العدد 4093 - الأربعاء 20 نوفمبر 2013م الموافق 16 محرم 1435هـ

إيران والعراق

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نحن أرخبيلٌ صغيرٌ من الجزر العائمة وسط الخليج، بعضها لا يزيد عن ملعب كرة القدم، وبعضها لا يزيد عن ملعب كرة السلة، يتأثر كثيراً بالمحيط. ومن أكثر الدول التي تؤثر علينا، إيران والعراق، فضلاً عن السعودية ومصر، دينياً وفكرياً وثقافياً وسياسياً.

إيران اليوم يحكمها تيار إسلامي، قدّم تجربة سياسية في الحكم، تسمح بالتغيير في القيادات والسياسات، ضمن الفريق الإسلامي الواحد. واستطاع بعد 34 عاماً من الصراع، أن يفرض وجوده على الساحة الدولية. أمّا في العراق، فرغم التخلص من أحد أكبر الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة، لم ينجح التيار الإسلامي (الشيعي) الحاكم من عبور المرحلة الانتقالية، وإذا استمرت القيادات الحالية في أدائها الراهن، لن تنجح في انتشال العراق من كبوته حتى بعد عشرين عاماً.

في إيران، ومع أن النظام إسلامي، ويشترط الدستور أن يكون الرئيس اثناعشرياً، ورغم اهتمامه بالمراسم والمناسبات الدينية، إلا أنه لا يمنح عطلة غير يومي التاسع والعاشر من محرم. أمّا في العراق فتفتح الحكومة ذراعيها لعشرات الاحتفالات والمناسبات الدينية طوال العام، ويستفيد الحكم الحالي من هذا الوضع الشعبي في التسويف والمماطلة في إجراء أية إصلاحات تنهض بالعراق، ويستفيد من الانفلات الأمني وعمليات القتل والتفجير من جانب التكفيريين والبعثيين ضد الأبرياء، في البقاء. وفي مناسبة الأربعين، يُصاب العراق بالشلل التام لأكثر من عشرة أيام. مثل هذه الحالة لم يكن ليسمح بها النظام في إيران لحرصه على عجلة الإنتاج. إنها ثقافة.

حين تزور مدينة قم أو مشهد، سترى التوسع العمراني في المشاهد المقدّسة بين سَنةٍ وأخرى، أمّا في العراق فلن ترى فرقاً يذكر بين كربلاء والنجف 1973 وبين 2009. مدنٌ قديمة ذات بنية متهالكة، وشوارع مغبرة، ومشاريع بطيئة تستغرق دراستها سبع سنوات، وتنفيذها سبع سنوات أخرى.

حين أزور دولةً، يهمني كصحافي سلّة الطعام اليومية التي تقدّم للمواطن وللسائح. في إيران تجد أغلب مكونات السلة من إنتاجٍ محلّي، فهم يأكلون مما يزرعه فلاحوهم، ويلبسون مما يخيطون، ويركبون سيارات أغلبها مما يصنعه عمّالهم وفنيوهم. أمّا في العراق، فكان على طاولة الفندق، مايونيز إيراني، وبيبسي سعودي، وحتى «قيمر» كويتي. تحقيق الاكتفاء الذاتي يبدو حلماً بعيداً جداً، فمازال انقطاع الكهرباء مشكلةً يعاني منها العراقيون منذ عشر سنوات.

على المستوى الديني، نتأثر في هذا الأرخبيل، سُنّةً وشيعة، بهذا الجوار، وصولاً إلى مصر، فظاهرة التأثر والتقليد ظاهرة عميقة في حياتنا كبحرينيين، ولا نأتي بجديد حين نطرح قضية التقليد وحب المحاكاة. وحين تطرّقت قبل سنوات، إلى ظاهرة عودة فرق الموسيقى في موسم عاشوراء، وانتقدت أداءها الصاخب، دعاني أحد القائمين على الفرقة إلى مقرها، وبدا لي غاضباً لضلالي وانحرافي. واستعرض تاريخ استيراد أول أدوات موسيقية من إيران، وكيف تم إدخالها إلى العزاء، حتى أصبحت من «الشعائر المقدّسة»، ونشرت حينها كل تلك المعلومات. بعد الثورة (1979) صدرت فتاوى ضد الموسيقى، واختفت من مواكب العزاء، حتى عادت إلى الظهور قبل بضعة أعوام.

لست مفتياً ولا عالم دين، لكن يجب أن نفهم أنفسنا كشعبٍ صغيرٍ يعيش في أربع جزرٍ صغيرة، يتلقى أغلب مصادره الفكرية والثقافية والعلمية من الخارج، بما فيها الشعائر والطقوس الدينية، وما ينطبق على هذا الطرف من عقدة «الخواجة» الدينية، ينطبق على الطرف الآخر، من ناحية تأثر سلفيينا بالجزيرة العربية، وتأثر «الاخوان» بمصر.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4093 - الأربعاء 20 نوفمبر 2013م الموافق 16 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 5:58 ص

      مقارنة غير موفقة

      مقارنة الوضع العام بين بلدين مثل العراق و إيران يحتاج اولا لدرسة اجندات الدول المحيطة بهما ومن له مصلحة في ان لا تقوم للعرق قائمة خوفا وطمعا.

    • زائر 20 | 4:50 ص

      مأساة العراق

      مع الاسف ياسيد ان مشاكل العراقيين سببها السياسة والتعنت الحزبي فكل واحد يريد مايراه لا مايراه الشعب ولاتنسى التدخلات الخارجية التي تحرص على ان لايكون العراق نموذج يشار اليه ، الان من يدفع الضريبة الشعب العراقي حتى اصبح حالهم كمزرعة الدجاج ينتظرون الذباح ليقدموا كا وليمة في كل يوم، لو اتفق العراقيون جميعا على امرا واحد لكانوا اليوم على نحو مختلف فهم يملكون جميع الثروات وخير الحسين يكفي.

    • زائر 19 | 4:43 ص

      المقارنة بين المختلفين وليس بين المتطابقين

      ما الفائدة عندما نفارن بلدين متطابقين تماماً 100 في المئة؟ المقارنة تون بين بلدين يكون هناك أوجه تشابه في جوانب معينة، ونقاط اختلاف في جوانب اخرى لتتبين الفرق. فعلا ايران نهضت رغم الحرب ثمان سنوات ورغم الحصار 30 سنة. لكن العراق خحتى الان مازال بلد مدمر والسياسيين فيه رايحه عليهم وهو ما سيسبب استمرار تخلفه ودماره.

    • زائر 18 | 3:50 ص

      لا يوجد مقارنة أو المقارنة غير ذي جدوى

      لا يوجد مقارنة بين العراق وإيران من جميع النواحي ، السياسي ، الاجتماعي أو الأقتصادي والوضع الأمني المتردي، أو حتى من كونها دولة عربية أو غير عربية ، أو من نسبة عدد الطوائف الدينية الموجودة في العراق والموجودة في إيران ، وتأكد يا سيد لو كانت المراقد الشريفة موجودة في إيران لختلف الوضع كثيرا

    • زائر 16 | 2:47 ص

      الحسين استثناء....

      السيد العزيز الحسين استثناء فى عالم التكوين وعالم التشريع..ولو تبع الساسه العراقيونبل العالمكله طريق الحسين لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ولكانت كربلاء تسع مئة مليون زائر فى الاربعين وكما قالاحد المسيحيين لو كان عندنا الحسين لاستطعنا نشر المسيحيه فى كل العالم باسم الحسين..اللهم ارزقنا زيارة الحسين مشيا كما فعلته احدى العوائل الهنيديه من الهند الى كربلاء نعم ياسيدنا العزيز..

    • زائر 17 زائر 16 | 3:18 ص

      نتمنى يا سيد

      أكثر ما يؤلمنى صراحة التطبير واسالة الدماء وسب الصحابة وزوجات النبي وتأليه علي رضى الله عنه ..أتمنى أن تزول هذه المظاهر لأنى سنى ولدى أصدقاء كثيرون من الشيعة أزورهم وأتعشى معهم ..أتمنى زوال هذه التصرفات التى لا تمت الى المذهب الشيعى بصلة .

    • زائر 14 | 12:56 ص

      المقارنة ليست عادلة تماما

      فالتي تواجه العراق اليوم من مصاعب لم يواجة ايران في بداية مصاعبها ولكن ان تنظر في تفاصيل كل صعوبة!

    • زائر 13 | 12:55 ص

      ليس كل ما يناسب بلدا يناسبنا

      كالموسيقى التي كانت ضمن «الشعائر » في العزاء وخصوصا ذلك الطبل العملاق فانه يحدث ضجيجا ليته لا يعود ثانية وكفانا اختراعات كالمضايف التي انتشرت بسرعة البرق مما ترتب عليها زيادة في التبذير والاسراف (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)

    • زائر 12 | 12:42 ص

      جدال الدين لن ينتهي

      سيدنا في فترة من الزمن تم وقت التطبير بامر من الداخلية الجميع التزم وهدا وحد جميع الشيعة وهدا ما لا يرغبون به لدلك تم فتح المجال للتطبير والمشي علي الجمر وغيرها وصرنا ندور في دوامة مأيد ومعرض واساءه للمدهب لدلك قام مع الاسف فتح الباب لكل جديد ايجابي او سلبي لدخول موسم عاشوراء

    • زائر 8 | 12:26 ص

      يا سيد الدمار في العراق تعمل عليه دول لا تريد الاستقرار فيه

      الدماء التي تسفك والامن المهدور في العراق وراءه دولا ترى في الاستقرار والامن في العراق مساسا بها لذلك وظّفت بعض هذه الدول مليارات من اجل ان لا يستقر هذا البلد وكون شعب العراق من الطائفة الشيعية التي يرون التخلص منها واجب ديني فهم لا يكترثون بعدد الارواح التي تسفك مهما بلغ حجمها فذلك محط ارتياح لهذه الدول المجاورة

    • زائر 6 | 12:19 ص

      وجهة نظر

      سيدنا بالنسبه للوضع في العراق بالإضافة الي الاختلافات السياسية كذلك الأوضاع غير مستقره بسبب الإرهابيين عكس الجمهورية الاسلاميه وأما عن تعاملنا مع المقدسات الحسينية فنحنوا بحاجه الي وعي وثقافة ونبذ العصبيات والسماع لصوت العقل.

    • زائر 5 | 11:49 م

      عكس الشلل تماما

      نا نشهده في العراق خلال مناسبة الأربعين هو عكس الشلل تماما فالاستنفار على أشده واليك بعض الأمثلة: الاستنفار الأمني هو الأعلى خلال تلك الفترة وذلك واضحا ومن مؤشراته أيضا قلة تعداد ضحايا التفجيرات الارهابية خلال تلك الفترة رغم أنه من البديهي ءن تزداد. مثال آخر هو عدم انقطاع الكهرباء خلال تلك الفترة مقارنة بباقي أيام السنة. ومثال حي آخر الحركة الدائبة للعراقيين في استقبال الزوار فهذه حياة وليس شللا. وأخيرا كن في السعودية لأكثر من أسبوعين خلال موسم الحج في غير مكة وستفهم معنى الشلل التام.

    • زائر 11 زائر 5 | 12:41 ص

      استنفار1

      ما نشهده في العراق استغفال الشعب العراقي على يد حكومة فاشلة,

    • زائر 22 زائر 5 | 6:24 ص

      زائر 11

      كيف لاتكون فاشله وارهابيي القاعدة يعيثون فسادا في الارض كل يوم 15 سيارة مفخخة وبدعم لوجيستي خليجي فهم لا يريدون حكومة شيعية في العراق وقالوها علنا كيف تتم التنمية في ظل الارهاب بعدين نفس ايام حكم الامام علي لم يستقر الوضع له فبدات حرب صفين والنهروان وغيرها من الحروب لان اعداء الاسلام كانوا لايريدون حاكما عادلا ولا يريدون اي استقرار والحاكم هو الامام علي

    • زائر 4 | 11:47 م

      فعلا

      يا حبنا للتقليد واستيراد ما يفعله الاخرون وبعد كم سنة نحوله الى طقوس مقدسة

    • زائر 3 | 11:28 م

      تعليق

      المقارنة بين ايران والعراق في زيارة الاربعين تتغافل عن البلد الذي تقام فيه الزيارة، فلو كان قبر الامام ع في طهران لحدث نفس ما يحدث في العراق.

    • زائر 10 زائر 3 | 12:39 ص

      بالعكس

      لو كان قبر الامام الحسين في طهران لجعلوه تحفة من تحف الجنة. انظر ماذا فعلوا في مقام رقية في سوريا . بينما مقامات اهل البيت يبغي ليهم هر لين يسوون فيهم شوارع عدله.

    • زائر 15 زائر 3 | 1:46 ص

      وماذا

      وماذا عن باقي ايام السنه

    • زائر 2 | 11:28 م

      التوسع العمراني

      حين تزور مدينة قم أو مشهد، سترى التوسع العمراني في المشاهد المقدّسة بين سَنةٍ وأخرى، أمّا في العراق فلن ترى فرقاً يذكر بين كربلاء والنجف 1973 وبين 2009. مدنٌ قديمة ذات بنية متهالكة، وشوارع مغبرة، ومشاريع بطيئة تستغرق دراستها سبع سنوات، وتنفيذها سبع سنوات أخرى.
      حين أزور دولةً، يهمني كصحافي سلّة الطعام اليومية التي تقدّم للمواطن وللسائح. في إيران تجد أغلب مكونات السلة من إنتاجٍ محلّي، فهم يأكلون مما يزرعه فلاحوهم، ويلبسون مما يخيطون، ويركبون سيارات أغلبها مما يصنعه عمّالهم وفنيوهم. أمّا في العراق

    • زائر 1 | 10:11 م

      قياس مع الفارق

      على أي أساس اخترت النموذجين للقياس ياسيد.??

اقرأ ايضاً