هدد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اليوم السبت (16 نوفمبر / تشرين الثاني 2013) بالسعي إلى إجراء تحقيق دولي مستقل في مزاعم عن جرائم حرب في نهاية الحرب الأهلية في سريلانكا والتي استمرت 26 عاما وهو ما قوبل برد غاضب من الرئيس السريلانكي.
ومعقبا على ما قاله كاميرون من انه يجب على سريلانكا ان تجري تحقيقا من جانبها بحلول مارس آذار 2014 وإلا واجهت تحقيقا دوليا قال الرئيس ماهيندا راجاباكسه "من يعيشون في بيوت من زجاج يجب ألا يرشقوا الناس بالحجارة."
وكان كاميرون أشد المنتقدين لسجل سريلانكا الحقوقي اثناء قمة دول رابطة الكومنولث المنعقدة حاليا في العاصمة السريلانكية كولومبو.
وشهدت القمة التي تتسم في العادة بالهدوء خلافا محموما بشان فظائع ارتكبت في الأشهر الأخيرة من الحرب الاهلية وانتهاكات لاحقة.
وسحق جيش سريلانكا متمردي نمور التاميل الإنفصاليين في المعركة الأخيرة من الحرب الأهلية الطويلة في 2009 في استراتيجية شارك في إعدادها وزير الدفاع جوتابايا راجاباكسه شقيق الرئيس. وكان هناك حوالي 300 ألف مدني محاصرين في شريط ساحلي ضيق أثناء الهجوم وتقدر لجنة تابعة للأمم المتحدة أن نحو 40 ألفا من غير المقاتلين قتلوا.
وخلصت اللجنة إلى أن الجانبين كليهما ارتكبا فظائع لكن معظم الضحايا سقطوا في قصف مدفعي شنه الجيش.
وقال كاميرون للصحفيين "سأكون شديد الوضوح. إذا لم يتم استكمال تحقيق بحلول مارس ساستغل مكانتنا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للعمل مع مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والدعوة إلى إجراء تحقيق دولي مستقل جدي وشامل."
وفي رده على كاميرون كان راجاباكسه يشير فيما يبدو إلى أيرلندا الشمالية التي عانت عقودا من العنف الطائفي بين البروتسانت الذين يطالبون ببقاء الإقليم تحت حكم بريطانيا والكاثوليك الذي يطالبون بالوحدة مع جمهورية أيرلندا إلى أن تم التوصل إلى اتفاق سلام في عام 1998 .
وأشار الرئيس السريلانكي ضمنيا إلى إطلاق الرصاص في "يوم الأحد الدامي" عندما قتل جنود بريطانيون 14 محتجا أعزلا في عام 1972 . وكان تحدث في هذا الموضوع من قبل.
وقال "نحن بذلنا ما في استطاعتنا لكن هناك دولا أخرى لا تزال غير قادرة على نشر تقرير بعد 40 عاما." ونشرت بريطانيا نتائج تحقيق أجرته في أعمال القتل في 2010 . وزار كاميرون منطقة جافنا التي كانت مسرحا للحرب وحث راجاباكسه على بذل المزيد من الجهود سعيا للمصالحة وتفويض السلطة للتاميل.
وأبلغ راجاباكسه كاميرون في اجتماع أمس الجمعة أنه مرت أربعة أعوام فقط على انتهاء الحرب وأن البلاد في حاجة إلى مزيد من الوقت للتغلب على مشاكلها.
ومن المقرر أن تعقد مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اجتماعها التالي في مارس لتقييم مدى التقدم الذي حققته سريلانكا في التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان بما فيها مزاعم جرائم الحرب. ورفضت سريلانكا في السابق السماح للأمم المتحدة بالوصول دون قيد الي مناطق الحرب السابقة.
ومنذ انتهاء الحرب استمر التحرش بمعارضي الحكومة بما في ذلك الاعتداء على صحفيين وعاملين في مجال حقوق الإنسان.
ويثير الوجود الكثيف للجيش في المعاقل السابقة لنمور التاميل بشمال البلاد غضب بعض أبناء التاميل المحليين الذين يشعرون بأنهم يعاملون كأعداء للدولة. وتشكك حكومة سريلانكا التي تضم عددا من عائلة راجاباكسه في أعداد القتلى من المدنيين.
وتقول إن الانتقادات لسجلها في مجال حقوق الإنسان ترقى الي ان تكون تدخلا خارجيا في شؤونها.
وقال وزير التنمية الاقتصادية السريلانكي باسيل راجاباكسه شقيق الرئيس ردا على سؤال بخصوص إمكانية إجراء تحقيق دولي "لن نسمح بذلك وسنعارضه قطعا."
ونظم مؤيدو الحكومة احتجاجات في بضع بلدات في الأيام الماضية واصفين بريطانيا بأنها استعمار جديد.
وقال رئيس سريلانكا إنه أنقذ حياة كثيرين بإنهاء الحرب الأهلية وإنه عين لجنة للتحقيق فيما حدث للمفقودين.
ويقول منتقدون إن التحقيقات التي تجريها سريلانكا ليست محايدة. ويضم الكومنولث 53 دولة معظمها مستعمرات بريطانية سابقة وترأسه الملكة اليزابيث وليس له سلطة أو نفوذ اقتصادي كبير لكنه يساهم أحيانا في حل النزاعات.
وتوقعت سريلانكا حضور زعماء 37 دولة قمة الكومنولث التي افتتحت أمس الجمعة لكن لم يحضر سوى زعماء 27 دولة.
وقاطعت كندا وموريشيوس القمة بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان ولم يحضرها رئيس الوزراء الهندي بسبب ضغوط من طائفة التاميل في الهند. وحققت الحكومة السريلانكية منذ ان انتهت الحرب الأهلية تقدما سريعا في إعادة بناء شمال البلاد الذي دمرته الحرب لاسيما في مشاريع للطرق.
وأدت الانتخابات التي جرت في شمال البلاد في سبتمبر أيلول إلى فوز كاسح حققه حزب معارض ينتمي للتاميل كانت له صلات في السابق بجماعة النمور.