العدد 4100 - الأربعاء 27 نوفمبر 2013م الموافق 23 محرم 1435هـ

أنفلونزا الخنازير

إن العلاقة بين الإنسان والحيوان لهي علاقة قوية جداً منذ العصور القديمة؛ فهي ترسي أركانها علي الصداقة والمنفعة. وعلى رغم اعتماد كل طرف على الآخر إلا أن تلك العلاقة لا تخلو من المخاطر. فانتقال المرض من الحيوان إلى الإنسان وبالعكس أصبح واضحاً وجلياً.. فبعد أمراض البروسيلا والتوكسوبلازما والأيدز وأنفلونزا الطيور بدأت في الظهور أمراض جديدة وخطيرة كما هو الحال مع مرض أنفلونزا الخنازير.

فلقد أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريراً أبرز خطورة أنفلونزا الخنازير، موضحة أن هذا المرض الذي يصيب أساساً جهاز الإنسان التنفسي يعتبر من الأمراض التنفسية الخطيرة وسريعة العدوى. فعندما تتعرض الخنازير إلى الإصابة بفيروس الأنفلونزا (A H1N1) تهيئ نفسها لتكون وعاءً لاقتباس أنفلونزا الطيور وأنفلونزا الإنسان؛ فتتغير سلالة الفيروس إلى سلالات أشد فتكاً تؤدّي إلى الإصابة بأنفلونزا الخنازير. ومن بعد ذلك ينتشر الفيروس في فصل الخريف والشتاء بين الخنازير بواسطة انتقال رذاذ النفس الملوث من الحيوان المريض إلى آخر سليم.

وعندما ينتقل المرض من الحيوان المصاب إلى الإنسان، وخصوصاً إلى الأشخاص الذين يتعاملون مع الخنازير الحية مباشرة، فإن العدوى لا تقف عند هذا الحد فيكون الشخص المصاب هو كذلك مصدراً لانتشار المرض بين الناس.

يشار إلى أن العدوى لا تحدث بسبب أكل لحوم الخنازير؛ لأن ارتفاع درجة حرارة الطهي كفيلٌ بقتل الفيروس.

هذا ويشكو المصاب من عوارض داء الأنفلونزا، ولكن أكثرها حدة وأشدها هو ارتفاع درجة حرارة الجسم، كما يُصاب المريض بالسعال ورشح الأنف. وتتطور الحالة سريعاً فيصاب المريض بالالتهاب الرئوي، عندئذٍ تتفاقم الحالة سريعاً فينتشر الفيروس إلى معظم أنسجة الرئتين، ما يؤدي إلى ضيق التنفس واختلال الدورة الدموية منتهياً إلى الوفاة.

وقد بيّنت الإحصاءات أن نسبة الوفيات من داء أنفلونزا الخنازير قد يصل إلى 4 في المئة. ففي عامي 1918 و1919 انتشر الوباء وأصاب العديد من الناس في جميع أنحاء العالم، حيث إن عدد الوفيات الناجمة عنه كانت عالية جداً (تقريباً 50 مليوناً آنذاك). ولقد كان المرض وقتذاك مستوطناً في بعض الدول النامية وكذلك المتقدمة كالولايات المتحدة وبعض من دول أوروبا وكينيا والصين واليابان.

أما ما بين عامي 2007 و2009 فظهرت حالات منفردة من أنفلونزا الخنازير في العديد من الدول، ما أدى كذلك إلى وفاة العديد من الأشخاص المصابين به. وأصبح انتقال المرض من دولة إلى أخرى في العالم سريعاً. وتراوحت عدد الحالات المصابة بين مليونين و7 ملايين شخص في العالم، وأرقدت نحو 20 ألف شخص في المستشفى بسبب الداء.

وحيث إن للفيروس إمكانية كبيرة في التغيير من طبيعته ومن سلالته بدرجة سريعة جداً، فقد أثر ذلك على إمكانية إيجاد مصل موحّد مقاوم لهذا الفيروس بدرجة 100 في المئة، إلا أن العلماء مستمرون في البحث عن وسيلة مناسبة لإنتاج اللقاح الواقي من أنفلونزا الخنازير.

ومن أهم سبل الوقاية والحد من هذا الداء الخطير وانتشاره، اتباع وسائل النظافة الشخصية، وأخذ الاحتياطات الصحية التي تحدُّ من انتشار المرض من الحيوان إلى الإنسان، وكذلك من الشخص المريض أو الحامل للمرض إلى الإنسان السليم.

البروفيسور فيصل عبداللطيف الناصر

رئيس قسم طب الأسرة والمجتمع بجامعة الخليج العربي

العدد 4100 - الأربعاء 27 نوفمبر 2013م الموافق 23 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً