العدد 4109 - الجمعة 06 ديسمبر 2013م الموافق 03 صفر 1435هـ

القطان: الوضع في سورية يعصر القلوب ألماً ويفت الأكباد... وإغاثة الشعب السوري واجبة

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

قال إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان: إن «الوضعَ في سورية يعصِرُ القلوبَ أَلَماً، ويَفُتُّ الأكبادَ فتّاً، تتمزقُ أفئدتُنا ونحن نرى ما يجرى لإخواننا على أيدي أعدائهم الحاقدين من إبادةٍ جماعية، وقتلٍ ونحر بطرقٍ وحشيةٍ، لا يستثنى منها النساء، ولا يُرحم فيها الشيوخُ الركع، ولا الأطفالُ الرضعُ، حوصر الناسُ داخل منازلِهِم ومُنِعُوا الماءَ والكَهْرُباء، والغذاءَ والدواءَ، إنها جرائمُ قتلٍ وإبادةٍ جماعيةٍ منظمة، لأنفسٍ بريئةٍ معصومة، وسرى الظلمُ حتى بلغَ بيوتَ الرحمن، ومحاريبَ القرآن، فضُرِبتِ المساجدُ بالمدافع، واستهزئ بالخالقِ جلا وعلا جِهَاراً نَهَاراً».

ودعا القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة (6 ديسمبر/ كانون الأول 2013)، إلى مساعدة وإغاثة الشعب السوري، والتأمل في حال «المستضعفين المظلومين في سورية»، متسائلاً: «هل قامت أمة الإسلام بواجبها نحوهم؟ أم أن الواقع هو الخذلان؟!».

وتحدث القطان عن الخذلان وخطورته، مستشهداً بما روي عن رسول الله (ص)، «مَا مِنْ امْرِئٍ مسلم يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِماً عِنْدَ مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِماً فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ».

وقال القطان: «إن لم نتدارك وضعنا بنصرة إخواننا، فسيحيق بنا هذا الوعيد لا محالة، والأيام دول، والتاريخ لا يكذب، ووعد الله لا يتخلف، لكن (ص) قال: (صَنَائِعُ الْـمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ وَالْآفَاتِ وَالْـهَلَكَاتِ، وَأَهْلُ الْـمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْـمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ)».

وأضاف «ها هي الأمم قد تداعت وتكالبت على أمة الإسلام، وهي من أكثر الأمم عدداً، لكن هذا العدد غثاء كغثاء السيل، ولقد أصبحت أمة الإسلام حِمىً مستباحاً يرتع فيه كل راتع، دون خوف أو خشية منها، فقد نزعت من قلوب الأعداء مهابتها، ودب في قلوب الأمم الوهن وهو حب الدنيا، والتعلق بها، وكراهية الموت».

ونوّه إلى أنه «عندما أذكر لكم ما سبق فإني لا أريد أن أزيد غمكم على إخوانكم غماً، وحزنكم عليهم حزناً، لكني فقط أريد أن أذكركم بواجب النصرة لهم، بالأفعال لا بالأقوال... قبيح بالإنسان أن تمر به المجازر التي تحصل لإخوانه وهو لاهٍ في شهواته وملذاته، بعيد كل البعد عن هموم إخوانه وما يحصل لهم».

واعتبر أن «قبيحاً بالإنسان المسلم ألا يتابع أحوال إخوانه وما يجري لهم، ويغفل أو يتغافل عن المذابح التي تدور في بلاد الشام... قبيح بالإنسان المسلم أن يبخل على إخوانه بأقل القليل، يبخل حتى بدعوةٍ لإخوانه، فقد يمر عليه الشهر والشهران ولم يدع لإخوانه، وبعد ذلك يزعم أنه يحمل همهم، وأبخل الناس من بخل بالدعاء... قبيح بالإنسان المسلم أن يبخل بدنانير يقدمها لإطعام جائع، أو كسوة عارٍ، أو سد فاقة محتاج، بينما يصرف على لبس أو وجبة طعام الدنانير الكثيرة».

وذكر «كلنا يستطيع الحديث عن مكارم الأخلاق، وعن فضل إغاثة الملهوف والإعانة على نوائب الحق، وغيرها؛ وكلنا يستطيع إلقاء اللوم على غيره من حكام وعلماء ومنظمات ودول، ويسلط أنظاره على تقصير غيره في إغاثة إخوانهم في شتى أصقاع الأرض؛ لكن القلة القليلة هم الذين ينظرون بالدرجة الأولى إلى أنفسهم، وإلى الذي قدموه لإخوانهم... إذا اجتمع الخلق يوم القيامة بين يدي الله فثق تماماً أن الله - تعالى - لن يسألك عن أعمال غيرك، لكنه سيسألك عن عملك أنت، أنت وحدك، وستقف بين يدي ربك لتحاسب عن عملك وحدك. إنها صحيفة عملك؛ فاملأها بما شئت».

وقال: «منذ ما يقارب ثلاث سنين أصيب أهل الشام في أرض سورية الأبية بمصاب جلل، وكرب عظيم وامتحان كبير، أصابهم الذل والإذلال، والتسلط والامتهان، والظلم والطغيان، فقُتل الأحرار، وسُبيت الحرائر، وانتُهكت الأعراض، وهُدمت المنازل والمساجد على أهلها، وديست كرامة الناس، ونُقلت صور الإجرام في أبشع مناظرها؛ حيث الحصار الخانق، والرصاص المباشر، والضرب بالمدفعيات والمدرعات، والإهانة بالقول واللسان، والدوس والركل بالأقدام، وإرغام الضعفاء الأحرار الموحدين على الإشراك بالله عز وجل».

وأضاف القطان «إن ما يحدث اليوم من العدوان على أهلنا في سورية من قبل الطغاة والمجرمين ومن ساندهم وآزرهم، أمر لا يرضاه الله تعالى، ولا يرضى سكوت أهل الإيمان عنه، ونحن نرى ونشاهد صورهم وأحوالهم تنقل إلينا عبر الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة صباحاً ومساءً... صور التعذيب والسحل والاغتصاب والقتل، ما جعل الناس يفرون بأطفالهم ونسائهم وشيوخهم إلى المخيمات في شمال سورية والدول المجاورة لها، إلى الأردن ولبنان وتركيا؛ لينجوا من القتل، فيموتون بالبرد والجليد والصقيع».

وأكد أن «حال الأطفال واللاجئين السوريين داخل سورية وخارجها يبكي الحجر قبل البشر، وجوه شاحبة، وأبصار زائغة شاخصة، ونظرات حائرة خائفة، وعيون دامعة، يتجمد الدم في عروقهم خلال الليل بعدما غمرت مياه الأمطار خيامهم، وأسلمتهم إلى العراء».

وأشار إلى أن «منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف)، ذكرت أن أكثر من خمسة ملايين طفل سوري سيواجهون قريباً شتاءً قاسياً، مؤكدين حاجتهم إلى أموال إضافية بشكل عاجل لتوفير الإمدادات اللازمة لمواجهة فصل الشتاء... فهل كتب الفناء على أهل الشام داخل سورية وخارجها؟، بتواطؤ المجتمع الدولي، والتحزب الطائفي، وبخذلان المسلمين لإخوانهم، واكتفائهم بالفرجة على مصابهم؟! والله لنسألن عن ذلك؟ ولنسألن ماذا قدمنا لنجدتهم ونصرتهم».

وشدد على ضرورة إغاثة الشعب السوري، بقوله: «أغيثوا إخوانكم، وقفوا معهم في مصابهم، وتذكروا برد الليالي وأن نساءهم وأطفالهم في العراء، تحت أرض سالت بالمياه ثم تجمدت، وأمام رياح باردة تلسع وجوههم، ولا ثمة كساء ولا غطاء ولا طعام ولا دواء، قد ضاقت الحيلة برجالهم فاستسلموا للمقدور، وبكت نساؤهم حتى جفت مآقيهن من البكاء، وأما الأطفال فقد جمدهم البرد وهول المصاب عن الكلام والبكاء، لكن نظراتهم تصيب القلوب بسهام قاتلة، لمن كان له قلب فيه رحمة، وإنما يرحم الله تعالى من عباده الرحماء.

وقال: «إن إخوانكم في سورية الجريحة، يستغيثون بكم بعد الله تبارك وتعالى، خصوهم بصالح الدعاء، ولا تتأخروا عن ميادين البذل والعطاء، ألا فليبسط القادر يده بما يستطيع، مدوهم بالغذاء، وأحسنوا إليهم بالكساء، وأسعفوهم بالدواء، وذلك بالتبرع لهم عن طريق المؤسسات والجمعيات الخيرية والجهات الموثوقة في هذه البلاد المباركة».

العدد 4109 - الجمعة 06 ديسمبر 2013م الموافق 03 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 5:45 ص

      وماذا عن شعب البحرين

      لماذا تغض الطرف عمدآ عن شعب البحرين وتتحدث عن الشعب السوري ياشيخ ؟؟؟

    • زائر 10 | 3:23 ص

      وشعب

      وشعب البحرينى المطهد ليش ماتتكلم عنه انصف ياشيخ ترى هناك محاسبه فى الاخره الشعب البحرينى المظلوم اولى تتكلم عنه والله ياخد حق الشعب المظلوم

    • زائر 7 | 12:46 ص

      بالامس

      بالامس اذهبوا اغيثوا شعب سوريا بالجهاد ، واذا بالمجاهدين يرتكبون ابشع الجرائم ولم ينطق لا شيخ ولا عالم ، بأسم الجهاد وبمباركة الفتاوي اغطصبوا وسرقوا وقتلوا لكم الله يا شعب سوريا الابي

    • زائر 6 | 11:44 م

      الوضع في سورية يعصر القلوب ألماً ويفت الأكباد لان ماظل واحد ما يرح يفجر ويقتل الابرياء هناك من هب ودب من الدول ذهب هناك

      عندما ترسل الدول العربية وبعض الخليجية مقاتلين لقتل الشعب السورية سوف تكون هذه النتيجة

    • زائر 4 | 11:23 م

      عين عذاري

      تسقي البعيد وتخلي القريب

    • زائر 3 | 10:03 م

      انتم

      انتم السبب في ما آل له الوضع في سوريا. وانت تستطيع ان تذهب للجهاد ما الذي يمنعك بس فالح تغرر بالشباب

    • زائر 2 | 10:01 م

      لم تحدد ياشيخ

      من هي الجهة المسؤلة عن ذلك اهو النظام ام الجماعات المسلحة
      لماذا لم تستنكر هدم بيوت الله عندك في بلدك
      ان شاء الله ياشيخ ستخرج سوريا من هذه المحنة رافعة الراس مقاومة
      مثل ماعهدنا من قبل .

    • زائر 1 | 9:51 م

      وينك ياسماحة الشيخ عن فلسطين

      وينكم ياعالم عن الجرائم اللتي تحدث في فلسطين ليش ما طالبتم بارجائعها من يد المستوطنين اليهود ....كم من السنيين مرت وفلسطين محتلة ..!

اقرأ ايضاً