العدد 4088 - الجمعة 15 نوفمبر 2013م الموافق 11 محرم 1435هـ

الحسين... شهيد الإسلام والإنسانية جمعاء

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

في عصر الفضائيات والأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، تعرف العالم الإنساني الكبير على تفاصيل وحيثيات وملابسات فاجعة كربلاء الكبرى التي حدثت فصولها الرهيبة على أرض كربلاء في اليوم العاشر من محرم الحرام عام 61 للهجرة (قبل 1374 سنة هجرية)، والذي نفّذ فيه الفساد والإرهاب المنظم في ذلك اليوم المشهود أفظع جريمة شهدها التاريخ الإنساني، ضد الفضيلة والنقاء الإنساني المتمثلين في سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)، حفيد رسول الله (ص)، بسبب رفضه مبايعة الفساد، بعد أن قال كلمته المشهورة: «مثلي لا يبايع مثله»، وبعد أن رضيت المجتمعات الإسلامية بالذل والهوان والخنوع وقبولها بالأمر الواقع الذي فرض عليها بالنار والحديد تارةً، وبالترغيب تارةً أخرى. وبعد أن وجد الدين ينتهك في جميع أبعاده العقائدية والأخلاقية والإنسانية بصورة صريحة، لم يجد طريقاً لإنقاذه إلا التضحية بنفسه الزكية الطاهرة وبسبعة عشر من خيرة أهل بيته الكرام، وفي مقدمتهم ابنه البار علي الأكبر، وأخوه العباس بن علي، وأكثر من ستين من أخلص أصحابه يتقدمهم الصحابي الجليل حبيب بن مظاهر الأسدي (رضوان الله عليه)، ليكونوا جميعاً قرابين رخيصة لله الواحد القهار، إعلاءً لكلمة التوحيد، وتحقيقاً للعدل والمساواة والإنصاف والعيش الكريم لجميع الناس بلا تمييز.

وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف السامية تحملوا قسوة الحصار الاقتصادي والبطش والتنكيل والتقتيل وسفك الدماء والتمثيل بجسده الشريف، وقتل عدد من أطفاله الصغار الذين لم يبلغوا الحلم ظلماً وعدواناً، دهساً بحوافر الخيول المجنونة، والأسر والسبي والضرب بالسياط لعشرات النساء والأطفال، وفي مقدمتهن رفيقة درب التضحية أخته الحوراء زينب بنت علي، حفيدة الرسول (ص)، وحملهن على جمال ضالعة وغير مهيأة للسفر الطويل، والتنقل بهن من بلدٍ إلى بلد بعد المجزرة الدموية الرهيبة التي ارتكبت ضد أحبتهن وحماتهن، ولكن إيمانهن الراسخ بأهداف قضيتهن وقوة إرادتهن واطمئنانهن لقيادة الإمام الحسين (ع) الذي كان شعاره وقت خروجه من مكة المكرمة إلى العراق في الثامن من شهر ذي الحجة العام 60 هـ، والذي بين من خلاله الأبعاد السياسية والأخلاقية والإنسانية لحركته الإصلاحية، حيث قال: «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، لآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر». كل ذلك أفشل أهداف ومخططات الظلم والفساد، وساعد النساء على تحمل المسير الطويل والتنقل القاسي في أشد الأشهر حرارة وجفافاً، من أرض الفداء كربلاء إلى الكوفة، ثم إلى الشام وصولاً إلى لبنان وأخيراً إلى دمشق، ثم الرجوع ثانية إلى كربلاء فالمدينة المنورة. وقد استغرقت رحلتهن أكثر من 45 يوماً ذهاباً وإياباً، ومنذ ذلك الوقت أصبحت الشعوب المطالبة بالعدل والمساواة والإنصاف في مختلف بقاع الأرض تتطلع إلى ذكرى تلك الثورة في كل عام، ومازال وقع المأساة بكل عناوينها القاسية شديداً على النفس الإنسانية المحبة للعدل والسلام والمقدرة لقيمة الكرامة الإنسانية.

ولا نبالغ إذا ما قلنا أن أصحاب القلوب الإنسانية الشفافة يرون المأساة ببصيرتهم حاضرةً أمامهم بكل تفاصيلها العنيفة، وكأنها حدثت في هذه الأيام. ولهذا مازالوا في يوم الفاجعة يرفعون أصواتهم عاليةً منددين بالإرهاب المقيت بكل أشكاله الوقحة الذي يستهدف الإنسانية المسالمة والبريئة في مختلف بقاع الأرض العربية و الإسلامية والإنسانية.

إن كل ما حدث للإمام الحسين (ع) الذي كان يمثل الأنموذج الأبرز في النقاء والطهارة والإباء والشموخ والغيرة على الدين والإنسانية، كان بسبب مطالبته بتطبيق المبادئ الإنسانية والأخلاقية التي رسخها في قلبه وعقله وفكره ووجدانه جدّه المصطفى (ص)، وأبوه الإمام علي (ع)، وأمه الزهراء الطاهرة البتول (ع). وكان هو الوحيد في عصره العالم العارف بكل تفاصيل وحيثيات الرسالة النبوية التي بلغها جده على مدى 23 سنة، وهو الوحيد دون غيره الذي قال عنه رسول الهدى: «حسين مني وأنا من حسين»، حيث جعله الامتداد الحقيقي الأصيل له في أمته، ليكون العنوان الإنساني الكبير لكل الشعوب المضطهدة في العالم، التي تطالب بحقوقها الإنسانية المشروعة، والمندّدة بكل الأعمال الإرهابية التي تستهدف الإنسانية في كل مكان وزمان، دون أن تأخذها في الله لومة لائم.

لقد كان هدف الإمام الحسين (ع) هو إرساء قواعد الحكم العادل الذي يحقق العدل السياسي والاجتماعي والإنساني بين الناس، الذي لا يسمح لأحد أن يعتدي على حقوق الآخرين الاقتصادية والسياسية والحقوقية، ويريد أن تكون المجتمعات جميعها عزيزة كريمة معتصمة بحبل الله، وأن لا تأخذها شعارات التفرقة بعيداً عن حقيقتها الإنسانية.

كان (ع) يريد أن يوجد لها إصلاحاً سياسياً وأخلاقياً واجتماعياً شاملاً، وأن لا يكون أحدٌ من الناس فوق القانون الإلهي. يريد أن يوجد مجتمعات آمنة مطمئنة على أرواحها ومستقبل أبنائها وأموالها، وغير خائفة ولا وجلة إذا ما أرادت أن تقول كلمة الحق أو التعبير عن رأيها، أو طالبت بإظهار الحقيقة بكل شفافية.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4088 - الجمعة 15 نوفمبر 2013م الموافق 11 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 4:32 ص

      الحسين

      الحسين عليه السلام سفينة النجاة من ركبها نجى ومن تخلف عنها هوى اللهم بحق الحسين عليه السلام ان تفرج عن شعب البحرين .......

اقرأ ايضاً