العدد 4095 - الجمعة 22 نوفمبر 2013م الموافق 18 محرم 1435هـ

كمال الصوص يوثق تجربة مرضه

بداية أحس بضعف نظره، ثم اهتزاز في الصور، فلبس النظارات، ولم يكن يدري أن وراء هذا الضعف والاهتزاز ثمة ما يضغط على أعصاب العين فيجعلها متشوشة والصورة غير واضحة، حتى أخبره أحد الأطباء أن جسماً غريباً آخذ في النمو هو الذي صنع كل ذلك، وأنه لابد من توقفه قبل أن ينال منك. هكذا أخبروه أن أيامه معدودة وأن حياته أصبحت محدودة. هذا ما أخذ الكاتب والفنان اللبناني كمال الصوص يسرده في كتابه «تأملت، فتعلمت، فحمدت».

صدر حديثا للصوص كتابان عن دار ضفاف ببيروت في السرد والشعر، ضمنها خلاصة تجربته في الحياة واللذين جاءا نتيجة وقفات تأمل، وأمل في الحياة بعد رحلة علاج وتجاوز لصدمة المرض، أولهما «تعلمت فتأملت فحمدت: الإيمان خير علاج» وثانيهما «تأملات شعرية وفنية». الأول يسرد فيه الصوص تجربته الحياتية وخبرته في تجاوز مرحلة الخطر جرّاء مرض عضال ألمّ به في رأسه، إذ أخبره الأطباء حينها أنه لن يعيش طويلاً، ما شكّل له صدمة ولحظة فاصلة أثرت على تغيّر أسلوب حياته، فواجه كل ذلك بصبر وإيمان، وببرنامج حياة دقيق، مستفيدا من التأمل، والعودة للطبيعة الأم، وللحياة البسيطة والغذاء الصحي، ما ساهم في توقّف تفاقم المرض، بعد أن اكتشف الصوص أسلوب حياة مختلفة هي أكثر صحة وأكثر سهولة بل وأقل كلفة، جعلته أكثر قربا من ذاته حيث كانت تلك الصدمة تجربة حياتية عبرها بصبر، فجعلته يتأمل، فيتعلم، فيحمد.

تأملات شعرية وفنية

الكتاب الثاني «تأملات شعرية وفنية»، احتوى على 27 نصاً، مع مجموعة من الأشكال الفنية تلونت بالأبيض والأسود أنجزتها ريشة المؤلف نفسه. توزعت الرسوم والنصوص في 100 صفحة من الحجم المتوسط، منها «أنتِ، الخلق الموعود، الحب، إليك، أمي، الليل والنهار، شقاء الإنسان، لبنان، بسمتك، الأمهات الثماني، يا رب، قبلتك، يا والدي، حواء». ورغم تلبّس النصوص في صفها وتنظيمها في الكتاب بالشكل الشعري، إلا أنها جاءت أقرب لتداعي الخواطر العابرة المفتوحة على الحياة منها للشعر بمفهوم الوزن والقافية، ففي الوقت الذي تم إهمال الوزن في النصوص نراها قد ألزمت نفسها بالقافية بشكل مرهق أحياناً، وهو ما كان بالإمكان تجاوزه مادامت النصوص تجاوزت مستلزمات الشعرية القديمة.

الاستشفاء بالإنجاز

يبدو أن تجربة التأمل والعودة للذات بعد تجاوز صدمة المرض، والإحساس بتلاشي الزمن، أخذت المهندس، والفنان، والكاتب كمال الصوص لأن ينطلق هاربا من المرض وكأنه يطلب الاستشفاء بالإنجاز، معبراً عن ذاته بأكثر من أسلوب، عابراً من الهندسة إلى الرسم وإلى الكتابة مؤخراً. إنها لحظات المكاشفة التي تجعل الإنسان يسابق الزمن ويتحدى الوقت والأيام المعدودة له، وينجز كل ما كان يحلم به، ويستحث الخطى، ويضع مشاريعه على خط السير، وموضع التنفيذ، وكل ذلك بعد رحلة مرض جعلته يستحضر كل ذكرياته، ويعيد النظر في شريط حياته، ليكتشف ذاته وكل ما كان مخبوءا فيها فينجز كل ما كان يرجئه.

وبعد أن عاد لمجموعة الرسومات التي أنجزها في نهاية الستينات وبداية السبعينات أخذ يجمعها ويعيد تشكيلها، فعمل منها معرضاً فنياً افتتحه بجمعية البحرين للفنون التشكيلية قبل أشهر فقط، وها هو يقوم مؤخرا بإصدار هذين الكتابين وهما ثمرة تأمله بعد أن أيقظته صدمة المرض فتمكن من تجاوز لحظات اليأس والألم وعبر متعجلا ما أمكنه إلى لحظات الإنجاز.

العدد 4095 - الجمعة 22 نوفمبر 2013م الموافق 18 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً