العدد 4095 - الجمعة 22 نوفمبر 2013م الموافق 18 محرم 1435هـ

محامون: محاكمة الأشخاص بقضايا «التعبير» مستمرّة حتى بعد توصيات «تقصّي الحقائق»

محمد التاجر - عبدالله الشملاوي - محسن العلوي
محمد التاجر - عبدالله الشملاوي - محسن العلوي

أكد محامون استمرار محاكمة الأشخاص المتهمين في القضايا المتعلقة بحرية التعبير، وذلك على رغم مضي عامين على صدور توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، والتي تضمنت إحدى توصياتها إسقاط التهم المتعلق بحرية التعبير السياسي.

وأشار المحامون في هذا الصدد إلى عدم تنفيذ أحد بنود التوصية «1722» من التقرير، والتي تتعلق باستخدام القوة والتوقيف ومعاملة الأشخاص الموقوفين أو المحبوسين احتياطيًا أو المسجونين، والمحاكمات المتعلقة بحرية التعبير أو التجمع أو تكوين جمعيات، وتنص على «إلغاء أو تخفيف كل الأحكام الصادرة بالإدانة على الأشخاص المتهمين بجرائم تتعلق بحرية التعبير السياسي والتي لا تتضمن تحريضا على العنف، وإسقاط التهم التي لم يتم البت فيها ضدهم».

وفي هذا الشأن، انتقد المحامي عبدالله الشملاوي عدم التزام الجهات المعنية بتنفيذ توصية تقرير تقصي الحقائق المتعلقة بإسقاط القضايا المتعلقة بحرية التعبير، وقال: «المحاكمات السياسية مستمرة على رغم التوصيات الصادرة في تقرير تقصي الحقائق بهذا الشأن، كما أن الكثير من المحاكمات التي تتم حالياً لا تتواءم والمادة (14) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية».

وأضاف: «ما يؤسف له استمرار العقوبات المشددة على المعارضة، في الوقت الذي يتم فيه تخفيف العقوبات على من اتهموا من رجال الأمن بالتعذيب والقتل والاستخدام المفرط للقوة».

وأكد الشملاوي استمرار محاكمة الأشخاص في قضايا حرية التعبير التي وقعت بعد صدور تقرير تقصي الحقائق، وأبرزها على سبيل المثال قضية الناشط الحقوقي نبيل رجب، وكذلك مقاضاة الطبيب سعيد السماهيجي.

وانتقد الشملاوي كذلك، استمرار نشر وسائل الإعلام صور المشتبه بهم في القضايا الأمنية، وذلك على رغم عدم صدور حكم ضدهم، في الوقت الذي لا يتم فيه نشر صور متهمين معروفين في قضايا أخرى، كقضية الاعتداءات التي طالت محلات مجموعة جواد، على رغم أن تصوير الفيديو يكشف وجوههم، على حد قوله.

وعاد الشملاوي ليؤكد عدم التزام السلطة بتنفيذ التوصيات الواردة في تقرير تقصي الحقائق بصورة عامة، مشيراً إلى أنه على رغم الموازنة التي تم تخصيصها للجنة المعنية بمتابعة تنفيذ التوصيات، إلا أن التوصيات لم تر النور على أرض الواقع.

وختم حديثه بالقول: «لم يكن هناك التزام بتوصيات تقرير تقصي الحقائق، ولكن تم التعامل معه في إطار العلاقات العامة ليس إلا، على رغم ما كان للجنة من إيجابيات، إلا أن التقرير لم يُنفذ وقُتل بإحالة تنفيذه إلى لجنة أخرى سطرت مئات الصفحات، ولكن من دون أن نرى تنفيذاً لها على أرض الواقع».

ومن جهته، قال المحامي محمد التاجر: «في ديسمبر/ كانون الأول 2011، صدر بيان من النائب العام قال فيه انه تم إسقاط 346 قضية تتعلق بحرية التعبير، ولم يتم الإفراج عن أحد آنذاك، عدا بعض القضايا التي تم تداولها بصورة واسعة عبر وسائل الإعلام، منها على سبيل المثال قضيتا الأطباء والنائب السابق مطر مطر وكذلك قضية الأكاديميين في جامعة البحرين والرياضيين».

وأضاف: «كان من الواضح أن إسقاط قضايا حرية التعبير تم بصورة شبه انتقائية، والدليل أن الكثير من الأشخاص مازالوا يُحاكمون في قضايا التعبير عن رأيهم السياسي بموجب المادتين (168 و169) من قانون العقوبات، واللتين قال تقرير تقصي الحقائق عن مضمونهما انه فضفاض ويخلو من تعريف التحريض على كراهية النظام، إلا أن النيابة مازالت تستخدمها ضد أغلب من تحاكمهم في قضايا التجمهر وغيرها من القضايا».

وتابع: «حين أسقطت النيابة بعض التهم المتعلقة بحرية التعبير لم تسقط الاتهام الأصلي وهو التجمهر، على رغم أنه يرتبط مع التحريض على كراهية النظام، إذ تم إسقاط التهم عن بعض الأشخاص بما يكفل معاقبتهم على تهمة أخرى متعلقة بالواقعة ذاتها، وهي التجمهر أو الوجود في اعتصام معين».

وأكد التاجر أن الكثير من قضايا التواجد في «دوار اللؤلؤة» لم يتم الأخذ بها لأنه لم يثبت أنها إخلال بالأمن، بينما تم محاكمة آخرين بموجب هذا الاتهام، مشيراً إلى أن الأمر ذاته ينطبق على بعض القضايا المتعلقة بكراهية النظام.

وقال: «تقرير تقصي الحقائق أوصى بتعديل المادتين (168 و169)، وتم تعديلهما وإضافة مواد جديدة في قانون العقوبات، بما لا يتناسب مع العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، والتعديل لم يتم بناء على توصية التقرير وإنما بموجب توصيات حوار التوافق الوطني في العام 2011».

وأضاف: «الواقع يثبت أن قضايا التعبير عن الرأي السياسي، التي ترى الحكومة أن فيها تحريضا على كراهية النظام مازالت موجودة، وهناك قضايا منظورة أمام القضاء بصورة يومية، وخصوصاً القضايا التي تتعلق بمحاكمة أشخاص على تغريداتهم عبر موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) أو من خلال تصريحاتهم لبرنامج تلفزيوني أو إلقائهم خطابات في تجمعات مرخصة».

وأشار التاجر إلى أن أغلب الأشخاص الذين يحاكمون ببث أخبار كاذبة، هم من كشفوا عن حالات التعذيب والاعتقالات والمداهمات، في حين يتم السكوت عن بعض الأشخاص الذي يتعدون على فئة معينة من المواطنين من دون أن يتم اتخاذ أي إجراء ضدهم، على حد قوله.

أما المحامي سيدمحسن العلوي، فقال: «على رغم أن النيابة العامة بعثت خطابات للمحاكم الصغرى الجنائية، وذلك بعد البيان الذي صدر من المحامي العام الاول في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2011 بطلب إسقاط التهم المتعلقة بحرية التعبير، ومنها الجرائم المنصوص عليها في المادة (179) من قانون العقوبات، وذلك بموجب ما جاء في تقرير تقصي الحقائق، والذي اعتبرها مادة فضفاضة وتختلط بحرية الفرد في التعبير ومخالفة للمعاهدات الدولية؛ إلا أن النيابة العامة في الوقت نفسه وبعد ذلك وحتى الآن، أحالت وتحيل عدداً كبيراً جداً من النشطاء المشاركين في مسيرات سلمية، وتسند إليهم تهماً وفقاً لنص المادة المذكورة».

وأشار العلوي إلى عدم إمكان حصر القضايا أو عدد المتهمين الذين أحيلوا وفقاً لنص المادة «179» من قانون العقوبات، والتي تعاقب الأفراد على نيتهم في أحداث الشغب أثناء ممارستهم حقهم في المشاركة في المسيرات السلمية.

إلا أنه تطرق، على سبيل المثال، إلى إحالة النيابة العامة قضية المشاركة في مسيرة المنامة التي دعت إليها إحدى الجمعيات السياسية بتاريخ 24 مايو/ أيار 2013، واعتقل على إثرها الشيخ فاضل الزاكي ونشطاء آخرون، وأسندت النيابة لهم تهماً وفقاً لنص المادة «179» عقوبات، رغم الحظر الذي ذكره تقرير لجنة تقصي الحقائق، والتحفظ على صياغة نص هذه المادة واستغلالها بشكل غير سليم لقمع المشاركة في المسيرات السلمية، على حد قوله.

وذكر العلوي أن من بين القضايا التي حُكم فيها على مواطنين استنادا لنص المادة «179»، قضية 139 طالبا وموظفا من جامعة البحرين الذين اتهموا بالتجمهر في 13 مارس/ آذار 2011 ولم تسقط عنهم هذه التهمة، وكذلك قضية تجمهر الديه التي عرفت فيما بعد بقضية «السيخ»، وحكم فيها على سبعة متهمين بالحبس لمدة سنتين استنادا لتلك المادة، ومعتقلي عراد الأربعة المتهمون بالمشاركة في تجمهر بتاريخ 22 يوليو/ تموز 2012، إضافة إلى خمسة معتقلين من عراد اتُهموا وفق المادة ذاتها بالتجمهر بتاريخ 26 يونيو/ حزيران 2013، ناهيك عن عدد كبير من قضايا التجمهر التي هي في حقيقتها تمثل – وفقاً للعلوي - مشاركة سلمية في مسيرة مطالبة بحقوق مكفولة دستورياً ووفقاً للمعاهدات الدولية، أُحيل فيها مواطنون وفقاً لنص المادة «179».

وقال: «إن التنفيذ الصحيح لتوصيات لجنة تقصي الحقائق يجب أن يتم من خلال إلغاء تلك المواد التي أشار اليها التقرير، وهي المواد (179 و180 و165 و168 و173) من قانون العقوبات، بأنها تتعلق بحرية التعبير والرأي، وتخالف صياغتها المعاهدات الدولية ودستور مملكة البحرين». وأضاف: «لا يتم ذلك إلا عن طريق سن تشريعات جديدة تتوافق وتتواءم مع التطورات التشريعية في الدول الديمقراطية، أما ما جرى من تعديل على بعض تلك المواد مثل المادة (168) من قانون العقوبات من قبل البرلمان، وهي المادة المتعلقة بإذاعة أنباء كاذبة، فهو تعديل للأسوأ، وفيه معاقبة للأفراد قائم على الظن واحتمال وقوع الضرر من نشر آرائهم، وقد تم صياغتها بطريقة فضفاضة وركيكة قانونيا وحقوقيا».

العدد 4095 - الجمعة 22 نوفمبر 2013م الموافق 18 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً