انعقد في بنما سيتي المؤتمر الخامس للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد خلال 25 – 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 والذي يعقد كل سنتين، حيث سيعقد المؤتمر القادم في موسكو في 2015 وبعدها في أبوظبي في 2017 وينظم المؤتمر مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة في فيينا. ويدعى للمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية كأعضاء أساسيين، والدول غير الأطراف والمنظمات الإقليمية، والمعاهد المتخصصة، وبالطبع المنظمات الأهلية المعتمدة كمراقب لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وشخصيات قانونية وغيرها ذات العلاقة.
المؤتمر حضره ما يقارب 1500 مشارك انهمكوا طوال 5 أيام على جدول الأعمال والذي شمل المؤتمر العام، وورش عمل وندوات ومحاضرات موازية، وبالطبع اجتماعات مغلقة للدول الأعضاء لمناقشة تقارير داخلية واتخاذ قرارات تنظيمية. وحيث ان ممثلي منظمات المجتمع وفي مقدمتها الشفافية الدولية وأعضاءها والتحالف الدولي لدعم الاتفاقية، لا تحضر الاجتماعات المغلقة، فإن ذلك لا يمنع بعض الدول المناصرة للمجتمع المدني أن تحيطها علما بمحتوى الاجتماعات وسيرها.
جدول الأعمال مزدحم والقضايا متزاحمة، ولكن هناك أولويات جرى إما طرحها أمام الجمعية العامة للمؤتمر وفي ورش تخصصية، وانعكست في القرارات التي خرج بها المؤتمر والتي أقرت في جلسته الختامية. ومما هو جدير بالذكر أنه خصص يوم الأحد 24/11/2013 لإحاطة المشاركين في المجتمع المدني بمواضيع المؤتمر وآلياته وكيفية الاستفادة القصوى من حضورهم والتأثير في مجريات المؤتمر من قبل مسئولين من الأمم المتحدة وخبراء المجتمع المدني.
أهم قضايا المؤتمر
1 - الربيع العربي، وما ترتب عليه من كشف لمدى فساد الأنظمة السياسية في البلدان التي أطيح فيها بنظام الحكم كليا أو جزئيا وهي مصر وتونس وليبيا واليمن، وأحد تجلياتها الكشف عن المليارات المنهوبة من الأموال العامة، والتي استقر غالبيتها في بنوك وممتلكات عقارية وأسهم شركات في الدول الغربية، وما يعرف بالجنات الضريبية إلى جانب مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة المعني بالأموال المسروقة، فقد سبق المركز الدولي للأموال المسروقة في بازل، والذي يعنى بتبادل المعلومات فيما بين البنوك حول الأموال المسروقة ضمن بروتوكول مضمون وقد أقر المؤتمر قرارا حول ضرورة التعاون الدولي لاسترداد الأموال وألا تكون هناك أية تسويات خارج المحاكم إلا بموافقة البلد المتضرر. وقدم المقترح أميركا ونيجيريا. هذا وقد نظم برنامج الأمم المتحدة الانمائي في بيروت ندوة عن الاستراتيجيات لمختلف الدول العربية الأعضاء في الاتفاقية لعرض برامجها في ضوء الربيع العربي دعي اليه ممثلو الدول والمنظمات الأهلية والخبراء وكانت مناقشة حامية. الدول العربية المغرب ولبنان وتونس عرضوا لاستراتيجياتهم بتواضع وواقعية، في حين أن البلدان الأخرى عرضت بجلاء استراتيجياتها وكأن الفساد في حكم المنتهي بينما الفساد يرتفع ويتضخم.
وقد جرى نقاش صريح من قبل ممثلي المجتمع المدني لهذه الأطروحات المتضخمة، وخصوصا في ضوء الربيع العربي الذي ترتب عليه الإطاحة بأربعة أنظمة وهز باقي الأنظمة وما كشف عنه من فساد مستشر.
2 - حرية الوصول للمعلومات: تعتبر حرية الوصول إلى المعلومات من أهم بنود الاتفاقية الدولية، والتي تنص على وضع آليات واضحة لذلك واقامة هيئة وطنية مستقلة لضمان ذلك. لكنه وباستثناء المغرب حيث هناك مشروع قانون مقدم من الحكومة للبرلمان، فإن باقي الدول العربية والكثير من بلدان العالم الثالث، تفتقد إلى ذلك. بل ان بعضها وفي ضوء الربيع العربي والعالمي أيضاً عمدت إلى تشديد التشريعات التي تعاقب على كشف المعلومات من خلال وسائط التواصل الاجتماعي.
وقد تضمن مشروع القرار الذي جرى اقراره وقدمه المغرب بعنوان متابعة إعلان مراكش بشأن منع الفساد فقرات تؤكد ضرورة الإفصاح عن المعلومات التي تهم الجمهور والشفافية في القطاع العام والحكومة وقد عقدت ندوات حيث قدمت تجارب مقارنة للممارسات والتشريعات والهيئات لذلك.
3 - تطوير آلية استعراض اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
المعروف أن الآلية الحالية المعتمدة تقوم على اختيار دولتين عضوين في الاتفاقية احداهما من المنطقة وأخرى من خارجها لاستعراض مدى تنفيذ دولة ثالثة للاتفاقية فبالنسبة للبحرين مثلا فسوف يتم استعراضها من قبل الأردن وهندوراس، كما تشمل اشراك منظمات القطاع الخاص والمجتمع لتقديم تقارير بشأن ذلك بحسب المادة (13) من الاتفاقية وتدريب أعضائها على ذلك والقرار الذي أقر وتقدمت به دول أوروبية وأميركية لاتينية يشدد على ذلك ولكن لا يلزم به. ويجرى التدريب في مقر الأمم المتحدة في فيينا لابناء من يكون بلدهم تحت الاستعراض كالبحرين مثلا.
4 - إشراك القطاع الخاص
في كلمته أمام الجمعية العامة لدى مناقشة مشروع اشراك القطاع الخاص في استراتيجية مكافحة الفساد وآلياته وهيئاته وتشريعاته، شدد السفير البريطاني على أن القطاع الخاص هو المساهم الأساسي في الاقتصاد، وهو أيضاً عرضة للفساد بل افساد القطاع العام، ولذلك يجب أن تكون هناك شراكة ما بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني في مكافحة الفساد وقد جرى اقرار المشروع. وقد عقدت ورش عمل لذلك جرى فيها استعراض الفساد في قطاعات اقتصادية كالصناعات الاستخراجية وغيرها وفيها جرى عرض وقائع فساد ألبا – الكوا في البحرين.
5 - دور مضمون لمشاركة المجتمع المدني
تقدمت سويسرا بمشروع قرار لضمان مشاركة منظمات المجتمع المدني المعنية في مختلف آليات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، بما في ذلك وضع الاستراتيجيات والبرامج وتنفيذها وهيئات مكافحة الفساد واليه استعراض تقرير الدولة المعنية، وقد دعمت ما يقارب من 50 دولة المقترح لكن عددا من الدول وتشمل الصين وباكستان وإيران وكوبا وفنزويلا ونيكاراغوا عارضت ان يدرج مشروع القرار على أعمال الدورة السادسة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية في موسكو في نوفمبر 2015، وحيث انه جرت العادة على التوافق فقد سقط القرار. ويا للاسف هناك قضايا عديدة تمت مناقشتها من خلال الندوات وورش العمل ومنها الأموال المهربة والتي تبلغ المليارات فمثلا المبالغ المهربة من الدول النامية تعادل 20 ضعفا من المساعدات التي تتلقاها من الدول المتطورة والصناديق الدولية. وهناك قضية حماية المبلغين عن الفساد، حيث تتم حاليا ملاحقتهم في معظم بلدان العالم. بل واغتيالهم من قبل المافيات كما في إيطاليا والمكسيك وهناك قضية منع الفساد في القطاع العام فالوقاية خير من العلاج. وبالفعل فإن الدورة القادمة لمراجعة البلدان الأعضاء في الاتفاقية ستتركز على الوقاية من الفساد وليس معالجته، نظم برلمانيون عالميون ضد الفساد ورشة حول دور البرلمانيين في مكافحة الفساد. وقد شهدت هذه الورشة مناقشات حامية أثارها مندوبو المجتمع المدني حيث أثبتوا ان كثيرا من البرلمانيين الأعضاء هم فاسدون، وان المنظمة لا تدار بطريقة شفافة وأثبتوا أن كثيرا من البرلمانات شركاء للحكومات في الفساد.
كثيرة هي المواضيع التي ناقشها مؤتمر بنما لكننا وفي كل مؤتمر يعقد في بلد ديمقراطي نتحسر على أوضاعنا ونفضفض عن بعض همومنا.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4113 - الثلثاء 10 ديسمبر 2013م الموافق 07 صفر 1435هـ
إلا الخليج
محاربة الفساد آخر ما تفكر فيه دول الخليج المشغولة بحماية عروشها من المطالبين بديمقراطية
حرب على الفساد وأخرى على الإرهاب لكن
ليس بسر لكن يقال هنا بإنتحار رأسمالي وعوده الى أمميه وإشتراكيه وديمقراطيه إسلاميه لا شرقيه ولا غربيه!. نشر التجاره العالميه وإنتشار التجارة الترفيهيه – يعني فنادق وسياحه وترفيه مقابل شعوب مسروقه ومسلوبه أدنى حقوقها. فكارمة الناس من الله وليس لمخلوق أن يعتدي على مخلوق مثله أو شببه إلا مجنون. فدول الغرب إستعمرت وقد لا يقال تطاولت وإنما تناولت وتوالت ولم تغير سياساتها التجاريه، أي غير أصليه ولا أساس لها من الصحه وإنما مبنيه على عقود وإتفاقيات منتهيه!