إن الأرقام الكبيرة للطلبات الإسكانية المقدمة من المواطنين إلى وزارة الإسكان، قد كشف عنها أخيراً وزير الإسكان في كلمة ألقاها خلال حضوره القمة الرابعة للبوسفور بالجمهورية التركية، قال إنه وصل عددها إلى 54000 طلب إسكاني على قوائم الانتظار، ومنها كما قد تخطت عدد سنوات انتظار ذويها 15 عاماً، يعني أنهم ينتظرون حظهم الإسكاني منذ العام 1998، وقال أيضاً إن معدل التقدم بالطلبات الإسكانية يشهد ارتفاعاً، حيث تستقبل الوزارة 4000 طلب إسكاني في كل عام، وقد اعتبر ارتفاع عدد الطلبات السنوية نتيجة طبيعة لارتفاع معدل النمو السكاني.

وأكد أن القطاع الإسكاني في البحرين يشهد نقلة نوعية نتيجة زيادة المعدل الإنتاجي من الوحدات إلى الآلاف سنوياً، وقال إن وزارة الإسكان وبنك الإسكان قدما منذ العام 1999 نحو 36000 خدمة إسكانية متنوعة، بمعنى أن الوزارة تقدم للمواطنين معدل 2600 خدمة سنوياً تقريباً، ولو حسبنا الفرق بين عدد الطلبات الإسكانية السنوية التي قدرها الوزير بـ 4 آلاف طلب وعدد الخدمات التي تقدمها الوزارة سنوياً التي قدرت بـ 2600 خدمة، لوجدنا الفرق بينهما يكون 1400 طلب إسكاني سنوياً.

من الواضح إذا ما سارت الوزارة على نفس المنوال في تقديم الخدمات الإسكانية وعدد الطلبات السنوية التي تقدم إليها، رياضياً سيكون عدد الطلبات الإسكانية المتراكمة بعد خمس سنوات 61000 طلب إسكاني، يعني سنجد أكثر من 244000 فرداً من الأسر ينتظرون تلبية طلباتهم الإسكانية.

وإذا ما استمر النمو السكاني في الارتفاع كما قال الوزير، بالتأكيد سيزيد من عدد الطلبات الإسكانية السنوية، فلو جمعنا عدد الطلبات الإسكانية التي تم تلبيتها والتي لم تلبَّ حتى هذه اللحظة، من العام 1999 إلى 2013 يتضح لنا أن إجمالي الطلبات تصل إلى 90 ألف طلب إسكاني، وإذا قدرنا عدد كل أسرة بأربعة أفراد سيكون عدد أفراد الأسر المستفيدة والتي مازالت على قائمة الانتظار سيزيد على 360 ألف مواطن، ولو أضفنا إليهم عدد سكان المدن الإسكانية في المحافظات الخمس الذين لا يقل عددهم عن 150 ألف مواطن، سيكون الناتج التقديري 510 آلاف مواطن.

والكل يعلم أن وزارة الإسكان لا تقبل طلبات إلا من فئة ذوي الدخل المحدود أو من هم تحت خط الفقر، إذا كان نسبة المتقدمين لوزارة الإسكان والمستفيدين من المشاريع الإسكانية على مدى 14 عاماً أكثر من 70 في المئة من عدد الكلي للمواطنين، هل الوزير يريد أن يقول للمؤتمرين من خلال كشفه عن هذه الأرقام إن غالبية المواطنين في البحرين يعيشون في حال اقتصادي متردٍ؟ على رغم أنه لم يتحدث عن عدد الأسر التي تسكن في بيوت آيلة للسقوط، ولا عن عدد الأسر التي تعيش تحت خط الفقر التي لا تستطيع الاستفادة من الخدمات الإسكانية التي تقدمها وزارته للمواطنين، لن نتحدث عن الأسباب التي أدت إلى هذا الحال المأساوي، وقد كشف ديوان الرقابة المالية والإدارية في تقاريره التسعة جزء من الأسباب.

ولو تركنا الأمر إلى الاقتصاديين الذين بمقدورهم الكشف عن الأرقام الحقيقية لعدد المواطنين الذين يعيشون في أحوال اقتصادية ضعيفة، ولن نتحدث عن الأسباب التي تمنع الجهات الرسمية المعنية عن محاسبة الوزارات والدوائر والهيئات الرسمية التي يثبت فسادها المالي والإداري في كل عام ديوان الرقابة المالية والإدارية، لا شك أن الفساد المالي والإداري له الدور الأكبر في تردي أحوال المواطنين الاقتصادية، وأن السكوت طوال السنوات التسع الماضية من قبل الجهات المعنية بالمحافظة على المال العام عن المفسدين وعدم تقديمهم للجهات القانونية للمساءلة والمحاسبة يجعله يستشري ويزيد في اتساعه ويكبر بشكل مخيف جداً.