العدد 4102 - الجمعة 29 نوفمبر 2013م الموافق 25 محرم 1435هـ

الطاهر الطويل: الإعلام الجديد أوهى الممولين والأنظمة

يشير الكاتب المغربي الطاهر الطويل إلى أن الإعلام في اللحظة الراهنة تستقطبه مجموعة من العوامل المتشابكة التي تؤثر فيه وتكيّفه بحسب طبيعتها، إذ يظل «الإعلام» بين الحقيقة أو التمويه مرتهناً لسلطة الأنظمة أو سلطة الممولين، كما بدت تتناهبه مؤخراً وسائل الإعلام الجديدة، وتصوغه بحسب الطموحات والآمال الشعبية العامة.

وللنأي بالعمل الإعلامي عن هيمنة التبعية أو تزييف الوعي، راح الطاهر يؤكد أهمية الالتزام بأخلاق المهنة الإعلامية، والأخذ بمبادئ التعددية وحرية التعبير بما يوائم حقوق الإنسان.

جاء ذلك في محاضرة بعنوان: «الإعلام العربي بين شروط المهنية ومتطلبات التفاعل مع قضايا الأمة» بدعوة من مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث، ألقاها الكاتب والإعلامي المغربي الطاهر الطويل في بيت عبدالله الزايد لتراث البحرين الصحافي، مساء الإثنين (25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013) بحضور مجموعة من المثقفين والمهتمين ورواد المركز.

الإعلام بين الممولين والأنظمة

أكد الطاهر الطويل أن الإعلام يُنظَر إليه حاليّاً كمجال أنسبَ للاستثمار السياسيّ والأيديولوجيّ، وأن وسائل الإعلام غدتْ أدواتٍ مُفضَّلةً لدى مالكيها أو المتحكمين فيها للاستقطاب والتأثير على الرأي العام سلباً أو إيجاباً. وإذا كانت هذه الوسائل هدفها خدمة الخبر الصادق والحقيقي، فإنها صارت لدى الكثيرين وسيلة للتضليل والتمويه وإخفاء الحقائق؛ ولاسيما أن عاملين أساسيين يلعبان دوراً حاسماً في تكييف الخدمة الإعلامية بحسب التصورات والنيات القبلية، قاصداً بهما: التبعية لسلطة الحكومات والأنظمة، أو التبعية لسلطة المال، وتحديداً لمموّلي الوسيلة الإعلامية، أو التبعية لهما معاً.

منافسة الإعلام الجديد

ولاحظ المحاضر أنه بجانب مصطلحي الإعلام والصِّحافة، يُستعمل مصطلح أشمل هو الاتصال، الذي أضحى مفهوماً جديداً لحرية التعبير، مشيرا إلى أن تطوّر هذا المفهوم ارتبط بمجموعة من المتغيرات، من ضمنها بروزُ وسائل جديدةٍ للإعلام والاتصال، وتنامي الوعي بدور الإعلام بالنسبة إلى تطور المجتمع وضمانِ مناعته، وتدعيم النزوع نحو التعدد السياسي.

كما لاحظ أن وسائط الاتصال الحديثة الموجودة في الشبكة العنكبوتية (ولاسيما المنتديات الاجتماعية) أصبحت توفّر، بدرجات ما، هذه العلاقة التكافؤية والندّية بين المرسِل والمستقبِل، إذْ أخذا يتبادلان الأدوار، ولم يعد المتلقي مجرد مستهلك سلبي، بل يتفاعل مع المادة المنشورة في الشبكة.

أخلاقيات العمل الإعلامي

وبعدما أسهب الحديث عن وظائف الإعلام المتعددة تجاه المجتمع، انتقل إلى الشروط التي تضبط الممارسة المهنية الإعلامية في إطار أخلاقيات وقواعد السلوك المهني. مفرقاً بين الموضوعية التي تهدف إلى نقل الحقائق بدقة وأمانة، وبين الحياد الذي يعني عدمَ اتّخاذِ أي موقف حتى من الأمور القيمية أو الوطنية، وفي ذلك هروب من المسئولية الاجتماعية، وهذا الأمر يتعارض مع أول الأسس التي يقوم عليها الإعلام باعتباره مرآةً للمجتمع ومعبّراً ومدافعاً عن قضاياه.

ثم توقف الطاهر الطويل عند القواسم المشتركة بين مواثيق الإعلام العالمية، محدداً إياها بحرية الإعلام وربطها بالمسئولية، ونشدان الحقيقة، واحترام حياة وكرامة الكائن البشري، وإعلاء شأن التضامن بين البشر.

التبعية الإعلامية وتزييف الوعي

بعد ذلك، أورد الخلاصات التي خرج بها عدد من الخبراء العرب لواقع الإعلام العربي، مشيراً إلى أنه على رغم تشابه الأوضاع في الوطن العربي والروابط المشتركة ثقافيا، بما يسهم في انتعاش حقيقي لوسائل الإعلام، بالربط بين تلك العناصر والتعبير عنها، فإن ذلك يُوظَّف لغير صالح الأمة ومستقبلها، نتيجة أخطاء وسياسات كارثية ترتكب؛ بسبب القصور والجهل في ذهنيات بعض من يعنيهم الأمر في الوطن العربي، أو بسبب حالة التبعية في العديد من البرامج وخصوصاً السياسية والإخبارية، ما يسهم في تزييف الوعي لدى الرأي العام؛ وتشويه الصورة الذهنية، واعتماد الطابع الدعائي، بأنماط كتابة تميل إلى المبالغة والإثارة والمعالجة الجزئية والطابع السطحي للقضايا والأحداث.

الإعلام وتفعيل حقوق الإنسان

واستطرد قائلاً إن الأمة العربية تنشغل بالعديد من القضايا الأساسية التي ينبغي أن يلعب فيها الإعلام دور القائد لا المنقاد، المؤثر لا المتأثر، الفاعل لا المنفعل: وهي قضايا ترتبط بتطوير حقوق الإنسان في المنظومات القانونية الوطنية وفي الممارسة العملية، وبتعزيز قيم الديمقراطية، والمساهمة في التنمية، وحماية الهوية العربية ومجابهة الاختراق الثقافي.

إعلام الأحادية أم التعددية

وختم الطويل محاضرته بالتأكيد على أن الإعلام العربي مطالب بأن يعكس مبادئ التعددية الموجودة أو المطلوبة في المجتمع، لا أن يكون إعلاماً أُحاديّاً في خطابه ومضمونه ورؤيته للأمور، حتى يتمكن المواطن من حرية الاختيار والحكم.

وبين أن النظرة الأحادية للأمور منافيةٌ للديمقراطية ولحرية التعبير والفكر. فمن غير المستساغ مصادرةُ حقّ المواطن العربي في هذا البلد أو ذاك في نوعية الإعلام الذي يريد، ونوعية المضمون الذي يطالب به، ونوعية الرأي الذي ينبغي أن يكوّنه شخصياً، بذريعة إرادة الجمهور أو ادعاء رضاه.

العدد 4102 - الجمعة 29 نوفمبر 2013م الموافق 25 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً