً هدفه من نهضته، فالإمام في أول بيان من بياناته أطلقه كبيان لهدف هذه الثورة وهذه الحركة، تبين فيما كتبه لأخيه محمد بن الحنفية: «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا ظالماً ولا مفسداً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي»، فهذا البيان عكس الهدف بوضوح من هذه الحركة، واعتمد على الهدف القرآني وهو الإصلاح.
واستطرد «من هنا، اتضح الهدف لانتشال الأمة التي غرقت في مستنقع الأمراض الاجتماعية، فالإمام الحسين (ع)، ومن خلال عملين أساسيين، هما التوعية وإقامة الحجة، فضح السياسات الأموية الفاسدة».
منهج «الحُسنى» والسلم
من جهته، تناول النائب السابق عن كتلة الوفاق سيدجميل كاظم الإجابة عن سؤال المحور الثاني (السياسي) في تفنيد الادعاء بأن الإمام الحسين (ع) انتهج منهجاً دموياً مسلحاً، قائلاً: «إن منهج الإمام هو منهج الأنبياء والرسل على مر التاريخ، وهو أسلوب الحسنى والسلم في الدعوة لرسالاتهم»، مستدلاًّ على ذلك بالقول: «إن الحسين (ع) لم يخسر الحرب... الحسين كان مستهدفاً للتصفية الجسدية المباشرة، فخرج من المدينة إلى مكة ثم إلى العراق... وفي طريقه، كم خطب وكم تحدث وكم نصح إلى يوم العاشر وهو يوم استشهاده (ع) حيث بدأ بالنصيحة والتبليغ، لكن القوم اختاروا قتله»، وبهذا فند إشكالية تاريخية وقع بها بعض المؤرخين في إشارتهم إلى أن الصراع بين بني هاشم وبني أمية هو صراع وتنافس على الحكم والسلطة.
وقدم كاظم خلاصة الدروس في مسيرة الإمام الحسين (ع) وهي سيرة أهل البيت في الانفتاح على الآخر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتجسيد روح الإيثار في أجلى صورها، وأوضحها صعوبة اختراق جبهة الإمام من جهة أصحابه الذين تجلت فيهم صور الثبات والإيثار.
تاريخ الإحياء العاشورائي
ولكونها ثورة من أكبر الثورات المؤثرة في التاريخ، أجاب رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري عن سؤال يتعلق بأبرز معالم البُعد الإنساني في خطب الإمام الحسين (ع)، حيث استهل الجمري الحديث عن الجانب الإعلامي في الثورة الحسينية، والإعلام لا يعني فقط الصحيفة أو الراديو أو الإنترنت إنما يشمل الخطابة والموكب والمسرح وغيرها، فهذه وسائل إعلامية، وربط بين روايات وأحاديث أهل البيت (ع) في ذكر النهضة الحسينية وإحيائها لتجسيد الكثير من المعاني، وبيَّن الجانب الديني والإعلامي للثورة للنفس وللآخرين، متناولاً السياق التاريخي لظهور مراسم عاشوراء والخطابة والمواكب التي مرت بثلاث مراحل، أولاها قبل نحو ألف سنة، والثانية قبل نحو 500 سنة، ثم المرحلة الثالثة التي نحن فيها وبدأت قبل نحو 150 سنة وهي المستمرة حتى وقتنا الحالي.
وفي تفصيل لتلك المراحل منذ عهد الدولة البويهية (سيطر البويهيون على الدولة العباسية ما بين 945 م و1056م)، إذ بدأت مراسم عاشوراء في تلك الفترة عبر إغلاق السوق في بغداد في يوم العاشر ومن ثم القيام بتمثيل مسرحي درامي للتذكير بحرق الخيام الذي حدث بعد قتل الحسين (ع) في 680م. في تلك الفترة أيضاً كانت الدولة الفاطمية في مصر (969 م إلى 1171م)، وهناك تأسست «الحسينية» التي استمرت في العالم الشيعي حتى الآن.
ثم في العام (1501م) تأسست الدولة الصفوية في إيران وهي التي اتخذت من المذهب الشيعي مذهباً رسميّاً للدولة، وبدأت مراسم عاشوراء بشكل ممنهج، وكان هناك وزير مسئول عن التعزية، وتم نقل الكثير من ممارسات العزاء التي كانت منتشرة في بلدان وثقافات أخرى، وظهر المنبر الحسيني بشكل واسع في الأوساط الشيعية، إذ يعتلي الخطيب المنبر ويذكر بما جرى للإمام الحسين وأهل بيته (ع).
يذكر أن ضرب السلاسل (والزنجيل مع السكاكين) كان منتشراً عند المسيحيين في كثير من البلدان آنذاك، على أساس أن السيد المسيح (ع) كان قد عذب بهذه الطريقة قبل صلبه (بحسب اعتقاد المسيحيين)، وهذه العادة (ضرب الظهر بالسلاسل والسكاكين) انتقلت إلى مراسم العزاء في فترة لاحقة.
ثم في النصف الثاني للقرن التاسع عشر الميلادي، قبل نحو 150 سنة، بدأت تظهر في العتبات المقدسة بالعراق، مثل كربلاء والكاظمية، ممارسات دخلت من خلال جماعات تحولت إلى المذهب الشيعي، ونقلت بعض العادات التي كانت تمارس في ثقافاتها، فقد تم تطوير جرح الجسد عند المسيحيين ليصبح جرح الرأس (التطبير) كما تم نقل المشي على النار وغيره من العادات الهندية عبر الهنود الذين تحولوا إلى المذهب الشيعي، وأصبحت هذه الممارسات جزءاً من مراسم عاشوراء في كثير من الأماكن من دون أن يستطيع أحد مساءلتها، وحتى مراجع الدين الذين أبدوا رأياً مخالفاً لهذه الممارسات لم يستطيعوا الوقوف أمامها، وهي ممارسات - في رأي الكثيرين - تضر بسمعة موسم العاشوراء بشكل عام.
غير أن أهل البحرين، وبفضل أصالة انتمائهم طوروا مراسم العزاء منذ مطلع الألفية لتشمل التبرع بالدم بشكل ممنهج وأصبح هذا يزود بنك الدم بنصف احتياجاته كل عام، وأصبحت البحرين مكتفية ذاتيّاً بسبب المعزين (حتى أن الدم الذي يتبرع به في البحرين أكثر من بلد كبير جداً مثل المغرب)، كما أن المستفيد من هذا الدم المعطاء هم جميع من يعيش على أرض البحرين الغالية من دون استثناء ومن دون مقابل. أيضاً طور أهل البحرين المرسم الحسيني بمشاركة كبار الفنانين، وطوروا العروض الإلكترونية عبر الوسائط الذكية والإنترنت، وطوروا الرسوم والصور والأفلام ثلاثية الأبعاد، واحتفوا بمناسبات عالمية، كما قامت بمواساة ضحايا الإعصار في الفلبين وغيرها من الأحداث الكبرى التي عانت منها الإنسانية... وبفضل أهل البحرين فإن جميع الأحياء في العاصمة وغيرها تنتعش بمختلف أنواع النشاطات خلال العاشوراء، وهذه تستقطب مختلف الجنسيات والثقافات والأديان، وقد انتقل بعض مما طوره أهل البحرين إلى دول أخرى التي استفادت من هذه الفعاليات المميزة والأفكار الرائعة.
منبر الحسين كنموذج عالمي
وفي موضوع آخر، أكد الجمري ضرورة العمل على تقديم نموذج عالمي، مثلاً يمكن المشاركة في توجه الأمم المتحدة خلال هذه الفترة لصياغة أجندة العالم لما بعد العام 2015 – كما كانت للأمم المتحدة أجندة الألفية التي ستنتهي في 2015 - وأن المنبر الحسني قادر على العطاء الفكري في مجالات عديدة، مثل الحفاظ على البيئة والنظافة، وطرق الاستهلاك والرعاية الصحية التي يحتاج إليها الناس بشكل يومي، والتحفيز على التحصيل العلمي ونشر مفاهيم التسامح واحترام الآخر والقيم السامية. وحظي النقاش في جزئية تصحيح المسارات وتحديث الأفكار والابتعاد عن الممارسات المشوهة بمساحة جيدة من الندوة، حيث تلاقت الآراء في اتجاه اجتذاب كل الأديان والثقافات والشعوب بتقديم الصورة الصحيحة للدين الإسلامي من خلال موسم عاشوراء بكل ما فيه من معانٍ إنسانية وثقافية وفكرية سامية وتنقية التراث العاشورائي من كل الصور المسيئة، بالإضافة إلى العمل بشكل هادئ وحكيم لتجنب الخلافات وتدريب الكوادر لتطوير المنبر والموكب الحسيني.
العدد 4116 - الجمعة 13 ديسمبر 2013م الموافق 10 صفر 1435هـ
لبيك ياحسين
قليل ان تتلف الارواح في رزء الحسين .
كفى الله يرحم والديكم
كفي عشبعنا تفرقة , الى متى سيستمر هذا الشحن المدمر , قسمتم العالم لمعسكرين وتطالبون بثارات ؟ من تكونون ليحق لكم الدعوة للاخذ بالثار ؟ الحسين ويزيد اولاد عم ولا يجوز تفريق الامه
تصرفات غير صحيحة
ارجو عدم اسالة الدماء وضرب الرؤوس بالسيوف والظهور بالسكاكين والصدور بالأيدى فما هكذا الاسلام وما هكذا الايمان .أننا نسئ للاسلام بهذا الاسلوب ولا يقره عقل وشكرا للمحاضرين .
شاهد للتاريخ
فى عام 1970 قرر تجار كربلاء تأسيس موكب جامعى فى ليلة و يوم عاشوراء. نقلوا طلبة جامعة بغداد بالباصات الى كربلاء ظهر تاسع محرم و أسكنوهم لليلة واحدة. تحركوا الجامعيون فى موكب مهيب و هم يمشون فى سكوت مطلق وسط صراخ و لطم و ضرب بقية المواكب من أمامهم و خلفهم. عندها قررت الحكومة العراقية تحريم المواكب، لأن المواكب الموروثة غير منتجة. أما الموكب العقلانى فيصعب التعامل مع ما سينطلق منه. بالأضافة الى عدد المشاركين فيه يمكن أن يزيد و يخرج من السيطرة.
هل المرسم الحسيني تطور؟!!!
هل المطلوب هل تحويل عاشوراء لمهرجان او احتفال او هو ذكرى للعبرة والنهل من هذه المدرسة العظيمة؟!!!
بارك الله
يعحز اللسان عن شكركم وشكر اللجنه المنظمة لهذه الندوات التي تثري وتنمي وتقوي الموسم العاشورائي..وتصحح المفاهيم الخاطئة وتدعم المفاهيم الصحيحه..
بوريكتم الى الامام دوما
هذة هى ثقافة واهداف الحسين لأجل الأصلاح ما فسد من ممارسات ولطريقة احيائنا للشعائر الحسينية لا بالتعصب ولا بالخزعبلات والخرافات التى تشوة مذهب اهل اليبت عليهم السلام مثل المشى على الجمر والتطبير وآن الآن لوقف هذة الخزعبلات وعلى نطاق واسع من مشاركة العلماء والخطباء والمثقفين والمفكرين وكفى وكفى وكفى تشوية لمذهب اهل البيت !!!!!!!!!!
شلون
، وحتى مراجع الدين الذين أبدوا رأياً مخالفاً لهذه الممارسات لم يستطيعوا الوقوف أمامها، وهي ممارسات - في رأي الكثيرين - تضر بسمعة موسم العاشوراء بشكل عام...وما رايكم بالمراجع التي ترى الاستحباب في ذلك ؟ انتم تمثلون طرف واحد لماذا التجريح في الاطراف الاخرى..
الموضوع و العنوان
تصورت من العنوان بأن هناك من ينتقد بعض الطقوس و يقترح أمورا تتماشى مع العصر بدلا من تلك التى ورثت. لكن المسائل المطروحة فى النقاش تذكر المراحل التاريخية لهذه الطقوس. كنت أأمل أن يتقدم أحدا بأفكار تنهى المظاهر الموروثة فى المواكب و يحولها فى عاشوراء الى فرصة للتعرف على صفات الحسين و تطبيقها فى المجتمع.