من جانب المعارضة أبهرني سلباً، تصريح أحد قادة إحدى الجمعيات المعارضة، في ندوة منذ أيام، بأن الحراك البحريني الذي انطلق في فبراير 2011، وما زال، لم يكن ثورة، بل حراك لإصلاح السلطات.
المبهر أن القائلة لم تستوعب بعد، معنى الثورة السلمية، التي انطلقت في البحرين، ولم تستوعب بعد فقد الأمل في الإصلاح، الذي وعدت به السلطات. ولم تستوعب بعد أن من يرفل في ملذات الإفلات من العقاب، لا يمكن له أن يعدل.
ومن جانب السلطات، ماذا لو أوفت بما أتت به في مشروع الميثاق، الذي نال من الموافقة الشعبية ما كان فخراً لها. ذاك الشعب الذي رمى خلف ظهره كل التجاوزات السابقة للسلطة، ولكنها لم تطبق ما نص عليه دستورها، على الأقل من باب إثباتها حسن النية، ومن باب إحراج المعارضة وتخطئتها، فقد كان أمامها سنوات عشر، كانت كافية لقلب الطاولة ومن حولها كراسي المعارضة. وقد كان الوقت أكثر من كافٍ لترينا السلطات ولو جزءاً يسيراً مما وعدت بأجمل الأيام، في إشارةٍ إلى أن المشروع الإصلاحي، لن يقف على حافة بدايته، وأنه بدأ من مكان منبسط وسهل مداه، ببعد الأفق، وبدأ من زمنٍ طوى ما قبله من قانون أمن الدولة، المتحكمة به السلطات، كأداة قمع وبطش بالقوى الشعبية، وأن زمانه بدء إشراق، سيطوي ذاك الليل الطويل الحالك.
إلا أن السلطات، وفي حالتي مرحلة عقد من الزمان، من مقاطعة ومشاركة المعارضة، في ذات مشروع الميثاق، لم تأبه لما وعدت، بل أتت بخلاف ما بشر به مشروعها الإصلاحي، ووعودها بالتطوير على مراحل. وبمرور الفصول التشريعية الثلاثة، بما يناهز الإثني عشر عاماً، ليتنا وجدنا فيها الجمود على ما بدأت به مرحلة الميثاق، بل أن الحال تردت إلى أكثر مما كان إبان قانون أمن الدولة، من نواحي الحقوق المدنية والسياسية، والتضييق على المواطنين، في النواحي المعيشية والسكنية والخدمية، وختمتها بالنواحي الأمنية والطائفية، وتدمير الهوية الوطنية.
كان مفهوماً كل ذلك، وخصوصاً الفساد الحكومي، وسرقة أموال الدولة، إبان مرحلة ماقبل الميثاق، فالدستور كان معطلاً العمل به، وانفردت السلطات بالسلطات الثلاث، فلا حسيب ولا رقيب، لذا انتشر الفساد وعاث الفاسدون بما تصله أيديهم، طوال سبعة وعشرين عاماً.
فما بال ما بدا شكلاً، من نص الميثاق ودستور 2002، في تجريم المسّ بأموال الدولة، وتجريم المس بكرامة المواطن، وقد صيغت نصوص بعض القوانين، بما يحفظ هذين الحقين، إلا أننا لم نر غير التجاوزات والإفلات من العقاب، فكأن الحال كما كان يقول الممثل المصري عباس فارس في فيلم عنتر وعبلة، في مشهد أمام مرآته، وهو قبيح المنظر، فيردد باللهجة المصرية المحببة: «أنا جميل بشكل وحش».
فلو خطت السلطات كل أربع سنوات خطوة إلى الأمام، لاجتمعت في صالحها خطوات إيجابية ثلاث، إلا أنها فعلياً قد خطت في كل يوم خطوة إلى الوراء، فتراكمت الأخطاء بما أوصل حتى حلفاءها الإقليميين والدوليين، وكذلك الآملين فيها محلياً، إلى الطريق القصير المسدود، فباتت في انفكاك وعدم ثقة من شعبها والآخرين.
وعلى خلاف خطوات السلطات إلى الوراء، خطت المعارضة خطوة إلى الأمام ثم خطوتين إلى الوراء، وهكذا، لتعود بنا إلى حيث كنا، في أول عهد الميثاق، مضافاً إليه ما أساءت السلطات التصرف فيه من حقوق المواطن، على جميع الأصعدة، مع أن إخفاقات المعارضة، أتت ببعض مما لم يكن في الحسبان من إيجابيات، إذ لم تكن مواقفها تطبيقاً لخطة سياسية متواترة، بقدر ما هي ردّات فعل آنية لكل حدث. وخيراً فعلت بمثل الموقف إزاء أحداث فبراير 2011، بِدءًا وخصوصاً قرار الانسحاب من مجلس النواب، وتسيير التجمعات الشعبية المطالبة بالحقوق الشعبية، وآخراً الموقف من الحوار المتناقض مع الفعل الأمني.
أما المواقف من داخل مجلس النواب، من مثل ملف سرقة أموال الدولة، فمازال عالقاً في دهاليز السلطات كإنجاز للمعارضة بصفته الإعلامية الكاشفة للفساد، ليس إلا، مثله مثل ملف التجنيس الذي أبدعت فيه المعارضة من خارج المجلس إعلامياً، ولكن الإعلام على أهميته، إلا أنه ليس كافياً كفعل سياسي، يُقوِّم أداء السلطات، حينما لا تملك المعارضة أدوات ردع، سواء النيابية أو السياسية، التي حصن الدستور السلطات من أن تطالها المحاسبة. فهي أي السلطات، ليست شعبية منتخبة، بل هي فوق القانون، وكذلك أصغر منتفع من جورها على الآخرين.
فهل آن الأوان للمعارضة أن تثبت على الموقف والفعل الحقوقي والسياسي المدروس والمحدد، ومعداً له سلفاً الموقف والفعل اللاحق، فما الحراكات الشعبية بما يطال مفهوم الثورة السلمية، إلا صبراً وجلداً، فإما تحقيق المطالب وإمّا إصراراً على السلطات، بما يُعجِّل في تحقيقها.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4106 - الثلثاء 03 ديسمبر 2013م الموافق 29 محرم 1435هـ
قناص
مرض خبيث يستشري في جميع اوصال المؤسسات الحكومية ولا يوجد طبيب متخصص العلاج هذا المرض الذي نخر عظام تلك المؤسسات وعلاجه استئصال جميع الاورام واعادة اعظائه مظادات حيوية 1500 ملج لعل وعسى يتم السيطرة على هذا المرض .
السلطة ليست في وارد الاستجابة لأي حقوق شعبية
لو ان لدى السلطة اقل القليل من نيتها في الاستجابة لتطلعات الشعب لما قامت بتجييش هذه الاعداد والانفاق الغير محدود على القبضة الامنية حتى بلغ الحال الى ان يصل العجز الى 5 مليارات وهو في تصاعد والقبضة في تصاعد والنية بعدم الاستجابة في تصاعد
أبهرني
أبهرني مقالك أستاذ!!
قناص
تسلم يدك على كل حرف خطته هذه الانامل الطاهرة الصادقة الاصيلة يا استاذنا العزيز ولا حرمنا الله من كتاباتك الهادفة استاذي العزيز يقال كل اناء با لذي فيه ينضح هنا لا توجد مقارنة بين سلطات دول الخليج وسلطة البحرين حيث يوجد جزء من العدالة في بعض الدول الخليجية ويحصل المواطن على بعض حقوقة وله كرامته المصانة من قبل السلطات ونحن نعيش بدون ادنى كرامة في وطن المؤسسات والقضاء المستقل البطيخ ز
استئصال
لا اعتقد ان علاج الفساد هو اصلاحه ..بل اسئصاله واستئصاله يعني ان المفسدين يجب ان لا يكون لهم موطئ قدم في اي موقع عمل وهذا غير ممكن في البحرين لان الفساد والمفسدين لا يمكن ان يفترقا