جلست الإعلامية الألمعية على كرسيها الهزاز في شرفة فيلتها المطلة على خليج الأحلام، وأمواج البحر تتماوج لتعانق الشاطئ الذهبي في موسيقى حالمه، ونسائم البحر اللطيفة تهفهف شعرها. وكان الحواريون محيطين بها، حيث طاب الجو وتسامت الروح. تملكتها فجأة روح الإعلامية الأميركية الشهيرة بابرا والترز، وخاطبت الحواريين «أوكي شباب عملتو الهوم وورك مالكم زين؟ كل واحد حضر المطلوب منه؟ تابع كل واحد منكم زوايا الهجوم على الخونة الصفويين وتبيان مثالبهم؟ الكل رد بصوت جازم نعم، طيب نبدأ بالهدهد يا الله إش عندك من أخبار فحشوشة. اعتدل الهدهد في جلسته وتنخح وتشرب كأسه من الآيس. أنا رحت الجامع اللي تعرفونه مبكر، حتى أسمع خطبة الجمعة من أولها رغم أنكم تعرفون أن أنا ما أطيق المتدينين، خصوصاً إخوانا اللي يطولون في الأدعية والسجود والقعود، لكن شسوي كله من شأن المعلمة.

الخطيب إياه دايما يتبدي بمقال أهل البيت والصحابة في مقاومة الظلم والظالم ثم يدنو إلى أصحابنا. والحقيقة أنه هيج الجمهور حين وصف كيف رجال الأمن اعتدوا على مرة ضعيفة، وهتكوا عرضها مثل ما قال، وطبعاً تعرفون الناس هناك عاطفين ومتدينين وفجأة ارتفعت القبضات ومنددة بالحكومة ورجال الأمن، وبالطبع رفعت ايدي معاهم، حتى مايشكون فيني، لكني كنت أدعي عليهم في قلبي، وخاطبت الثاني وأنت يا بلبل يا الله غرد». أنا الحقيقة حضرت المؤتمر الصحافي للمعارضة واللي قاموا فيه بحركه بهلوانية بطرح مبادرة سموها إخراج البلاد من مأزقها، الحقيقة أنها حركة بارعة، لأن شعب البحرين تعب، والعالم تعب ويريدون ولو بارقة أمل. الحقيقة أني وأنا أسمع كل جملة من ادعاءاتهم، أدورها في فمي بسرعة، وجهز ليها الرد المفحم طبعاً لم أحرجهم بالأسئلة لأني ما أريد أنفضح. هذليين يريدون عفو عام وإيقاف محاكمات وسحب قوات الأمن من الطرق والقرى، ووقف المداهمات، يعني يريدون مكافأة على جرايمهم وتترك لهم الحكومة الساحة يلعبون سداح مداح. ثم خاطبت الشاهين وأنت ويش عندك يا اللي تطير عالي، وببصرك الحاد تمسح كل شي.

رد الشاهين بعد أن خزر بعينيه الحاضرين. أنا سويت جولة بانورامية على هذي الجمعيات اللي يسمونها مجتمع مدني. واللي هي واجهة لجمعيات المعارضة الطائفية وما فيها من المدني اللي اسمها، يمكن حتى عندهم تدريبات عسكرية مثل جيش المختار وحنا ما ندري، رصدت ندواتهم وورشهم واجتماعاتهم.

مايهمهم إلا يفتشون عن المشاكل في البلد ويحملون الحكومة مسئوليتها. إذا واحد ضرب زوجته قالوا عنف أسري والحكومة ما تحمي النسوان، وإذا واحد أدب ابنه، قسوة على الطفولة البريئة والحكومة ما تحمي الأطفال، وإذا واحد تمصلح وحصل اشوية خردة، قالو فساد مالي والحكومة غير مؤتمنة، إذا واحد دز اعياله وقرايبه، للعمل في الحكومة أو شركاتها قالوا واسطة غير مشروعه ومايرضيهم العجب ولاالصيام في رجب. هي الحكومة تبد لمين واله مين، كثَّر خيرها ما أكلتكم ومشربتكم ومطببتكم وتعملكم وتدفنكم بعد.

طابت واستدارت إلى النسر، وأنت يا النسر المحلق في العلالي ويش شفت. أنا طرت فوق البلاد من الشمال للجنوب ومن الشرق للغرب رصدت اللي يشعلون الحرايج يقطعون الطرق، ويسووا تجمعات غير مشروعة، وشخبطوا على الجدران، ويرفعون الأعلام السوداء هذول ما يعيشوا إلا بالمشاكل، رافعين شعار ثورة الحسين (ع) متجددة كل يوم.

من ألف وأربعمئة سنة، وهذا دربهم. طيب ظلم وصار في الماضي انسوى وخلاص ثم تتالى على السرد باقي أفراد الشلة، النورس والبلبل والمدكي والحمامة.

والإعلامية الألمعية تستمع بانتباه وتسجل كل شاردة وواردة. ثم اعتدلت في جلستها. شكرت كل واحد من الحواري باسمه وأثنت على تقريره لكنها بينت الثغرات في عدم الإلمام بالتفاصيل أحياناً، أوعدم تسجيل الأسماء أو الأماكن أو المواقيت.

واقترحت نخباً لإنجاز هذه المهمة العظيمة. ثم خاطبت الحاضرين بحزم وجزم. إحنا لازم نخلي إعيونا مفتوحة إحنا لازم نكون صاحين. ترى المؤامرة كبيرة ومتشعبة تمتد من كوريا اللي وصولوا إليها الخونة عن طريق اتحاد عمال كوريا، وحرموا قواتنا الباسلة من القنابل الغازية، حتى أميركا، اللي كل يوم تسندرنه هذي اللي اسمها جين باسكي الناطقة باسم البيت الأسود، بانتقاداتها ونصانحها. أكيد الخونة يوزّونها وعملوا غسيل مخ ليها، مثل ما عملوا غسيل مخ لرئيسها أوباما وسنتاتوراتهم ونوابهم وصحفييهم. في النهار يقولون عن البحرين حليف استراتيجي، وفي الليل مقبرة حقوق الإنسان اللي تحرجهم قدام شعبهم. والله هذي نافي بيلاي، أنا من شكلها ما عجبتني طيب قاضية على عيني ورأسي، ومفوضة لحقوق الإنسان، ما شفتي في مصايب حقوق الإنسان إلا البحرين. روحي لبلدج جنوب إفريقيا، اللي غارقة في الجرايم والمخدرات وفكينا. شوفوا يا شباب، ترى إذا الحكومة تهاونت حنا ما نتهاون، وإذا الحكومة تنازلت حنا ما نتنازل. حنا الرقم الصعب في المعادلة، حنا كنا الأغلبية الصامتة لكن الحين الأغلبية الزاعقة لا عفو عن الخونة ولا مصالحة مع العملاء، ولا تهاون مع المتمردين. حنا حكامنا فوق رأسنا مانريد انتخابات ولا حكومة منتخبة ولا خرابيط، نحن بايعناهم من حين فتحوا البلاد وطردوا الفرس المجوس. واللي مو عاجبه الباب يوسع جمل.

الحين اكتملت الصورة ومشكورين يا شباب ونخب ثاني للاستنتاجات العظيمة. نفض السامر وجلست باربرا والترز البحرينية إلى طاولتها الأثيرة والموسيقى الهادئة تصدح، وهي تخط حبكة الحلقة التلفزيونية القادمة، وفي ضوء الكم الهائل من المعلومات التي اخترقت بها حجب المعارضة المفلسة والمجتمع المدني التابع والملالي المتخلفين، مقابل رجال الدولة المقتدرين المجربين، وحكومة الإرادة الوطنية و«الخطة اللي ما تخرماش المية» هذا مقابل ذاك وشتان ما بين الثريا والثرى.

أطلت باربرا والترز البحرينية على شاشة العائلة الواحدة، بابتسامتها المرسومة وأعزائي المشاهدين في مملكتنا الحبيبة مساكم الله بالخير أعزائي المشاهدين في خليجنا المتحد المنيع على العدو، مساكم الله بالخير، أعزائي المشاهدين في منطقتنا البلاد العربية السعيدة المحصنة ضد مؤامرات الصفويين والأميركيين مساكم الله بالخير. ثم تدفقت في حديثها كالشلال دون توقف. وسكتت شهرزاد بعد أن أفحمت الجميع بقوة حجتها وسلامة منطقها وإفلاس خصومها.