استلهمت المنامة عاصمة السّياحة العربيّة 2013م هذا النّهار أحلام قارّة تامّة، واختبرت لمرّة أخرى كيف تكبر، وذلك في انعقاد الاجتماع الوزاريّ الثّاني عشر لمنتدى حوار التّعاون الآسيويّ (ACD) الذي انطلقت أعماله صباح اليوم الاثنين (25 نوفمبر / تشرين الثاني 2013) بمشاركة وزراء خارجيّة الدّول الأعضاء في هذا التّكتّل الإقليميّ والعديد من الشّخصيّات الدّبلوماسيّة وصُنّاع القرار من مختلف دول آسيا.
وشاركت في افتتاحيّة هذا الاجتماع وزيرة الثّقافة الشّيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة، إذ يبحث الاجتماع في دورته الحاليّة شؤون التّعاون والتّنسيق بين الدّول الأعضاء للحوار في مختلف مجالات التّقارب، والتي من أبرزها: الطّاقة، التّجارة الإلكترونيّة، السّياحة، الثّقافة البيئيّة والثّقافة والتّراث، في تركيز على محاور تختصّ بتشجيع السّياحة في قارّة آسيا واختيار عاصمة للسّياحة الآسيويّة إثر طرح هذه الفكرة ومناقشتها سابقًا خلال اجتماع العمل السّنويّ لوزراء خارجيّة الدّول الأعضاء في حوار التّعاون الآسيويّ الذي عُقِدَ في نيويورك خلال اجتماعات أعمال الدّورة 68 للجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة، والذي ترأّست أعماله مملكة البحرين.
وأعربت وزيرة الثّقافة في انطلاقة الاجتماع عن حلم المنامة ومشروعها لصياغة مدينة للسّياحة الآسيويّة باعتبار هذا التّكوين قادرٌ على تعميق التّعاون وتشكيل خطابات إنسانيّة تربط أوطان القارّة الآسيويّة، مشيرةً إلى تجربة المنامة الماضية التي جعلت بالإمكان ترسيخ مثل هذه الرّؤية، قائلةً: (بعد أن عاشت المنامة حكايتها الثّقافيّة في العام 2012م كعاصمة عربيّة للثّقافة، وصار لها نصفُ حكايةٍ ثانية مضيئة نعيش آخر فصولها كعاصمة للسّياحة العربيّة، تودّ لمرّة أخرى أن تكبر بوطنها، بأسطورتها، بفرحها، وتفصح عن مشروعها وحلمها لصياغة مدينة للسّياحة الآسيويّة، كي يكون لهذه القارّة الأمّ جسورًا)، مقترحةً أن تنطلق هذه المدينة من المنامة، إذ أردفت: (أرى أن نبدأ في مدينة السّياحة الآسيويّة من المنامة مرفأ الكون الذي نلتقي فيه اليوم في حوار التّعاون الآسيويّ، ونعبره تباعًا في السّنوات اللّاحقة إلى مدننا البعيدة وأوطاننا الأخرى).
وأوضحت في حديثها أنّها المرّة الأولى منذ بداية حوار التّعاون في العام 2002م التي ينعقد فيها اجتماعٌ وزاريٌّ لحوار التّعاون الآسيويّ في دولة عربيّة من بين الدّول السّت العربيّة الأعضاء، مبيّنةً أنّ مملكة البحرين التي هي إحدى الدّول المؤسّسة لهذا الحوار والرّئيس الحاليّ له تفخر بتقديم مدينة تُقاس أحلامها ومشاريعها بحجم القارّة، وأشارت إلى المنامة باعتبارها (مدينة حصدت الاعتراف العالميّ بمنجزاتها خلال السّنتين المنصرمتين، إذ اختيرت في العديد من المحافل الدّوليّة نموذجًا عربيًّا فريدًا باعتبارها مصدرًا للحراك الثّقافيّ والفكريّ في المنطقة، كما حصدت، بفضل المركز الإقليميّ العربيّ للتّراث العالميّ الذي تحتضنه، ملتقى عربيًّا ونقطة تلاقٍ لكافّة الأقطار العربيّة). ومن خلال هذه المنجزات، أكّدت معالي وزيرة الثّقافة الشّيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة أنّ (المنامة استطاعت أن تخلقَ حراكًا ثقافيًّا سياحيًّا مستدامًا، وذلك من خلال استراتيجيّة أسّست لفعاليّات ثقافيّة وسياحيّة ترويجيّة مستمرّة طوال السّنة، بإنشائها بنية تحتيّة تعمل على جذب السّائح عبر إحياء احتفالات مختلفة ترتبط بأماكن ومناسبات، بالإضافة للتّطوير الفعليّ للسّياحة عبر أسس علميّة). كما استحضرت الوزيرة كلّاً من المتاحف باعتبارها دليلاً تاريخيًّا ومسرح البحرين الوطنيّ الذي أنشئ في العام الماضي كنماذج لمشاريع تحتفظ بالإرث الإنسانيّ وتؤسّس لقاعدة ثقافيّة حداثيّة في تحقيقٍ لموازنةٍ ثقافيّة وسياحيّة، قائلةً: (المتاحف التي تحمل عبق التّاريخ من حضارات دلمون وتايلوس التي تعود إلى الألفيّة الثّالثة قبل الميلاد، والمسرح الوطنيّ الذي رغم فتوّته دلّ عبر إنشائه على اعتراف القيادة بأهميّة الفنّ والثّقافة والسّياحة وعبر ما قدمّه خلال سنته الأولى بإمكانيّة جذب أهم الأسماء في المجال الفنّيّ، مثلان ضمن أمثلة كثيرة تجسّد ما يمكن للوطن الصّغير أن يحقّق).
ودعت الحضور إلى الموافقة على إطلاق لقب مدينة السّياحة الآسيويّة على عاصمة البحرين المنامة للعام 2014م، مؤكّدةً أنّ هذه المسؤوليّة ستلتزم بها المنامة حال الموافقة من خلال إستراتيجية خاصّة وخطّة شاملة، وأضافت: (في حال موافقتكم الكريمة، نعدكم بتقديم برنامج شامل خلال شهر ديسمبر لسنةٍ تعكس مدى التزامنا وقناعاتنا بأهميّة السّياحة)، وأوضحت في ختام حديثها إلى أنّ تبنّي مملكة البحرين لفكرة إطلاق لقب "مدينة السّياحة الآسيويّة" للتّداول فيما بين الدّول الأعضاء بحوار التّعاون الآسيويّ جاءت إيمانًا منها بأهميّة تفعيل قطاع السّياحة كرافدٍ مهمٍّ لاقتصادات دولنا ولتعزيز التّبادل الثّقافيّ فيما بينها.
يذكر أنّ منتدى حوار التّعاون الآسيويّ يُعدّ من أكبر المنتديات لتبادل الآراء والأفكار والاقتراحات حول مختلف الموضوعات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والعلميّة والإعلاميّة، وهو يهدف إلى ترويج التّفاعل المشترك بين دول آسيا على كافّة الأصعدة، في سعيٍ إلى خلق مجتمع آسيويّ قادر على التّفاعل مع العالم كشريكٍ حيويّ.