العدد 4088 - الجمعة 15 نوفمبر 2013م الموافق 11 محرم 1435هـ

الأختام الدلمونية الوسطية وتطور هوية دلمون

تناولنا في الفصول السابقة ظهور وتطور الأختام الدلمونية المبكرة التي عرفت أيضاً بأختام الخليج العربي، والتي يرجح أنها ظهرت في حقبة تأسيس دلمون (2200 – 2000 ق. م) في قرابة العام 2100 ق. م، واستمر استعمالها حتى بعد العام 2000 ق. م..

أما في حقبة التوسع فقد ظهرت أختام عرفت باسم الأختام الدلمونية أو الأختام الدلمونية المتأخرة، وهي الأختام التي عثر عليها بكثرة في البحرين وكذلك في جزيرة فيلكا. هناك فرق في فن النقش بين تلك المجموعتين من الأختام؛ فالأختام الدلمونية المبكرة تأثرت بالهوية السندية، أما الأختام المتأخرة فهي متأثرة بالهوية الأمورية - الفراتية أو التي تسمى التأثيرات السورية - الفراتية. إلا أن التغير في هوية الأختام لم يظهر بصورة مفاجئة، بل هناك تدرج في التغير؛ لذلك ظهرت أختام تحمل مميزات كلتا المجموعتين المبكرة والمتأخرة، وهي التي عرفت باسم أختام دلمون الوسطية (Beyer 1989)، (Nayeem 1992)، وأسماها Kjaerum أختام ما قبل دلمون (Kjaerum 1994).

وهذه المجموعة الوسطية أهملت من قبل خالد الساندي في كتابه أختام دلمون الذي طبع باللغة العربية في العام 1994م وترجم للإنجليزية في العام 1999م؛ وقد صنف السندي هذه المجموعة من الأختام الوسطية ضمن أختام دلمون المتأخرة. وبذلك يكون السندي صنف الأختام الدلمونية إلى مجموعتين مبكرة ومتأخرة.

في هذا الفصل سنتناول أمرين، الأول ما يتعلق بتطور هوية دلمون والآخر بالوضعية التصنيفية للأختام الدلمونية الوسطية.

شعب دلمون والهوية الدلمونية

عادة ما تقسم أختام دلمون المبكرة أو أختام الخليج العربي إلى قسمين، الأختام ذات النقوش السندية والأختام عديمة النقوش السندية، أو بمعنى آخر أختام دلمونية مبكرة تحمل هوية سندية وأختام دلمونية مبكرة تعتبر تقليداً للأختام السندية. إلا أن Parpola قسم هذه المجموعة، بحسب التأثيرات السندية إلى خمس مجموعات، تضم المجموعة الأولى أختاماً دلمونية لكنها تعتبر أختاماً سندية بامتياز، أي أن صانع هذه الأختام لا بد أن يكون من حضارة وادي السند. يلي هذه المجموعة ثلاث مجموعات من الأختام تعتبر أختاماً دلمونية متأثرة بحضارة وادي السند، وأن صانعها ربما متثاقف (دلموني – سندي) أو من أحفادهم. أما المجموعة الأخيرة فهي تضم أختاماً دلمونية لكنها تعتبر تقليداً للأختام المتأثرة بحضارة وادي السند (Parpola 2004).

هذا التصنيف يبدو منطقيّاً؛ لأن أختام دلمون المبكرة ظهرت في مرحلة تأسيس دلمون حيث سادت التأثيرات السندية على الهوية الدلمونية، إلا أن Parpola عمم هذا التصنيف الخماسي على أختام أخرى صنعت في دلمون لكنها ظهرت بعد العام 2000 ق. م، أضف إلى ذلك أن During-Caspers لاحظت وجود أختام أضافية تندرج تحت هذا التصنيف (During-Caspers 1995). إذاً، حتى بعد تولي الأموريين السلطة السياسية في دلمون بعد العام 2000 ق. م، لاتزال هناك مجموعات ضمن شعب دلمون تضم شعوباً ذات أصول سندية وأخرى متثاقفة مع الشعوب السندية بالإضافة إلى أحفاد هؤلاء الذين حافظوا على هويتهم. من أين جاءت هذه المجموعات؟، ما هي أختامهم؟، هل توجد دلائل أخرى على وجودهم؟، كل هذه الأسئلة تم تناولها بالتفصيل في عدد من الدراسات وسنخصص لها فصولاً مستقلة نتناول فيها طبيعة الأختام الأخرى التي صنعت في دلمون.

تصنيف الأختام الدلمونية الوسطية

ظهرت الأختام الدلمونية الوسطية بعد العام 2050 ق. م، واستمر استعمالها حتى بعد العام 2000 ق. م؛ وبالتالي كانت هناك حقبة يستعمل فيها كلا النوعين من الأختام، الأختام الدلمونية المبكرة والأختام الدلمونية الوسطية. هذه المجموعة من الأختام لم تتم ملاحظتها إلا في العام 1989م عندما نشر Beyer بحثه عن الأختام الدلمونية، والذي قسم فيه الأختام إلى أربع مجموعات: أختام دلمون المبكرة وأختام دلمون الوسطية وأختام دلمون المتأخرة والتي قسمها إلى قسمين. وفي العام 1992م قلص Nayeem هذه المجموعات الخمس وجعلها ثلاث: أختام دلمون المبكرة، وأختام دلمون الوسطية، وأختام دلمون المتأخرة.

وفي العام 1994م أسمى Kjaerum المجموعات الثلاث في تصنيف Nayeem: أختام الخليج العربي، أختام ما قبل دلمون، أختام دلمون. ويعتبر كلا التصنيفين عند Nayeem وKjaerum متطابقين من حيث التفاصيل لكنهما يختلفان في مسميات المجموعات الثلاث فقط. وتعتبر هذه أفضل طرق تصنيف الأختام الدلمونية التي ظهرت ما بين العامين 2100 - 1600 ق. م.

خالد السندي وضياع الأختام الوسطية

في العام 1994م ظهرت النسخة العربية لكتاب خالد السندي أختام دلمون. وقد استخدم السندي التصنيف القديم للأختام الدلمونية والذي ابتدعته Porada في العام 1971م (وطوره Mughal في العام 1983م)، عند ما كانت أعداد الأختام بسيطة جداً. في هذا التصنيف، تقسم الأختام الدلمونية إلى مجموعتين، الأولى أختام دلمون المبكرة، وهي الأختام التي لا تحتوي على زخرفة الأربع دوائر على الواجهة الظهرية، والثانية أختام دلمون المتأخرة والتي تظهر على واجهتها الظهرية زخرفة الأربع دوائر. وبسبب هذا التصنيف البسيط وقع السندي في عدة مغالطات تصنيفية للأختام الدلمونية، سوف نختصر بعضها في النقاط الآتية:

1 – ضياع مجموعة الأختام الدلمونية الوسطية، وهي ذات أهمية في تحديد التحول التدريجي في هوية دلمون.

2 – بعض الأختام الدلمونية التي ظهرت في قرابة العام 1600 ق. م، شبيهة بالأختام الدلمونية المبكرة التي ظهرت في العام 2100 ق. م، من حيث عدم وجود زخرفة الدوائر الأربع على الواجهة الظهرية، وهذه الأختام صنفها السندي على أنها أختام دلمونية مبكرة (انظر الأختام رقم: 198 و 199 و 200 و 244) (Beyer 1989)، (Denton 1997).

3 – الأختام رقم 10 و 310 يصنفها السندي على أنها أختام دلمونية متأخرة بينما Laursen أعاد تصنيفها كأختام دلمونية مبكرة (Laursen 2010).

4 – ذكر السندي 44 ختماً تنتمي إلى الأختام الدلمونية المبكرة هي: (15، 51، 66، 90، 94، 95، 96، 97، 99، 100، 102، 111، 129، 130، 135، 138، 165، 173، 187، 190، 207، 212، 240، 252، 253، 256، 282، 285، 286، 290، 293، 298، 300، 302، 303، 305، 309، 311، 312، 314، 318، 319، 321)، هذه الأختام لم يذكرها Laursen ضمن قائمة الأختام الدلمونية مبكرة (Laursen 2010) مما يجعل تصنيفها مشكوكاً فيه، إضافة إلى أن بعض هذه الأختام (66، 173، 187، 190، 207، 252، 253) واضح فيها استعمال المثقاب في عملية النقش، وهذه ميزة تميز الأختام الدلمونية المتأخرة.

العدد 4088 - الجمعة 15 نوفمبر 2013م الموافق 11 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً