العدد 4088 - الجمعة 15 نوفمبر 2013م الموافق 11 محرم 1435هـ

السعداوي: التجريب سؤال كوني يذهب إلى النقصان

في أمسية حول المسرح التجريبي

«التجريب سؤال كوني كبير، يذهب إلى النقصان، وليس للاكتمال، والبشرية في تساؤل دائم، والتجريب يحاول أن يجدد السؤال؛ لأن البشرية دائماً مَّا تكتشف أن النتائج التي وصلت إليها ناقصة، فلما جاء العقل وظن الإنسان أنه يستطيع به أن يحل قضاياه كلها، أخذ يؤلهه هو وأداته، ومع الحربين العالميتين تم الارتداد على هذا المفهوم، فلا ثقة بأن الأشياء قابلة لأن تقف وتنتهي في مكان، إنها في حوار دائم ومتجدد ومتحرك وليس من يقين وحقيقة نهائية إلا عند الله».

بهذه المقدمة التأويلية بدأ عرّاب المسرح التجريبي الفنان عبدالله السعداوي مداخلته حول المسرح التجريبي، بالاشترك مع الفنان المسرحي خالد الرويعي، في أمسية ثقافية استضافهما فيها مركز كانو الثقافي.

وذهب السعداوي إلى أن التجريب بدأ في البحرين بالتحديد في 1984 حيث كانت هناك مجموعة من الإرهاصات منها أن عنصري الزمان والمكان المنفصلين، عادة في الإعمال الفنية وفي الحياة صارا يتداخلان في بعضهما بعضاً، بالإضافة إلى أن الخط المستقيم لم يعد هو أقصر الطرق، وتم استبداله بالمتاهة، والعلامات التي تفتح لك دروباً ودروباً، وحياة البشر تكمن في الإضافات على بعضها البعض، فبينما يتعامل طفل مع اللعبة كلعبة فقط، فإن الآخر يفككها وينشئ منها لعبة أخرى، وهكذا تتلاحق الإضافات، ومع ظهور الإنترنت تعقدت المتاهة، وبدأت المعلومات تتدفق، وما عادت للإنسان طاقة وخصوصاً من هم على أطراف الهوامش، وبدأت قوة الإعلام، والتقنية، والعلم في خوض صراع مع الإنسان.

وأكد السعداوي أن المسرح كان رفيق الإنسان منذ وجوده، والفن كان رفيق الإنسان في حركته، كان يريد أن يحذره، فثمن الحياة هو الحذر الدائم، ودائماً ما كان الأدباء يقولون مثلما تنظر أمامك انظر خلفك كما في القصة القصيرة جدّاً حيث يقف كائن وخلفه كائن أخر هو عدوه، وهكذا لا تتوقف السلسلة، وصارت الحياة متداخلة، واشتبك الزمان مع المكان وليس من وطن يستطيع الإنسان أن ينفصل فيه عن العالم وهيمنته، وهنا بدأ التجريب يأخذ مجرى آخر غير ما هو موجود سابقاً.

واستشهد السعداوي بما أكده 500 مسرحي مؤخراً في بريطانيا والذين شبهوا العالم الآن بالقطار السريع الذي يدوس على الأشياء دون أن يفكر، ولأننا لا نستطيع التصدي له، فعلينا أن نقيم المسرح في كل مكان وبمسرحيات صغيرة لعل وعسى أن «نخربش» أمام هذا القطار الخطر الذي يهدد حياة هذا الكائن، وأصروا على أن يكون هذا المسرح موجوداً في كل زمان ومكان ولو بورقة صغيرة.

وعن التجريب في البحرين؛ أكد أن شيئاً من هذه الأفكار والنظريات كانت موجودة، لكن السياسة ومعها كمية كبيرة من الأكاذيب والمصالح كانت تلتهم كل شيء، لكن مع إرهاصات الثمانينات بدأ البعض يلتقط هذه الإشارات ويدفع بها في اتجاه المسرح سواء في نادي مدينة عيسى أو مع إبراهيم خلفان بالتحديد في مسرح الجامعة الذي بدأ بأول مقالة تنزل له بمصطلح التجريب بعنوان: «دعونا نجرب» وفي الوقت الذي بدا المسرح القديم يتباكى على ما أسماه (بالعصر الذهبي والبرونزي) بدأنا في المسرح نجرب ونبحث ما الأشياء التي لم يستعملها المسرح القديم، فوجد أن مفهوم الجسد كمصطلح فلسفي وفني كان معطلاً تماماً لدى الممثل ولم يكن موجوداً، بينما هو أول شيء يتواجد مع الإنسان منذ طفولته حتى الوعي.

وأضاف «وجدنا أن المسرح التجريبي بإمكانه أن يحيي هذا الجسد ومن ثم يصبح أحد مدلولات المسرح التجريبي في البحرين، ومع «الرجال والبحر» يصبح الجسد أساساً في هذه المسرحية، وهناك بوادر أخرى مهمة في التقاء المسرح بالسينما كما مع محمد عواد في «إذا ما طاعك الزمان طيعه»، وثمة إرهاصات أخرى حاول المسرح التجريبي تعميقها، وبحضور الجسد حضر الممثلون بحرية، وظهرت إمكانياتهم المعطلة، وأخذوا يحاورون النص، وبدأ المؤلف يتلاشى، وبدأ المسرح التجريبي يشق له طريقاً متعرجاً، ويقام في كل مكان وليس على خشبة مسرح، وأخذ يفتش عن عدة أماكن يتم فيها اللقاء بشكل آخر، لقاء دائري، لقاء في بيت عتيق، في قلعة، كل مكان قابل لأن يتحول إلى مسرح.

العدد 4088 - الجمعة 15 نوفمبر 2013م الموافق 11 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً