أعلنت الأمم المتحدة عام 2014 «عام التضامن مع الشعب الفلسطيني». وقد اعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة القرار بأغلبية 110 أصوات لصالح القرار، ومعارضة 7 أصوات وامتناع 54 عن التصويت. وبالطبع، ليس أمرا صعبا أن نخمن السبعة أصوات التي اعترضت على القرار.
وقد أعرب الأمين العام بان كي مون عن تضامن الأمم المتحدة مع الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أهمية محادثات السلام التي تهدف إلى التوصل إلى حل الدولتين. يقول كي مون «إننا لا نستطيع أن نتحمل خسارة الفرصة الحالية المواتية. ويبقى الهدف الواضح هو وضع حد للاحتلال الذي بدأ عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة وقادرة على البقاء على أساس حدود عام 1967. تعيش جنبا إلى جنب في سلام مع دولة إسرائيلية آمنة. وينبغي أن تخرج القدس من المفاوضات باعتبارها عاصمة الدولتين، مع وضع ترتيبات بجعل زيارة الأماكن المقدسة متوفرة للجميع. كما يجب إيجاد حل متفق عليه لملايين اللاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة».
في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، منحت الجمعية العامة للأمم المتحدة صفة المراقب للفلسطينيين في المنظمة الدولية، وبالتالي كان هذا اعترافاً ضمنياً بدولة فلسطينية. وقد أيّد ذلك المسعى الفلسطيني 138 عضواً، وصوت 9 أعضاء ضده، بينما امتنع 41 عضوا عن التصويت.
من ناحية أخرى، بذلت إسرائيل أكثر من أي وقت، وخاصة في عهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قصارى جهدها لتغيير هوية الأراضي الفلسطينية، واستبدال أسماء القرى والأحياء والشوارع بأسماء يهودية. هذه الاستراتيجية القديمة يجري استخدامها بشكل متسارع من قبل الإسرائيليين في الوقت الحالي. في عام 1970، نشر مركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية كتاب تهويد القدس، الذي ألفه روحي الخطيب. أما الروائي الفلسطيني الكبير إميل حبيبي، فقد أوضح في روايته الشهيرة «المتشائل» جوهر تهويد فلسطين والفلسطينيين، بما في ذلك تهويد ثقافتهم وأسلوبهم في الحياة وطريقة التفكير. غير أنه في العقدين الأخيرين، صرنا نواجه خطوات محمومة لتعزيز تلك الاستراتيجية. في واقع الأمر، تُعتبر تلك الاستراتيجية حرباً خطيرة ضد هوية فلسطين والفلسطينيين، حيث تهدف إلى صبغ الأراضي الفلسطينية بصبغة إسرائيلية، فضلاً عن تهويدها، ويعد الجزء الشرقي من بيت المقدس هو جوهر هذه الاستراتيجية. ولا تريد إسرائيل القضاء على الفلسطينيين فقط، بل تسعى لتدمير ثقافتهم وهويتهم. وتشن إسرائيل تلك الحرب بشكل غير علني وغير مرئي، حيث تبغي من ورائها قتل الفلسطينيين وهدم منازلهم واعتقال وتعذيب أطفالهم.. وهلم جرا.
من ناحية، تتبدى لنا معضلة كبيرة، فقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة العام الجديد عام فلسطين، ومن ناحية أخرى، نرى فلسطين مثل البحيرة التي تتبخر يوماً بعد يوم حتى كادت تختفي، وهذا ليس حدثاً عرضياً، بل هو خطة جادة ومحكمة تهدف إلى محو الفلسطينيين من فلسطين. وبعبارة أخرى، تريد إسرائيل محو الفلسطينيين الذين تكرههم ليس فقط من أجل ما يفعلونه، ولكن أيضاً بسبب ماهيتهم!
السؤال الآن: ما هو الواجب علينا أن نفعله لندعم الفلسطينيين في دفاعهم عن هويتهم؟ ينبغي علينا أن نضع في الاعتبار حقيقة أن الأحداث لا تجري تبعاً لنوايانا الحسنة.
أولاً، من الواضح جداً أن إسرائيل لا تريد السلام مع الفلسطينيين، ولا تريد الاعتراف بدولة فلسطين الحقيقية. وعلى العكس من ذلك، يعطي رئيس الوزراء الإسرائيلي ومعه مجموعة من أهم وزراء حكومته الأولوية للدولة اليهودية وأمن الدولة اليهودية. وبعبارة أخرى، لا يوجد في حساباتهم مجال لوجود الفلسطينيين في وطنهم.
ذات مرة، كتب غسان كنفاني، الروائي الفلسطيني الشهير الذي جرى اغتياله على يد إسرائيل، كتاباً للأطفال الفلسطينيين. وكنفاني استوحى فكرة الكتاب من الإنجيل. «وقال له يسوع: للثعالب أوجرة، ولطيور السماء أوكار، أما ابن الإنسان ليس له أين يسند رأسه». (متى، 8:20)
وفي واقع الأمر، فعلت إسرائيل ما في وسعها لتلعب دوراً كبيراً في إظهار فلسطين على أنها أصبحت قضية من الماضي قد طواها النسيان. على سبيل المثال، في إحدى الندوات المغلقة التي عُقدت في بانياس (أبوظبي)، كان شيمعون بيريس المتحدث الرئيس في تلك الندوة، ولم يتحدث بيريس قط عن فلسطين، حيث ركز على الخطر المشترك في المنطقة، وهو يعني بذلك «إيران وليس إسرائيل». وقد روى الكاتب الشهير توماس فريدمان قصة المؤتمر الأمني، الذي جرى عقده في إحدى الدول، في مقال نُشر في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني في «نيويورك تايمز»، إذ تحدث فريدمان عن مؤتمر أمني حضره لفيف من المسئولين الرسميين والخبراء من شتى البلاد العربية والإسلامية. وأشار إلى أنه في الجلسة الافتتاحية، ظهر الرئيس الإسرائيلي وعلى جانبيه العلم الإسرائيلي بلونيه الأبيض والأزرق وهو يلقى خطاباً للمؤتمر عبر الأقمار الصناعية من مكتبه الرئاسي في القدس.
رؤية الرئيس الإسرائيلي يلقى كلمة إلى جمهور يجلس بينه العديد من الساسة العرب يذكرني بالأيام التالية لمؤتمر أوسلو عندما عقد بعض العرب والإسرائيليون مؤتمرات لرجال الأعمال في القاهرة وعمان. بيد أن هذا التعاون الضمني بين إسرائيل والدول العربية السنية، ليس قائماً البتة على أي نوع من المصالحة، لكنه بالأحرى قائم على التقليد القديم الذي يقول «عدو عدوي صديقي»، وخصم العرب هنا هو إيران التي تمضي قدماً في إنشاء البنية الأساسية لإنتاج السلاح النووي.
إنها لعبة غريبة، اللاعب الرئيس فيها معروف، أما أرض الملعب فهي إيران وليس مع. ودائماً ما تحرص إسرائيل على المبالغة في خطر البرنامج النووي الإيراني، حتى تتجنب الحديث عن قضية فلسطين.
عام 2014 هو عام فلسطين وليس عام إيران! فإذا حوّلت كل البلاد الإسلامية انتباهها إلى فلسطين، فإن ذلك من شأنه أن يثمر عن تقارب كبير فيما بينها، أما إذا صبت اهتمامها على إيران، فإنها ستنقسم ويزداد التباعد فيما بينها.
نقلاً عن صحيفة «الشرق الأوسط».
إقرأ أيضا لـ "عطاءالله مهاجراني"العدد 4114 - الأربعاء 11 ديسمبر 2013م الموافق 08 صفر 1435هـ
طرد مركزي للمخابرات المركزيه من البحرين لكن
قد لا يقال من شعوب المنطقه شعب فلسطين بينما من الشعوب شعب البحرين وشعب فلسطين وشعب العراق وشعوب خلقها الله عزوجل ليتعارفوا لا ليتعاركوا ويتصرعوا! هنا في البحرين كما في الشام كما في اليمن كما في الحبشه وغيرها من المناطق الساخنه – يعني السئال هنا من أشعل الحروب ومن باع الجماعات السلاح ومن تعاون مع المخابرات المركزيه الخارجه عن القانون الدولي؟ أليس الجنرالات فالتين من العقاب؟ أو متهربين من الضرائب؟ أو هذا لا يروق لهم أو إلى حلفائهم والمتعازنو معهم من الخليج؟