«هو طيف من أطياف ذلك القادم من المجهول، ذو الرائحة المربكة والصورة المبعثرة. ليس من السهل قراءته ولا معرفته؛ لأن السطور لا تقف عنده بانتظام، والكلمات تتطاير فيما بين السطور بحيث لا ترى أبدا.
هناك بعض الضوء المملوء بالعتمة يتصاعد تارة ويختفي تارة أخرى، إنك تراه في أكثر المواقف المبهجة قبل غيرها، ويزداد في المواقف الأخرى التي تصحب معها قلقنا وما يحمله من هذا الخوف. إنه يأتي في شكل سعادة تكون مبعثاً جديداً وانطلاقة تحلق في أفلاك أخرى جديدة. أهي جهتنا التي ننتظرها. إنه الشيء الذي يصنع بداخلنا كل المفاجآة والانقلابات نحو المجهول المطلوب في حياتنا لمسار آخر مرتبط معه الأمل الذي هو في واقع الأمر البوصلة التي تجدد فينا كل طاقاتنا وتنقلنا من مرفأ إلى آخر». ذلك هو تعريف الخوف كما رآه مبارك العطوي في كتابه «هواجسنا بقراءات أخرى» والذي صدر حديثا وتم توقيعه في مركز كانو الثقافي مؤخراً.
الكتاب هو الثالث لمبارك سعد العطوي، وكان كتابه الأول «حكاية اسمها النادي الأهلي» والذي وثق فيه تجربته في النادي الأهلي مع الرواد والمؤسسين، بالإضافة إلى كتابه الثاني «أوراق متناثرة» والذي هو عبارة عن مجموعة مقالات متفرقة في الحياة والقيم والتي فصّلتها سنوات التجربة الحافلة بهواجس الخبرة الإنسانية، أما هذا الكتاب الثالث فهو كسابقه مجموعة من المقالات في اكتشاف الذات والحياة وعنوانه من وحي موضوعاته.
صدر كتاب «هواجسنا بقراءات أخرى» للكاتب مبارك سعد العطوي عن المؤسسة العربية للطباعة والنشر في سبعين صفحة من الحجم الصغير، واحتوى على خمسة عشر مقالاً مثلت كما هو عنوانها مجموعة من الهواجس التي تنتاب الإنسان في ساعة الصفاء أو الكدر. واستطاع العطوي أن يطوّع هذه الهواجس ويجعلها مشروع كتابة، مقتنصاً لحظات الصفاء التي تسمح للذات أن تنطق بالكثير وتبوح بما وراءها من مشاعر ألم أو أنس أو كدر.
وكان من أهم الهواجس التي حاول العطوي اقتناصها وشكلت عناوين المقالات هي الإنسان بين الواقعية والمثالية، القلق بين كل الأصداء، الخوف بين الرجاء والأمل، القسوة في أصعب أدوارها، الصراع كيف نراه، الجوع وعبث الأيام، الألم الذي يحملنا معه، الهموم وتأثراتها وإلى أين، الأحلام وما أجمل الصعب منها، الصبر وما أدراك ما الصبر، الكذب وبريقه الزائف، القانون تلك الرسالة التي ننشدها، الفرح ماذا يشكل في حياتنا، الحب بين السمو وما تراه، وأخيراً المجتمع وتأثيراته في كل هواجسنا.
وقع العطوي كتابه في أمسية ثقافية خصصها مركز كانو الثقافي للاحتفاء بالكاتب وتدشين كتابه، وخلال الأمسية قرأ العطوي بعضاً من مقالاته القصيرة، وسرد بعض محطات تأليف الكتاب، وأجواء كتابة تلك الهواجس لديه، وذلك بحضور مجموعة من المثقفين والمهتمين والأصدقاء ورواد المركز.
العدد 4109 - الجمعة 06 ديسمبر 2013م الموافق 03 صفر 1435هـ