يُمثّل العاملون في المجال المكتبي (الموظفون الذين يعتمد عملهم على الجلوس في المكاتب أمام أجهزة الكمبيوتر طوال اليوم) الشريحة الأكبر في معظم المؤسسات الحكومية والخاصة. وقد يتصور البعض أن هذا النوع من العمل مريح ولا يسبب أي مخاطر صحية. لكن الدراسات في هذا الخصوص أثبتت غير ذلك.

فقد كشفت اختصاصية التغذية، علياء المؤيد، عن أن الجلوس لفترات طويلة في المكتب أمام جهاز الحاسوب من شأنه أن يصيب الموظف بتشنجات عضلية، خصوصاً في عضلات الكتف والرقبة، كما يؤدي إلى التهاب الأعصاب والأربطة والمفاصل. وبالنسبة إلى الذين يستخدمون فأرة الكمبيوتر لمدة 20 ساعة في الأسبوع، فإن خطر إصابتهم بآلام في الرسغ سيتضاعف.

كما أن هناك احتمالية تعرضهم للإصابة بآلام أسفل الظهر، إضافة إلى السمنة والسكري وضعف مناعة الجسم. كما أن العمل على الحاسوب يؤثر على البصر، وذلك يؤدي إلى الشعور بالصداع، وتشوّش النظر. ويعتقد الكثيرون أن سبب هذه الأعراض هي الحساسية ولكن ذلك يكون ناتجاً عن إجهاد العينين.

ويعاني 70 في المئة من موظفي المكاتب من أعراض متلازمة النظر إلى الكمبيوتر، وقد تزيد هذه الحالة من خطر الإصابة بأمراض الجلوكوما (المياه الزرقاء) في المستقبل.

والمشكلة الأساسية هي أن عيون مستخدمي الكمبيوتر تطرف بما يقل بنسبة 77 في المئة من القدر المطلوب. والحل في منتهى البساطة ويتلخص في منح العينين راحة كل 15 دقيقة بالطرف والنظر بعيداً عن الشاشة. وينبغي وضع الشاشة على بعد 20 إلى 26 بوصة من الوجه وتكبير حجم الخط لتسهيل قراءة النصوص. وذلك لأن الدراسات أثبتت أن النظر في الشاشة من مسافة قريبة جداً يجهد العينين؛ لأنه يقلّص عضلات العينين.

ولتجنب تلك الأمور تنصح المؤيد الموظفين العاملين في المكاتب بممارسة الرياضة يومياً؛ إما قبل الذهاب إلى العمل أو أثناء فترة الراحة في مكان العمل أو بعد العودة من العمل بمعدل لا يقل عن ثلاث مرات في الأسبوع الواحد.

و من أهم الرياضات المناسبة لموظفي المكاتب:

1- رياضة الكارديو، وهي الرياضات الشائعة كالمشي والجري والسباحة.

2- رياضة العضلات، ويمكن ممارستها عبر ممارسة رياضة اليوغا ورفع الأثقال.

هذا إضافة إلى تناول الطعام الصحي؛ إذ يجب على الموظف أن يكون لديه تخطيط يومي بالوجبات التي سوف يتناولها وأهمها وجبة الفطور، ولكن معظم الموظفين لا يعلمون ماذا سيأكلون خلال يوم العمل.

وتقول المؤيد إن من لا يأكل الفطور في المنزل ولا يحمل معه شيئاً إلى العمل، ويرى الذي من حوله يأكلون يشعر بالجوع أكثر، ما يجعله يأكل طعاماً غير مفيد، ولهذا تكون الأطعمة الجاهزة مغرية بشكل كبير كالحلويات والبطاطا والوجبات السريعة.

وتضيف أن من الأفضل للموظف تناول وجبات صحية صغيرة، متواصلة ومتكررة، حيث يفترض أن يكون الطعام متوازناً، بمعدل خمس وجبات في اليوم؛ ثلاث منها رئيسة واثنتان خفيفتان ما بين الوجبات الرئيسة، ويفضل تناول الزيتون؛ لأن له تأثيراً إيجابياً على القدرة الذهنية والتركيز.

كما تنصح المؤيد بأكل الخبز الأسمر وأعواد الخضراوات مثل الجزر والخيار المقطع ويفضل تناوله مع الحمّص والمتبل. وأنه من الأفضل تناول الأطعمة الطازجة، ولكن إذا كانت الأطعمة المعلّبة بديلاً عن الأطعمة الدهنية، فالمعلّبة أفضل شرط ألا تكون أطعمة حامضة؛ لأن الحوامض تتأثر بالمعدن وتسبب الأمراض.

وتوضح المؤيد أنه بالنسبة للسوائل يفضل شرب كميات كبيرة من المياه، وذلك بسبب العمل على الحاسوب وضغط العمل؛ لأنه يصبح لدى الموظف ما يسمى باحتقان المخ، ما يقلل نسبة تدفق الدم عبر الجسم. والماء هنا يقوم بإيقاف هذا الاحتقان ويحسن الدورة الدموية في الجسم.

وتشير إلى أنه من الجيد شرب السوائل العشبية كشراب النعناع وشراب الينسون وكذلك شراب الدارسين، لافتة إلى أن شرب كمية كبيرة من الشاي خلال فترة الدوام قد تضر بصحة الموظف؛ بسبب كمية الكافيين الموجودة فيه، وفسرت ذلك بأن الشاي يعطي طاقة صناعية لمدة عشر دقائق إلى 15 دقيقة فقط، وبعد ذلك يسبّب هبوطاَ سريعاَ للطاقة.

إذاً، العمل المكتبي يحوي بعض المخاطر الصحية الخفية، والتي إذا تم التعامل معها من البداية وبالشكل المناسب، فإنها تُجنّب الفرد كثيراً من الآلام المزمنة على المدى الطويل.