العدد 4095 - الجمعة 22 نوفمبر 2013م الموافق 18 محرم 1435هـ

الاهتمام بالأطفال واجب لا تفضُّل

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

التعليقات التي وردتني قبل يومين عن طريق الهاتف و «الانستغرام» وأسفل المقال في موقع الصحيفة الإلكتروني على مقالي السابق بشأن اهمال بعض الآباء لبيوتهم وأطفالهم، جعلتني أدرك مدى انتشار هذه الظاهرة، وكم يعاني عددٌ كثير من الزوجات والأطفال من هذا الوضع، وما آلمني أكثر هو اتصال بعض الصديقات والقريبات ليتأكدن أن الطفل الذي باح لولدي عن ألمه من ابتعاد أبيه ليس أحد أولادهن، وعلّلن اتصالاتهن بأن أطفالهن دائما ما يقلن لهن هذا الكلام أو يقولونه لاخوتهم!

أي جرائم نرتكبها في حقوق أبنائنا بقصد أو بغير قصد؟

وكيف تُراه سيكون هذا الجيل القادم الذي سيأتي منزوع الحنان، كما كتب أحدهم معلقاً؟

ولم لا نعاهد أنفسنا على أن نتحمل مسئولية فلذات أكبادنا قبل أن ننجبهم فلا نتعامل معهم على أنهم كماليات أو نتاج طبيعي للزواج؟

إحدى الرسائل جعلتني أتوقف أمامها كثيراً وهي التي كانت سبباً وراء كتابة هذا المقال، استأذنت مرسلتها في نقلها، لكنني لن أنقلها حرفياً لأنها كانت مليئة بالأخطاء ولأن بها ما يستدعي عدم نقله، لكن محتوى الرسالة كان يتحدث عن طفلة ذهبت لوالدتها تطلب منها الزواج من رجل جديد كما فعلت والدة صديقتها عندما توفي أبوها، «لأن زوج أمها الحالي لطيف جداً ويحبها كثيراً ويوصلها إلى المدرسة كل يوم». إلى هنا تبدو الرسالة عادية، لكن الصدمة في أن الأم سجّلت الطفلة وهي تعيد الطلب وأرسلت التسجيل بالصورة لوالدها لأنه كان على قيد الحياة ولم يكن ميتاً!

ما جعل الطفلة تطلب من والدتها أن تفعل ذلك هو عدم شعورها بحياة أبيها كما نقلت الأم؛ لأنه منشغلٌ عن بيته بأصدقائه وعلاقاته العاطفية المتجددة وعمله، ولا يتذكر بيته إلا عند النوم وعندما يحتاج للوجبات ولا يكون بمقدوره دفع قيمتها لمطعم، وعندما سمع الرجل كلام ابنته صُدم في البداية لكنه مازال غائباً عن أهله وبيته ومازال مهملًا لم يتغير فيه شيء.

مثل هذه القصص تذيب القلب ألماً، وتوجع الروح؛ فهؤلاء الأطفال بحاجة لمن يوجههم ويأخذ بأيديهم نحو الضفة الآمنة في الحياة. هم بحاجة للحب والحنان والاهتمام، وبحاجة لأن يعيشوا في بيئة أسرية مثالية لتكون لهم قدوة في مستقبلهم الاجتماعي، وليكونوا هم أنفسهم قدوة لأبنائهم مستقبلاً. وليس بإمكان الأم أبداً أن تقوم بكل هذه الأدوار وحيدة؛ إذ لديها ما لديها من واجبات أخرى عليها الالتفات لها إضافة إلى استحالة قيام أحد بدور أحد آخر مهما كان استثنائياً.

البيوت المتصدعة وتلك التي تعاني تفككاً أسرياً كثيرة في مجتمعنا، وحالات الانفصال المعنوي بين الزوجين كثيرة أيضاً، لكن الوقت دائما لم يفت مادمنا أحياء، ومادمنا نمتلك عقولاً وقلوباً وضمائر فتصحيح الأخطاء دائماً أمر وارد ومحبب، ولاسيما مع وجود من يحاول تنبيهنا دائما إليها بطريقة عفوية أو مقصودة، ومع وجود حالات الانفصال الحقيقية وحالات الطلاق وحالات الترمل واليتم، ومع تلمسنا لما تعانيه هذه الأسر التي فقدت بالفعل أحد أركانها من خلال ما ينقل في وسائل الإعلام الحديث والتقليدي أو ما نعيشه من حولنا في واقعنا. فلماذا لا نحاول منذ الآن ونحن نسمع بكل هذه المشكلات ونراها أن نتجاوزها عن طريق حلها ونبدأ حياة جديدة لا يكون للإهمال فيها مكان، وخصوصاً حين يتعلق الأمر بالأسرة وبالأطفال تحديداً؛ فهم مستقبلنا ومستقبل أوطاننا؟

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4095 - الجمعة 22 نوفمبر 2013م الموافق 18 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 8:06 ص

      اما طفلتي فكان طلبها كما يلي

      على الرغم من سنوات عمرها المعدودة الا انها فاجأتني بكلامها:ماما لماذا اخترت هذا الاب لي؟ لم لم تختاري فلان)احد الاقارب يحب الاطفال كثيرا و يلعب معهم)

    • زائر 10 | 8:01 ص

      ياليت

      يا ليتني استطيع ان ارسل هذا المقال لزوجي فلربما اثرت فيه كلماته لكن معرفتي به جيدا تمنعني من ذلك اذ انه سيثور كبركان ثائر يدمر الارض و من عليها. فلندع البركان كما هو و لنبتعد عنه لئلا نحترق

    • زائر 9 | 5:14 ص

      احدهم يا سيدتي

      كان دائما مشغول بتجارته وعمله لقاءات ومواعيد هذا لقائه فيه ربح 100د وذاك 50د واخر 1000د والابناء لا يرونه الا عند نومهم فجمع احد اولاده المصروف اليومي فبلغ 100دينار واراد الأب الخروج للقاء تجاري مربح فقال الابن هذه 100د واجلس معنا فند اشد الندم على فعله وعاد لاسرته يجالسهم

    • زائر 8 | 5:03 ص

      اهتمام ورعاية

      بالنسبة لي الاهتمام والرعاية افضل بكثير من جمع الاموال والعمل .. تكون حياة الاسرة بسيطة والابوين مهتمين باولادهم .. افضل من الحياة المترفة والابتعاد جعن الاطفال ..

    • زائر 6 | 1:50 ص

      التربيه لا تعني الام فقط

      هناك اباء يظنون انهم فقط اباء لانهم يعملون وحتى الابناء لا تربطهم بالاب اي صله الا انه ملبي الحاجات الماديه فلا يشارك الام في اي شي الا الاعتراض على ما لا بعنيه او مناقشه الام في اشياء خارج نطاق الاهتمام بالابناء

    • زائر 3 | 11:25 م

      أهم

      الموضوع مهم جدا و لا يمكن تخليصه فى مقال.

    • زائر 2 | 10:55 م

      عشنا و شفنا

      للأسف هذه الظاهرة باتت طاغية على المجتمع، و لا ندري ما مستقبل هذه الأجيال

    • زائر 1 | 10:43 م

      غيض من فيض

      هنالك قصص يا استاذ سوسن يندى لها الجبين وتخر لهولها أفئدة الخلق ولكن الستر واجب

اقرأ ايضاً