«...تقليدياً، في هذا اليوم تنطلق أنشطة تمتدّ على مدى 16 يوماً. فخلال الفترة الممتدة من 25 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 10 ديسمبر/ كانون الأول/ يوم حقوق الإنسان - نبذل جهداً خاصاً لتنظيم عملنا ومكافحتنا للعنف ضد المرأة، فهو عنف ينتهك حقوق الإنسان بشكل صارخ...»، هكذا تحدّث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بمناسبة اليوم الدوليّ للقضاء على العنف ضدّ المرأة، وهكذا، وبشكل انسيابيّ تداعت إلى خاطري صور التعذيب الممنهج ضدّ المرأة الفلسطينيّة تحت نير الاحتلال الصهيونيّ.
ولا أدري هل هو محض صدفة أن تتلاقى وتتزامن ثلاثة مواعيد أمميّة بشكل معبّر، فهذا اليوم الدولي للقضاء على العنف ضدّ المرأة تمتدّ أعماله وحملاته إلى يوم حقوق الإنسان 10 ديسمبر؛ ويتخلّله اليوم العالميّ للتضامن مع الشعب الفلسطيني وهو مناسبة تبنتها وتنظمها الأمم المتحدة، وتدور فعالياتها في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك، كما في مكاتبها في جنيف وفيينا وغيرها. وعادةً ما يتم الاحتفال به في 29 نوفمبر من كل عام، للتذكير بالقرار 181 الخاصّ بفلسطين.
إنّه ثالوث مترابط حقوق الإنسان الفلسطينيّ المهدورة والمنتهكة، وأعلى درجات الانتهاك تقع على المرأة الفلسطينيّة، في عالم مدعوّ، أكثر من أيّ وقت مضى، للتضامن مع هذا الشعب وهذه المرأة وهي تدافع جنباً إلى جنب مع الرجل الفلسطينيّ عن حقوقها، ولا يغيب عن البال مشهد تلك المرأة الفلسطينيّة الأبيّة وهي تحتضن شجرة الزيتون «عنوان الحياة والسلام»، وتتمسّك بها أمام جرافات العدوّ الغادرة.
نعم، صور العذاب والعنف ضدّ المرأة الفلسطينيّة لا تخطر على بال صناّع السينما في هوليوود كما وصفها أحد المعلقين، صور من العذاب تصلح لأن تكون روايات قد يخيّل للبعض أنّها روايات مبالغ فيها، لكنّ المراقبين والمتابعين يؤكدون أنها تحدث بالفعل، بل وتصلح أن تكون مواضيع لكتب ودراسات. فقد أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاباً يتناول معاناة المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال الصهيوني، ضمن سلسلة «أولست إنساناً» التي يسعى المركز من خلالها إلى تقديم صورة متكاملة عن المعاناة التي يتسبب بها الاحتلال الصهيونيّ للشعب الفلسطيني، بأسلوب يخاطب العقل والقلب، وفي إطارٍ علميٍّ ومنهجيٍّ موثّق.
ولئن كانت المشكلة في السابق عدم وجود أي إثبات سوى الروايات التي تقدّمها الضحايا الأسيرات الفلسطينيّات في سجون الاحتلال، فقد صارت اليوم، تتسرّب بعض مقاطع التعذيب والوحشيّة خلال المداهمات للبيوت الآمنة في فلسطين، وينقل لنا أحياناً ومباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ، ما يقع من عنف على المرأة والأطفال والشيوخ؛ ذلك أنّ بعض العائلات التي تتعرض دوريّاً لمثل هذا الخطر صارت تثبّت أجهزة كاميرا أو الهواتف الذكيّة لتوثّق الانتهاكات الصهيونية، فضلاً عن تبجّح بعض الجنود الصهاينة بأعمالهم اللاإنسانيّة من خلال قيامهم بتصوير لقطات من فنون الإيذاء وألوان التعذيب في نوعٍ من السادية السافرة.
وتتواصل معاناة المرأة الفلسطينية، في هذا اليوم الدولي المَهيب لمناهضة العنف ضد المرأة، من ذلك حرمان معظم الأسيرات الفلسطينيات من زيارة ذويهنّ بحجة المنع الأمني، فلا يُسمح لهن بمعانقة أطفالهن. ومن الكوابيس المسلطة على الأسيرة الفلسطينية السجينات الجنائيات الإسرائيليات اللواتي تعمد إدارات السجون إلى وضعهن في نفس أقسام الأسيرات الفلسطينيات مع أنه لا يوجد قانون يسمح بذلك، حيث يقمن بمضايقتهن بشكل مستمر وإزعاجهن أثناء أدائهن الصلاة، كما يقمن بالصراخ خصوصاً في غرف الأسيرات اللواتي لديهن أطفال في السجن.
إنّ المرأة الفلسطينيّة مستهدفة مباشرة بالقتل والأسر والتعذيب، وهدم المنازل وتجريف الأراضي والمزروعات، أو ممّا يحرمها من حقوقها الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية والحياة الآمنة والبيئة السليمة؛ هذا فضلاً عن استخدامها في كثير من الأحيان كورقة ضغط على زوجها أو ابنها أو أخيها، سواء أكان مقاوماً أم أسيراً أم مطارداً. ورغم ذلك، تتحمّل المرأة الفلسطينية، منذ تاريخ «النكبة»، الدور الأكبر للمحافظة على تماسك الأسرة الفلسطينية في الداخل كما في الشتات، فهي الأمّ والمناضلة والرافعة لمعنويات شعبها، وهي المقاتلة في صفوف المقاومة، إذْ هناك من الأسماء ما يخلق ذكرها الرعب في صفوف العدو كالمناضلة ليلى خالد وهناء الشلبي والشهيدة شادية أبو غزالة وغيرهن أكثر من الحصر.
إنّ هؤلاء النساء أدعى بالتحيّة والإكبار في هذه المناسبات المتزامنة؛ فقد أبرزن الوجه المشرّف للمرأة الفلسطينيّة، ومنحنها صورةً امتزج فيها سعيهن للقيام بأدوارهن المختلفة في الأسرة والمجتمع، إلى جانب حرصهن على استعادتهن للحرية وتحرير أرضهنّ من المحتل الغاصب.
لكن هل يتمّ التفكير وبشكل عمليّ من قبل المنظمة الأمميّة وغيرها من المنظمات في رعاية المرأة الفلسطينية بعد خروجها من سجون الاحتلال أو ليس من حقوقها، كإنسان، الرعاية الصحية وخصوصاً الصحة النفسية وإعادة التأهيل للاندماج في الحياة الاجتماعية بعد ما تعرّضن إليه من تعذيب وإيذاء وانتهاكات في سجون الاحتلال؟
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 4098 - الإثنين 25 نوفمبر 2013م الموافق 21 محرم 1435هـ
حسنا فعلت لمّا ذكرت بمعاناتهن
وتتواصل معاناة المرأة الفلسطينية، في هذا اليوم الدولي المَهيب لمناهضة العنف ضد المرأة، من ذلك حرمان معظم الأسيرات الفلسطينيات من زيارة ذويهنّ بحجة المنع الأمني، فلا يُسمح لهن بمعانقة أطفالهن. ومن الكوابيس المسلطة على الأسيرة الفلسطينية السجينات الجنائيات الإسرائيليات اللواتي تعمد إدارات السجون إلى وضعهن في نفس أقسام الأسيرات الفلسطينيات .
موضوع قيّم
في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضدّ المرأة: معاناة الفلسطينيّة... إلى أين؟
ضروريّ وعاجل
يتمّ التفكير وبشكل عمليّ من قبل المنظمة الأمميّة وغيرها من المنظمات في رعاية المرأة الفلسطينية بعد خروجها من سجون الاحتلال أو ليس من حقوقها، كإنسان، الرعاية الصحية وخصوصاً الصحة النفسية وإعادة التأهيل للاندماج في الحياة الاجتماعية بعد ما تعرّضن إليه من تعذيب وإيذاء وانتهاكات في سجون الاحتلال؟
...
يقال من القوانين قانون الثبات ومن القوانين قانون التأرجه وقانون التذبتب. ففي التأرجح ترجيح بينما في التذبذب تردد بنما ما ثبت علميا أن أعلى قيمة في الوجود للإنسان كرامته وعزته بنفيه. اليوم يقال أن من المستوطنات المستوطنه في العالم الجديد يعني أمريكا كما من المستوطنات في فلسطين ..................
نفس الحكاية
قرات مقالك أستاذ مصطفى فكأنه يحكي عن نسائنا. الله يحفظ نساء العرب والمسلمين جميعاً من هذه الانتهاكات.
شكرا أستاذ وتحية لكل امراة
لا زالت المرأة العربية تعاني وتعاني وتعاني وما زالت الحلول بعيدة عن مستوى المامول
تحية للمرأة الفلسطينيّة
إنّ هؤلاء النساء أدعى بالتحيّة والإكبار في هذه المناسبات المتزامنة؛ فقد أبرزن الوجه المشرّف للمرأة الفلسطينيّة، ومنحنها صورةً امتزج فيها سعيهن للقيام بأدوارهن المختلفة في الأسرة والمجتمع، إلى جانب حرصهن على استعادتهن للحرية وتحرير أرضهنّ من المحتل الغاصب.