سادت في الآونة الأخيرة سلوكيات غذائية كثيرة كان لها الأثر السلبي على الصحة العامة وساهمت بشكل فاعل في نشوء وبائيات عدة، أهمها السمنة؛ لما لها من علاقة سببية أثبتتها الدراسات في الإصابة بأمراض العصر الرباعية وهي السكري، وأمراض القلب وتصلب الشرايين ومرض ارتفاع ضغط الدم.
من تلك العادات ما درج عليه قسم كبير من الأفراد من الاعتماد الشبه كلي على الأكل خارج المنزل أو ما نسميه أكل المطاعم.
تمثل الوجبات المعدة في المطاعم على اختلافها هاجس صحي يهدد الصحة العامة لافتقارها للقيمة الغذائية الصحية واحتوائها سعرات حرارية أكثر من الوجبات المنزلية، حيث إن معدي ذلك النوع من الطعام لا يأخذون في الحسبان التكوين الغذائي الصحي والسليم في تضمين عناصر غذائية تعكس التمثيل المتوازن للمجموعات الغذائية الرئيسة مثل الكربوهيدرات والبروتينات والأملاح المعدنية، كما تستحوذ المطاعم في ما تنتج من وجبات على أكثر من ثلاثين بالمائة في امداد الجسم من احتياجه اليومي من السعرات الحرارية.
لذا تشكل معايير الأداء، سواء أكانت طوعية أو ملزمة، أحد أهم الركائز الواعدة لرفع جودة وكفاءة ما يتم إعداده من طعام خارج المنزل، حيث تمثل نوعية ما نتناول من غذاء وما يحتويه من طاقة عامل خطر للمراضة والوقوع تحت طائلة الأمراض المزمنة، التي هي أكثر شيوعاً وفتكاً وكلفة من الأمراض الأخرى مثل حالات التسممات الغذائية.
لذا من أجل سبر أغوار مشكلة الغذاء هذه، لابد لنا من أن نتعرف وعن قرب على العوامل التي تتداخل وتحدد خيارنا في انتقاء ما نأكل، والتي منها على سبيل المثال توفر الغذاء وسعره وسهولة إعداده، إضافة إلى ما تعودنا عليه من طباع وعادات غذائية قد لا تكون في مجملها ذات جدوى أو قيمة غذائية.
إن قوائم الطعام التي تعدها المطاعم لا تعكس المحتوى الحقيقيي للسعرات الحرارية، وما يزيد الأمر تعقيداً هو أن شكل أو مذاق ذلك الغذاء لا يكشف عن سعراته الحرارية كما هي، مما يجعل من الصعوبة بمكان لأي فرد في اختيار نوعية ما يأكل ومحتواه.
لقد أشارت البحوث المعنية بالاقتصادت السلوكية أن الشهية واختيار الطعام تحكمهما عوامل لا يستطيع الفرد منا استشعارها أو تجنبها، إضافة لذلك ينساق الكثيرون بعلم أو من غير علم لما يتم تسويقه في صناعة الغذاء مما يجعلهم يتناولون أكثر من حاجتهم الفعلية، ومما يبقيهم على وزن صحي وملائم. علماً أنه يتوافر كمٌّ هائلٌ من الدلالات التي تثبت أن عادة ما يتخذ الناس قرارات وخيارات لا تكون مناسبة، خاصة عندما يتعلق الأمر بما يجب أن نختاره من غذاء.
انطلاقاً مما سبق من معرفة، يستوجب على المعنيين وأصحاب القرار وواضعي سياسات الصحة العامة تبني مبادرات وممارسات وبرامج تترجم الزخم المتنامي من العلوم الغذائية وتبلورها في خدمة الفرد وتعريفه في ما يأكل وما يختار من غذاء.
من تلك تدشين مبادرة «المطعم الأكثر صحة» في تعيين توصيات ومعيار لإعداد وجبات الأطفال والبالغين استناداً على ما أوصى به برنامج رعاية غذاء الأطفال والبالغين التابع لمعهد الطب في الولايات المتحدة، الذي حدد 640 سعرة حرارية لكل من وجبة الغذاء أو العشاء للبالغين، بينما ربط احتياجات الأطفال من السعرات الحرارية اليومية بناءً على الفئة العمرية، حيث يحتاج الأطفال من عمر خمس سنوات إلى ثلاثة عشرة سنة إلى ما يقارب 608 سعرة حرارية للغذاء أو العشاء.
إن من أهم ما يجب الالتفات إليه هو تقليل المحتوى من السعرات الحرارية وإضافة مجموعة الخضراوات والفواكه فيما يعد من طعام خارج المنزل.
إضافة إلى ما سبق، يجب أن تضم تلك المبادرات ممارسات موضوعية هي بمثابة معايير أداء يتم قياسها لمعرفة مدى التطبيق الفعلي لدى كافة منافذ إعداد الغذاء.
إقرأ أيضا لـ "محمد حسين أمان"العدد 4108 - الخميس 05 ديسمبر 2013م الموافق 01 صفر 1435هـ
لقد اسمعت لو ناديت حيا
كلنا بما فينا الاطباء واطباء التغذية نعي ونعرف تماما خطورة الاعتماد شبه الكلي على اكل المطاعم ولكن الامر خرج من ايدينا وخارج عن ارادتنا فاصبح امر لا مفر منه