تحت عنوان «كراهية الآخر» تناول رئيس التحرير موضوع الحقد والكراهية تجاه الآخرين وعزا سببها إلى «خوف غير عقلاني ينظر للآخر، وكأنه خطر على هويته» وهو مصداق لقول علي (ع) «الناس أعداء ما جهلوا».
لابد أن ذاك أحد أهم أسباب كراهية الآخر، غير أن هناك أسباباً للحقد والبغضاء لا تقل شيوعاً وأهمية، منها كما يُذكر «الغيبة والظلم والخيانة وعدة أسباب أخرى» بيد أن من الدوافع المهمة للكراهية هي (الغيرة والحسد)، فالمعروف أن الحسود يظل «يأكل في نفسه» تحرُّقاً وبغضاً إلى أن تصيب المحسود حادثة أو نازلة تذهب بنعمة لديه أو صحة أو ولد، فيرتاح الحسود ويهدأ لمدة، وإلا قام هو بنفسه بإحداث الضرر بالمحسود - إذا تسنّى له ذلك - لتسرّ نفسه ويرتاح قلبه.
وقد قال الشاعر قديماً:
كلّ العداوةِ قد ترجى إماتـتها
إلا عداوة من عاداك من حَسَدِ!
وإذ إننا في أيام المحرّم، فلابد أن نشير إلى بعض الأسباب التي دعت عشرات الآلاف من الأمويين وأتباعهم للزحف على ذرية الرسول (ص) لقتالهم، فقد وقف الحسين (ع) أمام الجيش يسألهم ما الذي دفعهم إلى الإقدام على سفك دمه فخاطبهم بقوله «أتطالبوني بقتيلٍ منكم قتلته أو مالٍ استملكته، أو بقصاص من جراح»، فسكتَ البعض وردّ آخرون بقولهم «نقاتلك بغضاً لكَ ولأبيك»! كما كان بعضهم يردّد بعد انتهاء المعركة قائلاً... «لا تبقوا لأهل هذا البيت باقية» وهو ما ينمّ عن الحسد الدفين في النفوس.
وكما قلنا فإن الحسود عندما يجد الفرصة سانحة لإحداث الضرر بالمحسود فإنه ينتهزها ولا يتورّع عن عمل أي عمل خسيس بحيث لا يرفّ له جفن ولا يتحرك له ضمير، وعلى هذا فإنه يكون في غاية القسوة والشراسة وكأنما انتزعت الرحمة من قلبه، وهذا ما كان، فما إن هوى الإمام الحسين (ع) على التراب صريعاً، حتى سارع الجند الأموي بإحراق الخيام على النساء والأطفال وسلبهم وضربهم لمزيد من الإذلال والثأر دونما أدنى شعور بحرمة آل هذا البيت أو بالعطف على الصغار أو احترام النسوة، كما إنهم لم يكتفوا بقتل الحسين (ع) وحزّ رأسه الشريف، بل عمدوا إلى رضّ جسمه الطاهر بحوافرالخيل كنوع من الإمعان في الانتقام والتشفي وهو نتاج الحسد وما يشحن به النفس من غلظة وقسوة وشراسة.
إن الكراهية (على أنواعها!) قد تكون محبوسة في صدور البعض فإمّا أن يكتمها ويتعايش معها كالداء الذي لا شفاءَ له! وإما أن يفصح عنها ويبوح بها فيترجمها ويجسدها أقوالاً وأفعالاً، وعندئذٍ لا يمكن توقع قساوة أقواله ولا ضراوة أفعاله.
جابر علي
جريمة الحريق العمد تعد من الجرائم الخطيرة في حد ذاتها، فضلاً عن أنها تنبئ عن خطورة فاعلها، الذي يلجأ إلى مباغتة المجني عليه باستخدام المواد الحارقة أو القابلة للاشتعال لإلحاق الضرر الجسيم بحياة الأشخاص وأموالهم، وقد يلجأ بعض الخارجين على القانون إلى إشعال النار في الممتلكات العامة أو الخاصة بهدف ترويع الآمنين أو بزعم التعبير عن الرأي.
ويتعرض كل من يرتكب هذه الأفعال أو يشارك فيها بأية صورة سواء بالاتفاق أو التحريض أو المساعدة للعقوبات المقررة ولا يعفيهم من ذلك أنهم ليسوا الفاعلين الأصليين، فقد نص قانون العقوبات البحريني بالمادة (277) منه على تجريم إشعال الحريق عمداً، وحدد عقاباً على ذلك بحسب الفعل الذي يتم به إشعال الحريق والضرر الناشئ عنه، حيث قررت الفقرة الأولى من هذه المادة عقوبة السجن مدة لا تزيد على 10 سنوات على كل من أشعل حريقاً من شأنه تعريض حياة الناس أو أموالهم للخطر سواء كان ذلك المال ثابتاً أو منقولاً، وكذلك لو كان هذا المال مملوكاً للفاعل أو غير مملوك له.
كما نصت الفقرة الثانية من هذه المادة على تقرير ظرف مشدد على هذا الفعل إذا تم إشعال الحريق في مبنى عام أو مخصص للمنفعة العامة، أو في محل مسكون أو معد للسكن، وكذلك إذا تم في إحدى وسائل النقل العامة أو في ذخائر أو أسلحة أو مفرقعات أو وقود أو أنابيب وآبار البترول.
ومفاد هذه الفقرة أن المشرع البحريني شدد العقوبة مراعاة لمحل الجريمة إذا كان من الأموال العامة أو إذا كان مبنى مسكوناً نظراً لخطورة إشعال الحريق في هذه الأماكن لما ينجم عنه من أضرار وخسائر كبيرة بتلك الأموال والأنفس والأشخاص، وتقوم هذه الخطورة أيضاً إذا ما تم إشعال الحريق في الذخائر أو الوقود أو المتفجرات أو البترول.
وقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة المشار إليها على عقوبة السجن إذا أفضى الحريق إلى عاهة مستديمة، وهذا يعني أن العقوبة قد تصل إلى 15 سنة، وهي مسألة تقديرية للقاضي بحسب تقدير هذه العاهة ونسبتها وظروف الواقعة، كما حدد المشرع عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة إذا أفضى الحريق إلى وفاة شخص.
ومن ذلك يتضح أن المشرع تدرج بالعقوبة من السجن إلى الإعدام بحسب النتيجة المترتبة على إشعال الحريق وفقاً لما سلف بيانه، وأن هذه الجريمة تفترض توافر القصد الجنائي، الذي يقوم على العلم والإرادة ويتحقق بمجرد وضع الجاني النار عمداً في الأماكن المشار إليها في هذه المادة.
ويتم استخلاص القصد الجنائي من ظروف الواقعة وملابساتها، وأن العمد في هذه الجريمة هو توجه إرادة الفاعل اختياراً إلى وضع النار، أياً كان الباعث عليه، سواء كان الغرض إحراق المكان ذاته أو وسيلة لتحقيق غرض آخر.
ولا يمنع من تطبيق العقوبة المقررة أن يكون الجاني قد تحقق من خلو المكان من ساكنيه أو أن النار لم تشتعل أو لم يكن من شأنها تعريض حياة الناس للخطر، بل تطبق عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة، إذا ما أدى إشعال الحريق إلى وفاة المجني عليه أو إصابته بعاهة مستديمة حتى لو لم يقصد الجاني إحداث العاهة أو الوفاة طالما أن إشعال الحريق تم عمداً.
أما إذا أسفر البحث والتحري عن أن الجريمة قد ارتكبت بغرض إرهابي، وأخذت سلطة الادعاء في تحقيقاتها بالاتجاه الإرهابي لجريمة الحرق فإن قانون الإرهاب يشير إلى أن الجناة قد تصدر عليهم أحكام تصل إلى عشر سنوات سجن في حالة عدم وجود إصابات أو وفيات، أما في حالة حدوث عاهة مستديمة فإن العقوبة هي السجن المؤبد، ولا شك أن عقوبة الإعدام هي العقوبة المناسبة التي أقرها المشرع في قانون الإرهاب حينما تكون نتيجة الجريمة الوفاة.
وزارة الداخلية
مضحكةٌ مبكيةٌ أوضاعُ الإذاعات والإعلام العربي في أغلبه، وبخاصة إذا ما حاولتْ أنْ تدَّعي رياديتها في هذا الشأن أو ذاك الشأن لمجتمعاتها. نماذجُ تجعلكَ تشكرُ الله ألفَ مرةٍ لأنكَ لا تسمع لها ولا تريد أن تسمع شيئاً من برامجها الرائدة! المذيعُ نفسهُ لا يتقنُ فناً من فنونِ الإلقاء، ولا يحسن التلفظ باللغة العربية، حركاتها وسكناتها، فضلاً عن التفاهة والإسفاف وانتشار ثقافة التجميل والمجاملات عوضاً عن ثقافة النقد وقبول الاختلاف.
لقد تحول الإعلام ، تبعاً لذلك، آلة ضخمة في مضمار صناعة الموت والاتجار الديني والسياسي. فلا عجب أن تصير الأرض بعد ذلك إلى دار جهاد وبلاد نصرة، أن تتناسل الأفكار الجهنمية كمثل الفطر على الجسد، وكمثل فيروسات تقطف الأرواح قطفاً.
كيف لا أحتجُّ على نفسي وعليكم، وأنا أرى الأزمنة َفي نفسي تتفسخ، وأنا أرى الأملَ من حولي يتآكل، وأنا أرى عقولَ الناس تُهيأ لتذبحَ أو تُذبح، لتكونَ متوثبة ً للذبحِ والنحر وأخذ الثأر؛ ناهيكَ عن الإمعان في تحقير اللغة والاستغراق في تمجيد الذات، في تأليه الذات وفي شيطنة الآخر.
والغريبُ أنه لا يسود الآن، على المستوى الإعلاميِّ، إلا المتفاخرون والمتبجحون، أكادُ لا أرى في المشهد الثقافي العراقي، على نحو التمثيل لا الحصر، إلا مشاهد المتبجحين والنماذج الطاووسية، وكأنَّ الشخصية العراقية أصبحتْ مدموغةً بهذا الطابع المغرور والجاهل، لا تكاد ترى عراقياً إلا وهو يتبجحُ بما كان عليه تاريخُ بلاده من نهوض مزعوم، إلا وهو يتباهى مستعلياً على أشقائه العرب بتفوقه المُتخيَّل في كلِّ شيء، لم يوفروا على الناس مجداً أو إنجازاً أو تقدماً، وإن كان يصح أنْ يكون التفوقُ في الخيبة والفشل والتقهقر والفساد وسواه...
وانظروا إلى المشاهد الثقافية العربية الأخرى، وإلى الأزمنة العربية الضائعة المتشظية والفارغة، فهي ليست أحسن حالاً وأعلى شأناً، هي أيضاً تدور في متاهات الأمراض الثقافية والاجتماعية الثقيلة والمزمنة، هي أيضاً تنبئك أنَّ الركامَ سيبقى عصياً على التلاشي، وأنَّ اليأسَ في هذا الزمن العربي الميئوس منه فضيلة كبرى.
عبدالله زهير
لله يا سيدي في يوم عُلاكا
حين لاحت الجنة في سماكا
علوتَ حتى ما تبدو عِداكا
الرأس شوقاً يُسابق خُطاكا
هناك حين بللت ظماكا
في حوض من للعلا رباكا
هناك حين شعَّ سناكا
في مدارِ الهُداةِ الأفلاكا
الصلب والقتل فيمن سواكا
وبلاؤك ما خُصّهُ سواكا
لا غرو إذ بالفضل حباكا
من اصطفى المصطفى اصطفاكا
واللهِ لن أبكيَ ذكراكا
فلا دمعٌ يستطيعُ ذاكا
واللهِ لن أصيح فداكا
إذ ناديتَ ولم ألبِّ نداكا
والله لن أرجوَ لقاكا
حتى أسير على خُطاكا
أنا من قومٍ نصروا أباكا
وجرّدوا السيف في نُصراكا
سيدي الحسين في يوم عُلاكا
لست أوالي غير من والاكا
وأي المسلمين لا يدين بذاكا؟
علي صالح محمد الضريبي
في تجربة عملية، إذا وضعت كوبين ماء منفصلين أمام شخص بالغ وظمآن، وخيَّرته بينهما، مع العلم أن هنالك كأساً واحداً ملوثاً ببكتيريا مسببة للحمى، عليه أن يختار كأساً واحداً ولكن قبل أن يختار، ستجوب في باله عدة أفكار، وأي من الكوبين سيختار؟
بعد اختياره لكوب وشربه سيمر الرجل بمراحل متعددة من الوسوسة والتفكير بالمرض مع ملاحظة صحته من أي علة، ومع الإكثار من الاهتمام والملاحظة سيظن أنه فعلاً عليه علامات المرض، أو سيعاني من الارتياب فترة بسيطة على أنه شرب الكأس غير الملوث.
حال هذا الشخص كحال أي فرد في هذا المجتمع، ولكن بخبرات مختلفة، الإيمان بالفكرة غير المنطقية التي يتخذها الفرد منهجاً له، وهي بالأساس ليست حقيقية (وسوسة) يخوض مواقف حساسة بلباس الخوف من هذه الفكرة، وستظهر علامات لتدعم الفكرة لأن عقله الباطني قد اخترع العلامات بسبب إقناع النفس بصحة الفكرة والهوس بها.
وللطمأنينة في التجربة عليك أن تؤمن بالآية «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا»(التوبة: 91)، هذه الفكرة التي عليك أن تتحلى بالإيمان بها، سواء مرضت أو لم تمرض فكلا الخيارين واردين، فلمَ الاقتناع بالفكرة السلبية؟ ثق بالله، وفي كل شيء حكمة من عند الله، والله أحكم الحاكمين.
محمد علي حسن القيسي
العدد 4095 - الجمعة 22 نوفمبر 2013م الموافق 18 محرم 1435هـ