ما هكذا الظن بكم يا شعب! أجحفتم وتجحفون ما تقوم به مؤسسات الدولة والسلطة من أجل خدمتكم والسهر على راحتكم منذ سنوات طويلة، لماذا كل هذا الإجحاف في حق إنجازات الوطن، وطاقاته وقدراته؟ فرق عمل، لجان، زيارات، وفود، برامج، سفرات، مؤسسات وشركات علاقات عامة، لقاءات صحافية، برامج تلفزيونية، وخبرات أجنبية في مختلف المجالات وأخيراً تقارير مطولة، لإنجاز كل توصيات لجنة تقصي الحقائق (توصيات بسيوني)، والآن تقولون لم ينفذ شيء منها.

صحيح أن الحكومة احتاجت ثمانية أشهر لتنفيذ أربع توصيات من توصيات لجنة تقصي الحقائق، إلا أنه دائماً ما يكون في التأخير خير كثير، تلمسناه أمس في تقريرها.

في 21 مارس/ آذار 2012 أعلنت اللجنة الوطنية المعنية بمتابعة تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق «تنفيذ ما مجموعه 15 توصية بشكل كامل، من إجمالي التوصيات البالغ عددها 26 توصية، أي بما يجاوز نصف عدد هذه التوصيات». فيما أعلنت وزارة العدل في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 أن الحكومة نفذت 19 توصية بشكل كامل، وقطعت شوطاً كبيراً في تنفيذ التوصيات السبع المتبقية، كما أن بعض الجهات الحكومية قد تجاوزت عملية الإصلاح فيها ما ورد بتوصيات لجنة تقصي الحقائق.

ومن هنا ندعو الشعب للاعتذار الرسمي والعلني للحكومة وذلك لبثه مغالطات كثيرة، بشأن عدم تلمسه تنفيذ تلك التوصيات، وسنبرهن لكم حقيقة مغالطاتكم وظلمكم للحكومة الرشيدة وجهودها العظيمة.

الحكومة أنجزت الإصلاحات السياسية منذ حوار «التوافق الوطني 2011» ولعن الله الشاك في ذلك، وتشهد على ذلك التعديلات الدستورية، وما أفرزته جلسة المجلس الوطني الوحيدة في تاريخ البحرين من توصيات مهمة نفذت جميعها في شهر واحد، للضرب بيد من حديد على «الإرهاب والخونة» ومن يحملون أجندات خارجية.

الحمد لله صدر تقرير متابعة توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق للرد على المشككين، والذي أكد بما لا يدع مجالاً للشك تنفيذ كل توصيات بسيوني حتى وإن قال إنه نفذ فقط 19 من 26 توصية، إلا أن شعبنا كريم والحكومة تستأهل كرمنا وتجاوزنا عن تنفيذ ما تبقى من توصيات اعتمدت على تقارير وشهادات مغلوطة ومفبركة من منظمات محلية ودولية مشبوهة.

محمود شريف بسيوني ركز طوال تقريره الذي بلغ 600 صفحة على أهمية تخفيف الاحتقان «السياسي» الذي أدى لرفع ضغط دم الشعب وأصاب البعض بـ «التبول اللاإرادي»، ولذلك عملت الحكومة جاهدة على تفعيل مهرجان يوم الصحة العالمي تحت شعار تحكم في ضغط الدم (أبريل/ نيسان 2013).

بسيوني رأى أن من الأسباب الجوهرية للانتقاص من حقوق المرأة البحرينية، هو غياب اهتمام السلطة بالصحة النسوية، ولذلك فقد نبه بسيوني الحكومة في تقريره إلى ضرورة الأخذ بتوصياته في ذلك الجانب (لا نعرف رقم التوصية) ولذلك عاجلت الحكومة وعالجت ذلك النقص الخطير في منظومتها السياسية وتنفيذاً لتوصيات بسيوني بإطلاق ندوة مكافحة سرطان الثدي (يوليو/ تموز 2013).

من الواضح أن تقرير تقصي الحقائق رأى أن فرص التعايش السياسي في البحرين بدأت «تضمحل»، ولذلك سارعت السلطة إلى تثقيف الشابات بأهمية «التعايش مع المرض» وأهمية الفحص المبكر، والوعي الشامل به.

تلمست لجنة تقصي الحقائق في تقريرها «تلوث البيئة السياسية» في البحرين، مع وجود احتقان شبابي، مع بعض التقرحات في ظل تقلص الطموحات، وجاء تقرير السلطة لتخطي هذه الملاحظة بمبادرة نوعية تضمنها تقريرها الصادر أمس من أنها عالجت هذا الموضوع الخطير من خلال «اليوم العالمي لمكافحة التدخين» (يونيو/ حزيران 2013) وبشعار «فكر، كل، وفر» والتي هدفت لتعزيز مشاركة الشباب في الحفاظ على البيئة وثرواتها، والتي بالتأكيد ستؤثر بعد سنوات طويلة جداً على مشاركة الشباب في البيئة السياسية وتعزيزها، ضمن فكرة «التدرج في الإصلاح» التي حملها وزير شئون حقوق الإنسان صلاح علي إلى كوريا الجنوبية حالياً لإقناعهم بها.

ونظراً لملاحظة البرفيسور بسيوني لكثرة تواجد الشباب في الشارع ليس لوجود بطالة أو غياب التوظيف أو حتى تمييز في من يتم توظيفهم بل لممارسة رياضة «حرق الإطارات» غير الآمنة والصحية، ولقتل الفراغ الممل، نظمت السلطة بطولة «الكارتينج» (ديسمبر/ كانون الأول 2012) في جو شبابي تنافسي والمهم فيه مليء بـ «المرح والحماس» لتعريف الشباب برياضة السيارات ضمن الإطار الصحي لإبعادهم عن الشوارع العامة حفاظاً على الأموال والأرواح ولمنع «حرق الإطارات».

ولأن السلطة «مرتبكة» قليلاً في ظل الضغط الشعبي والهجوم الدولي «المجحف» في حقها، ونظراً لتعجلها في إصدار التقرير فقط نسيت الحديث أيضاً عن مجسمات الجمال والإبل التي انتشرت في المجمعات التجارية لتعزيز الوحدة الوطنية تحت شعار «وحدة وحدة».