لفهم وتحليل الضغط الواقع على قطاع المياه في مملكة البحرين، استخدم دليل «الإدارة المتكاملة للموارد المائية ودور البرلمانيين في تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية في مملكة البحرين»، الإطار التحليلي المسمى بالـ DPSIR الذي صمم لفهم الضغوط الناجمة عن الأنشطة البشرية على الحالة المتغيرة للبيئة والتأثيرات الناتجة عن ذلك ومدى استجابة المجتمع لتحسين هذه الحالة والتخفيف من آثار الضغوط أو إصلاح الموارد الطبيعية (OECD, 1993). ويستخدم هذا الإطار بشكل واسع في الدراسات البيئية وتأثير الأنشطة البشرية على التنمية المستدامة من خلال ربط المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية بالبيئة.
ووفقاً لهذا الإطار وفي سلسلة متصلة، تمثل التغييرات الاجتماعية والاقتصادية (مثل النمو السكاني والسياسات الزراعية والطلب على الأغذية والتكنولوجيا الجديدة) القوى المحركة (D: Driving Forces) التي تسبب أنواعاً مختلفة من الضغوط (P: Pressures) على حالة البيئة (S: State)، وهذا بدوره يؤدي إلى تأثيرات (I: Impacts) صحية، بيئية، اقتصادية واجتماعية مختلفة. وأخيراً يتم النظر إلى مستوى الاستجابة (R: Response) والتدابير المختلفة (السياسات والتشريعات وغيرها من الأدوات الإدارية) التي يتم القيام بها للتعامل مع المشاكل وتحليل مدى فعاليتها وكفايتها.
وفعالية الاستجابات لحل مشكلة معينة تختلف بحسب تطبيقها على الأجزاء المختلفة من النظام، وبشكل عام كل ما كانت الاستجابة في اتجاه القوى الدافعة كلما كانت أكثر فعالية. فعلى سبيل المثال، عندما تكون الاستجابة موجهة نحو الجزء الخاص بالتأثيرات (مثل تنظيف البيئة البحرية بعد تلوثها بمياه الصرف الصحي غير المعالجة وتعويض الصيادين) سيكون أقل فعالية وأقل استدامة من الاستجابة الموجهة نحو الجزء الخاص بالضغوط (مثل تقليل معدلات استهلاك الفرد في القطاع البلدي ومن ثم تقليل تدفقات مياه الصرف الصحي الخام للمحطة)، وستكون في الحالة الأولى بمثابة حل لظواهر المشكلة بدلاً من حل جذورها.
وتعتبر أهم القوى الدافعة المؤثرة على قطاع المياه، النمو السكاني المتسارع ومحدودية الموارد المائية والمالية، في ظل نظام دعم عام غير موجه لاستخدامات وتعرفة لا تشجع على الاستهلاك الرشيد للمياه، ما يؤدي إلى ضغوط زيادات متسارعة في الطلب على المياه للقطاعات المختلفة، وانخفاض في كفاءة استخدامها وزيادة في إنتاج المخلفات. ويؤدي ذلك إلى تدهور كمية ونوعية المياه وزيادة التكاليف المستمرة في تزويد المياه ومعالجتها وارتفاع عبء القطاع على كاهل الموازنة العامة مع الوقت. وتؤدي هذه الحالة إلى العديد من التأثيرات الصحية والبيئية والمالية والاقتصادية والاجتماعية.
أما بالنسبة للاستجابة فإنها تنحصر بشكل رئيسي في زيادة إنتاج كمية المياه المطلوبة من قبل القطاعات المختلفة (التوسع في بناء محطات التحلية وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة وزيادة السحب من المياه الجوفية) ومن دون الالتفات إلى جانب إدارة الطلب والترشيد، وتقليل التكاليف (الخصخصة)، بالإضافة إلى حملات رفع الوعي لتقليل الطلب على المياه في القطاعين البلدي والزراعي. أي أن معظم إجراءات الاستجابة موجهة نحو تقليل التأثيرات وتحسين الحالة وبعض منها على الضغوط (حملات رفع الوعي).
علاوة على ذلك، فإن الحاجة إلى وضع سياسات متكاملة على المستوى الوطني أصبح أكثر أهمية، وخصوصاً أن العديد من القوى الدافعة (مثل النمو السكاني وسياسات الدعم) تقع خارج مجال سيطرة قطاع المياه. وينظر حالياً إلى قرار تفعيل مجلس الموارد المائية في العام 2009 على أنه موجه أساساً للتغلب على ضعف الترتيب المؤسسي العام لقطاع المياه وتعدد الجهات المسئولة فيه وضعف الكوادر المتخصصة في قطاع المياه، وكذلك للتغلب على ضعف التشريعات المائية في المملكة.
العدد 4101 - الخميس 28 نوفمبر 2013م الموافق 24 محرم 1435هـ