عندما هاتفني الصديق موسى الموسوي صاحب دار فراديس من معرض الشارقة الدولي للكتاب ليخبرني أن كتابي «التنظيمات اليسارية في الخليج العربي والجزيرة»، والذي هو ناشره، قد سمح بعرضه في المعرض، وأنه من المفيد الحضور للتوقيع على الكتاب لمقتنيه... لم أتردّد، وسافرت إلى الشارقة، لأشهد على مدى ثلاثة أيام مسار معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي امتد من 6 حتى 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013. وقد انتقلت من المطار مباشرة إلى المعرض، الذي يقام في «اكسبو للمعارض»، ويطل على بحيرة الشارقة.
والحقيقة أنني فوجئت بحجم المعرض، حيث يتكون من خمس قاعات، وبلغ عدد الأجنحة حسب دليل المعرض 668 جناحاً لدور نشر بمختلف اللغات العربية والإنجليزية وغيرها، ولمختلف وسائط المعرفة من الورقية والأقراص المدمجة، والتشكيلية وغيرها. كما شملت الأجنحة تلك التي تحتضن دور نشر خاصة وجامعات ومعاهد ودولاً، حيث خصصت القاعة الكبرى رقم (5) لأجنحة مختلف مؤسسات الإمارات والدول والناشرين بالإنجليزية.
وحسب قول المشاركين، لم يُمنع أي كتاب، كما أن إدارة المعرض التابعة لدائرة الثقافة في حكومة الشارقة عمدت إلى شراء ما قيمته 5 آلاف درهم من كل مشارك من دور النشر الخاصة، وذلك دعماً وتشجيعاً لهم.
كما أن عدداً من مؤسسات الإمارات مثل الدار الوطنية للوثائق بإدارة الصديق علي درويش عمران ومراكز الدراسات والجامعات، عمدت إلى اقتناء وشراء العديد من الكتب، وهو ما يشجّع الناشرين العرب للمشاركة في معرض الشارقة عاماً بعد عام، وهو حسب بعض المشاركين أكبر وأفضل معرض كتاب عربي تنظيماً وسلامة. كما أن العديد من مدارس الشارقة نظمت رحلات لطلابها إلى المعرض، حيث إن إحدى القاعات مخصّصةٌ لأدب الأطفال والمدارس.
الجانب المهم الآخر في المعرض، هي الفعاليات الثقافية والأدبية والفنية، فهناك قاعتان مخصصتان للفعاليات الثقافية والأدبية، حيث دعي 82 كاتباً ومؤلفاً وناقداً من الإمارات وخارجها للمشاركة في الندوات المصاحبة للمعرض، والتي شملت الكثير من المواضيع دون قيود أو حدود، إضافةً إلى ركن التوقيع على الكتب من قبل مؤلفيها.
وحظي المعرض بتغطية إعلامية جيدة، حيث انتشرت الاستوديوهات والكاميرات ومندوبو مختلف وسائط الإعلام لتغطية الندوات والفعاليات وإجراء المقابلات دون اشتراطات.
ومن التسهيلات في المعرض، وجود طاولة استعلامات عند مدخل كل قاعة مزوّدة بمرشدين لديهم الكمبيوترات للرد على أي استفسار، وكتب إيضاحية منها دليل الناشرين ودليل المشاركين في الفعاليات الثقافية، ودليل الفائزين بالجوائز الثقافية في الإمارات، ودليل أفضل مبيعات الكتب والخرائط وغيرها، ما يساعد الزائر على الاختيار.
وعلى مسرح المعرض قدمت فعاليات موسيقية وفنية عديدة. والحقيقة أن وراء هذه التظاهرة الثقافية الناجحة، الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، والذي هو قبل أن يكون حاكماً للشارقة فهو مثقف أكاديمي، حيث تخرّج من جامعة القاهرة مهندساً زراعياً، ثم وهو في موقع المسئولية واصل دراسته العليا ونال شهادة الدكتوراه من جامعة اكستر بالمملكة المتحدة عن أطروحته حول الاستعمار البريطاني لعدن، ويدأب على تشجيع التعليم والثقافة الراقية، لهذا تعتبر الشارقة العاصمة الثقافية للإمارات العربية المتحدة، وبها أفضل جامعة في الإمارات وهي الجامعة الأميركية.
أتاحت لي المشاركة في المعرض على امتداد الأيام الثلاثة الأخيرة، وهي التي تشهد أفضل إقبال من الجمهور، والمرابطة في جناح دار الحرف/ دار الفراديس، أن ألتقي بالعديد من الأصدقاء القدامى، والتعرف على أصدقاء جدد من العديد من البلدان العربية، ومن مختلف الاتجاهات من عمان حتى المغرب، والدخول في حوارات مهمة حول مسيرتي ومؤلفاتي وإسهاماتي وآرائي، وبعضهم كان نقدياً بشدة لليسار، وهو شيء أسعدني لأدخل في حوارات تفاعلية مع الجمهور.
كما أتيحت لي الفرصة لحضور ندوتين إحداهما حول الفيلسوف المفكر ابن راشد، والأخرى حول الإسلام السياسي، والحقيقة أني أعجبت بهامش الحرية المتاح للمنتدين والمتحاورين، وبالطبع كان المعرض فرصةً لتصيّد كتب أرغب فيها ومتاحة، فكان أن أخليت الجيب وملأت الحقيبة بالكتب المتنوعة.
وكم كان فرحي بالحصول على مسرحية «الحسين ثائراً»، للكاتب المسرحي عبدالرحمن الشرقاوي، والتي سبق أن شاهدتها في القاهرة قبل عقود، وكتبت عنها في مقالي بـ «الوسط» بذات العنوان: «الحسين ثائراً وشهيداً»، كما كتب عنها الزميل قاسم حسين، ولذا جلبت منها عدة نسخ.
كما فوجئت برواية جديدة للصديق الروائي أحمد الزبيدي «امرأة من ظفار» في سلسلة سيمفونيته في حب ظفار.
تقدّم حكومة الشارقة ومعرض الشارقة الدولي للكتاب درساً للحكومات العربية الأخرى في التخلي عن الرقابة التي تخنق الثقافة، وأن تكون الثقافة في صلب الحياة اليومية، ومكوّناً في التنمية المستدامة، وجسر محبة وتواصل بين أبناء الشعب الواحد والشعوب الأخرى، وأن يكون معرض الكتاب تظاهرةً ثقافيةً، وليس مشروعاً تجارياً.
ومما هو جدير بالذكر أن غالبية العاملين في المعرض هم من الشباب والشابات المتطوّعين من أبناء الإمارات والمقيمين المنتسبين لمختلف الجامعات والهيئات، وهي ظاهرة مفرحة حقاً. كما أن إدارة المعرض أعفت الناشرين السوريين من رسوم الاشتراك بسبب ظروف سورية المعروفة، ومن دون اعتبارات سياسية، وهو شيء حميد فعلاً.
فتحيةً للشيخ سلطان القاسمي، وتحيةً لجميع من شارك في إنجاح هذه التظاهرة الرائعة التي أسعدني المشاركة فيها.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4094 - الخميس 21 نوفمبر 2013م الموافق 17 محرم 1435هـ
ضحالة علم أو قلة معرفه في زمن الإنفجار المعرفي!
بينت وكشفت الدراسات أن إيران اليوم في مصاف الدول المتقدمه بالعلم بينما الدول الإستعماريه ومستعمراتها تراجعت الى زمن الجاهليه. فمعرض الكتاب أو أسبوع الكتاب في إيران كشف عن أن إنتاج المعرفه يعني التأليف وإصدار الكتب العلميه منها والأدبيه – يعني قصص أفضل بكثير من ما أنتجته وصنعته الولايات المتحده من ويلات وآهات لشعوب المنطقه وغيرها من المناطق. قال ويش جحا يعني تقدم الغرب وتخلفهم مع رفاهيه وتجاره بالبشر – يعني دعاره أو تجاره أو سياحي وسواح وتنزه ولا نزاهه في عملهم؟
اضاءه ثقافيه
طبعا يابومنصور يفرح اي انسان عندما يلاقي او يشوف امرا يفرح قلبه في ظل استبداد فكري يسجن افكار الانسان عن البداع والتطوير وخير البشريه
الشارقة تحاول الموازنة بين متطلبات العصر و القيم الاسلامية و اعتقدت نجحت الى حد ما