ورد في الويكيبديا» تعريف الإسكان العشوائي على أنه «نمو مجتمعات وإنشاء مبانٍ ومناطق لا تتماشى مع النسيج العمراني للمجتمعات التي تنمو بداخلها أو حولها ومتعارضة مع الاتجاهات الطبيعية للنمو والامتداد وهي مخالفة للقوانين المنظمة للعمران». بمقابل ذلك ثمة عشوائيات من نمط آخر وهي مرتبطة أيضاً بالمباني لكن بالمباني المرخصة المشيدة ضمن الأصول والمواصفات الإنسانية والعمرانية المتعارف عليها وإن وردت حولها وحول تصميمها المعماري عدة وجهات نظر إن من حيث الجانب الجمالي أو البيئي أو الاقتصادي.
إنه ومن خلال متابعة متواضعة نلحظ أن نقطة كاللون وهي عنصر جمالي مهم للمعمار بالتحديد، كما للفنون الجميلة بكل تفرعاتها رسم... تصميم... خزف... أزياء إلخ والذي هو نقطة ارتكاز قولنا ازدياد وتيرة انتشارها بالضبط كانتشار النار في الهشيم.
طبعاً لا نستطيع التحكم في أذواق الناس ولا في رؤاهم أو وجهات نظرهم حول شكل مبانيهم ومنازلهم ولا في هيكلية تصميمها، ما يهمنا التطرق له هو اختيار لون صباغة المباني والمنازل الخارجية، هذه النقطة الحساسة والمهمة في الإخراج الجمالي والفني لها.
هل نتحدث عن هذا اللون الأخاذ؟
هل يأخذنا الحديث إليه باعتباره فرادة؟
يصعقني الفاقع من اللون كلما مررت بحي وبطرق عامة يغطي المباني والمنازل...
يواجهني سؤال... هكذا وببراءة المشاهد المثار بسبب تلك الألوان الغريبة إن لم نقل الشادة وهي تتوسط منطقتها باعتبارها الأجمل والأبرز، أو تطل على شوارع عامة فتخطف نظر المارة لفرط قباحتها ظناً من أصحابها أنها تمثل قمة اللياقة الجمالية.
ألهذا الحد يسحبنا الذوق؟ وما الأسباب وراء اختيار الفاقع والشاذ من الألوان؟
هل هي التربية وما يتلقاه المرء من فيض معلومات من الأسرة ومحيطه الاجتماعي؟
وهذه الأسرة وهذا المحيط الاجتماعي من أين استقى معارفه؟ وما مصدرها؟
وهل مناهجنا التعليمية تمتلك من القدرة والقوة والانفتاح بحيث تربي وتنمي قدرات أفرادها الفنية والجمالية وتعلمه أسس التحسس والتذوق والاطلاع على كل ما هو مفيد جمالياً مثلاً؟ وعلى كل الصعد... النفسية والاجتماعية والاقتصادية مثلاً في حال انتفاء السبب الأول سينتفي بشكل وآخر السبب الأول.
يبدو أنه ثمة سبب آخر يسهم في هذا الانتشار وهذا التمادي وهي الجهات المسئولة عن إعطاء تراخيص إجازات البناء ومتابعة ما إذا كانت تلك المباني قد خالفت قوانيها المعمول بها. وإن الأشخاص المنوط بهم متابعة مثل هذه التجاوزات - الملوثة جمالياً - منسحرين بمثل هكذا خيارات، ويعدوه خياراً ناجعاً، وبالتالي هم وبهكذا إعجاب يسهمون في نشر ثقافة عشوائية اللون وانتشارها، مادام لا توجد لدينا عشوائيات إسكانية. في هذا السياق يتوجب الإشارة إلى أن العديد من المدن العربية لا يسمح بطلاء المنازل والمباني بغير الألوان التي حددتها الجهات المعنية والتي لا تتعدى اللون أو اللونين، لونان هادئان ومتقاربان يتناسبان وبيئة تلك المدن. أما المدن الساحلية وألوان منازلها الصريحة فلذلك ظروفه وأسبابه.
يقول حسين المحروس: كنا في الطريق إلى محل الإطارات في المنامة نقطع المسافة بما فاتنا من أخبار كلّ واحد فينا عندما صعقنا لون بيت غير مدرج في الذاكرة! صحت: هذا لون؟ قال عباس: ما رأيك لو طرقنا الباب وأعطينا صاحبه مئة دينار ونطلب منه تغيير اللون فقط! ليس ذلك تدخلاً في أذواق الناس ولا في خصوصياتهم فخارج البيت للناس أكثر منه لصاحبه. وكل ما سيظهر منه يسهم في ولو قليلاً في حالات الشارع.
إقرأ أيضا لـ "عباس يوسف"العدد 4102 - الجمعة 29 نوفمبر 2013م الموافق 25 محرم 1435هـ